فوائض الموازنة الجديدة تعزز التوقعات بتنامي تدفق الاستثمارات في السعودية

خبراء لـ «الشرق الأوسط» : وضوح الخطط وتنوع الفرص ومتانة الاقتصاد تفتح شهية المستثمرين

الميزانية السعودية المقدرة بفوائض مالية ترشح لتنامي الاستثمارات الأجنبية (الشرق الأوسط)
الميزانية السعودية المقدرة بفوائض مالية ترشح لتنامي الاستثمارات الأجنبية (الشرق الأوسط)
TT

فوائض الموازنة الجديدة تعزز التوقعات بتنامي تدفق الاستثمارات في السعودية

الميزانية السعودية المقدرة بفوائض مالية ترشح لتنامي الاستثمارات الأجنبية (الشرق الأوسط)
الميزانية السعودية المقدرة بفوائض مالية ترشح لتنامي الاستثمارات الأجنبية (الشرق الأوسط)

تعزز الموازنة السعودية التريليونية، التي جرى إعلانها أخيراً، خطط الحكومة السعودية في استقطاعات الاستثمارات الأجنبية ذات الجودة العالية، والتي يُتوقع، وفقاً لخبراء، أن تشهد تدفق مزيداً من الاستثمارات في أكثر من 14 قطاعاً حيوياً ذات عوائد مالية كبيرة.
وتترقب السوق السعودية، الإعلان عن إصدار تراخيص جديدة لمستثمرين أجانب مع مطلع العام المقبل 2022 يفوق ما جرى تسجيله في الأعوام الماضية، فيما سترتفع التراخيص المشتركة بين المستثمر السعودي والأجنبي، وستشكّل طفرة نوعية في حجم ونوعية الاستثمار المستهدف، خصوصاً أن التوقعات تشير إلى استمرار نمو القطاع الخاص بوتيرة أعلى من السابق، بعد أن قدمت الحكومة السعودية جهوداً لتعزيز دور القطاع الخاص ودعم نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتحقيق تحولات هيكلية تدعم النمو طويل.
وذهب الخبراء بالتوقعات إلى أعلى مدى، حيث أكدوا لـ«الشرق الأوسط» أن الأرقام والضمانات ونوعية الاستثمار والخدمات المقدمة عوامل محفزة، في وقت أشارت البيانات إلى ارتفاع رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر بنحو 85.6 مليار ريال في النصف الأول من عام 2021 مقابل بنحو 9.1 مليار ريال لنفس الفترة من العام الماضي، أي بعد فترة وجيزة بعد جائحة «كورونا».
وتسعى الاستراتيجية الوطنية للاستثمار من خلال برنامج شريك أن يحقق 185.6 مليار ريال من الاستثمارات المحلية بنهاية العام الحالي 2021 مع زيادة عدد الشركات المشاركة في البرامج الذي اعتمد معايير لتقييم الحوافز وآلية لمناقشة مشاريع الشركات والحوافز المطلوبة مع الجهات الحكومية ذات العلاقة لتمكين تحقيق مستهدفات البرنامج، فيما يرى المختصون أن صلابة القطاع النقدي وديناميكيته من العوامل التي يقف عندها المستثمر، وقد أثبت سجل عرض النقود نمواً مع نهاية أكتوبر (تشرين الأول) من العام الحالي، يقدر بنحو 7.5%، فيما ارتفعت الودائع الزمنية والادخارية بنسبة 1.6% على أساس سنوي، كما شهد الائتمان المصرفي الممنوح للقطاع الخاص نمواً يقدّر بنحو 16.1 في الربع الثالث من العام الحالي، مقارنةً بذات الفترة من العام الماضي. وقال عضو لجنة الاقتصاد والطاقة في مجلس الشورى السعودي الدكتور فيصل آل فاضل لـ«الشرق الأوسط» إن الأرقام والمعطيات ونجاح السعودية في مواجهة تحديات الجائحة والوصول إلى ميزانية بفائض، كل ذلك يؤكد قوة الاقتصاد السعودي، وهو ما يبحث عنه المستثمر الأجنبي الذي يركز على جملة من الضمانات في مقدمتها الوضع الاقتصادي، والفرص المتاحة، وسلاسة التعامل بين الجهات المعنية المقدمة للخدمة.
وتابع أن المؤشرات تؤكد تدفق المزيد من الاستثمارات الكبيرة وذات القيمة والتي تتوافق مع أهداف الاستراتيجية الوطنية للاستثمار التي تسعى إلى زيادة جودة وحجم الاستثمارات في المملكة في جميع القطاعات والتي من خلالها رفع مساهمة القطاع الخاص وتحسين ميزان المدفوعات والاقتصاد في المملكة، ودعم وتنمية القطاعات الاستراتيجية، والارتقاء بالاستثمار لتعزيز الابتكار وتطوير المحتوى المحلي.
وعرّج الفاضل على برنامج التخصيص، الذي أسهم في الناتج الإجمالي، وعزز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث يهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى السوق السعودية، وتحسين ميزان المدفوعات المستهدفة، لذلك هناك أكثر من 14 قطاعاً مستهدفاً منها البيئة والمياه والزراعة، والتعليم والصحة، والطاقة، إضافةً إلى الإسكان والثروة المعدنية، موضحاً أن جميع الخطوات التي تقوم بها الحكومة تصبّ في دعم القطاع الخاص وجلب المستثمرين الكبار القادرين على تقديم خدمات متميزة والاستفادة من المعطيات.
وأضاف الفاضل أنه وفقاً للبيانات المعلنة فإن الاستثمارات التراكمية حتى 2030 ستتجاوز 12.4 تريليون ريال، والتي سيكون منها قرابة 2.6 تريليون استثمارات محلية بنحو 2.6 تريليون ريال، والاستثمارات الأجنبية بنحو 1.8 تريليون ريال، مشيراً إلى أن هذه الأرقام تتوافق مع الخطط والإصلاحات الاقتصادية التي تبنتها الحكومة والتي تصب في دعم القطاع الخاص.
إلى ذلك قال الدكتور لؤي الطيار، المستشار في الشأن الاقتصادي، إن صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة للسعودية ستزداد تدريجاً مع بداية العام المقبل، حيث ستكون استثمارات نوعية في قطاعات حيوية تتوافق مع الاستراتيجية الوطنية للاستثمار والتي جرى إطلاقها العام الماضي، وتعد عنصراً أساسياً وممكناً في (رؤية المملكة 2030) لرفع صافي تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى 388 مليار ريال سنوياً بحلول عام 2030.
وأضاف الطيار أن توقعات نمو تدفق الاستثمارات النوعية والكبيرة مبنيٌّ على عوامل مختلفة منها الإصلاح الاقتصادي والفرص الكثيرة والمتنوعة التي جرى طرحها، إضافة إلى حجم مساحة البلد وتعداده السكاني وموقعه، وهو ما تمتلكه السعودية من مساحة كبيرة ونمو سكاني وموقع جغرافي حيوي، مع انفتاح البلاد وتعدد المناسبات السياحية التي تستقطب الزوار من مختلف العالم.
ولفت الطيار إلى أن السعودية أثبتت قدرتها على مواجهة التحديات والتي كان آخرها جائحة «كورونا»، وقدمت الحكومة دعماً كبيراً للقطاع الخاص بمختلف تخصصاتها للحفاظ على هذه الكيانات ومنها المتوسطة والصغيرة، وهذا ما لم يسجَّل في دول اقتصاديات كبرى، وهذه الخطوات عززت مكانة وصلابة الاقتصاد السعودي على المستوى الإقليم والعالمي، خصوصاً أن الميزانية المعلنة تأتي نتاجاً للخطوات التي قامت بها الحكومة لمواجهة الجائحة، ولم تكن هناك تأثيرات سلبية على الاقتصاد المحلي.



هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
TT

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن الرئيس المنتخب دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه الاقتصادي بنجاح، دون الانجرار إلى حرب تجارية شاملة أو تفاقم العجز الفيدرالي.

وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» زيادة تفوق 24 في المائة في عام 2024، مما جعله في الصدارة بين مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا والأسواق الناشئة. وبمعدل 22 ضعفاً للأرباح المستقبلية المتوقعة، فإن علاوته مقارنة بمؤشر «إم إس سي آي» للأسواق من أكثر من 40 دولة، تعد الأعلى منذ أكثر من عقدين، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وعلى الرغم من أن الأسهم الأميركية قد تفوقت على نظيراتها العالمية لأكثر من عقد من الزمان، فإن الفجوة في التقييم قد اتسعت هذا العام بفضل النمو الاقتصادي المتين والأرباح القوية للشركات، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، حيث ساعدت التطورات المثيرة في مجال الذكاء الاصطناعي على تعزيز أسهم شركات رائدة مثل «إنفيديا».

ويعتقد بعض المشاركين في السوق أن أجندة ترمب الاقتصادية، التي تشمل تخفيض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وحتى فرض الرسوم الجمركية، قد تعزز من تفوق الولايات المتحدة، متفوقة على المخاوف المتعلقة بتأثيراتها المزعزعة المحتملة على الأسواق وزيادة التضخم.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في بنك «باركليز»، فينو كريشنا: «نظراً للتوجهات المؤيدة للنمو في هذه الإدارة الجديدة، أعتقد أنه سيكون من الصعب مواجهة الأسهم الأميركية، على الأقل في عام 2025». وكانت هناك مؤشرات على تزايد تفضيل المستثمرين للأسهم الأميركية مباشرة بعد الانتخابات التي جرت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما استقبلت صناديق الأسهم الأميركية أكثر من 80 مليار دولار في الأسبوع الذي تلا الانتخابات، في حين شهدت صناديق الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة تدفقات خارجة، وفقاً لبنك «دويتشه».

ويعد «مورغان ستانلي»، و«يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية، ومعهد الاستثمار «ويلز فارغو» من بين المؤسسات التي توصي بزيادة الوزن للأسهم الأميركية في المحافظ الاستثمارية أو تتوقع تفوقها في العام المقبل.

محرك الأرباح

أحد المحركات الرئيسية لقوة الأسهم الأميركية هو ميزة أرباح الشركات الأميركية، حيث من المتوقع أن ترتفع أرباح شركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.9 في المائة هذا العام وبنسبة 14.2 في المائة في 2025، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وفي المقابل، من المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات في مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 1.8 في المائة هذا العام وبنسبة 8.1 في المائة في 2025.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، مايكل أرون: «الولايات المتحدة تظل المنطقة الجغرافية التي تحقق أعلى نمو في الأرباح وأكبر قدر من الربحية على مستوى العالم».

ويسهم الدور المهيمن للشركات التكنولوجية العملاقة في الاقتصاد الأميركي، وأوزانها الكبيرة في مؤشرات مثل «ستاندرد آند بورز 500»، في تعزيز هذا النمو. إذ تبلغ القيمة السوقية لأكبر خمس شركات أميركية («إنفيديا» و«أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون دوت كوم» وألفابت) أكثر من 14 تريليون دولار، مقارنة بحوالي 11 تريليون دولار لجميع شركات «ستوكس 600»، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.8 في المائة في 2024 وبنسبة 2.2 في المائة في 2025، مقارنة بنسبة 0.8 في المائة هذا العام و1.2 في المائة في العام المقبل لمجموعة من حوالي 20 دولة تستخدم اليورو، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي.

وقد تساعد خطط ترمب لزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الولايات المتحدة في تعزيز هذا التفوق، رغم المخاطر التي قد تترتب على ذلك، وفقاً لما قاله مايك مولاني، مدير أبحاث الأسواق العالمية في «بوسطن بارتنرز»، الذي يفضل الأسهم الأميركية. وقال مولاني: «إذا فرض ترمب رسوماً جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على السلع الأوروبية، فإنهم سيتأثرون أكثر منا بشكل نسبي».

وقد دفع تحكم الجمهوريين في السلطة في واشنطن، ما يسهل على ترمب تنفيذ أجندته، اقتصاديي «دويتشه بنك» إلى رفع توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي في 2025 إلى 2.5 في المائة مقارنة بـ 2.2 في المائة.

وبينما من المتوقع أن تعزز تخفيضات الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية النمو الاقتصادي، فإن الهوامش الضيقة نسبياً في الكونغرس الأميركي وحساسية الإدارة تجاه ردود الفعل السوقية قد تحدان من نطاق بعض السياسات «المتطرفة»، مثل الرسوم الجمركية، كما ذكر البنك في تقريره الأخير.

من جانبه، يتوقع «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6600 في العام المقبل، مدفوعاً بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وانخفاض أسعار الفائدة، وتخفيضات الضرائب، وإلغاء القيود التنظيمية. وأغلق المؤشر عند 5948.71 يوم الخميس. مع ذلك، قد تؤدي حرب تجارية شاملة مع الصين ودول أخرى إلى التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الأميركي وزيادة التضخم. وفي سيناريو يتم فيه فرض دول ردود فعل على الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة، قد ينخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 5100، رغم أن الأسهم العالمية ستتراجع أيضاً، وفقاً لتوقعات «يو بي إس».

ويمكن أن تكون بعض القطاعات في السوق أكثر عرضة لتأثيرات سياسات ترمب، حيث أدت المخاوف بشأن خطط تقليص الفائض البيروقراطي إلى تراجع أسهم شركات المقاولات الحكومية الأسبوع الماضي، بينما تراجعت أسهم شركات الأدوية بعد اختيار ترمب للمشكك في اللقاحات روبرت ف. كينيدي جونيور لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

كما قد تثير التخفيضات الضريبية الواسعة القلق بشأن زيادة الدين الأميركي. وقد أسهمت المخاوف المتعلقة بالعجز في تراجع بيع السندات الحكومية الأميركية مؤخراً، مما دفع عائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر الأسبوع الماضي.

وفي الوقت نفسه، قد تصبح الفجوة في التقييم بين الولايات المتحدة وبقية العالم واسعة لدرجة تجعل الأسهم الأميركية تبدو باهظة الثمن، أو قد تصبح الأسهم الدولية رخيصة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، في الوقت الراهن، تظل الاتجاهات طويلة المدى لصالح الولايات المتحدة، مع ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 180 في المائة مقارنة بارتفاع بنسبة 50 في المائة تقريباً لمؤشر «ستوكس» في أوروبا على مدار العقد الماضي. وقال رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في «روبيكو»، كولين غراهام: «الزخم شيء رائع. إذا كان لديك شيء يستمر في التفوق، فإن المستثمرين سيتبعون الأموال».