هند صبري: إيناس الدغيدي أدخلتني «هوليوود الشرق» و«صمت القصور» بوابتي الفنية

أشادت بطاقة السعوديين الإبداعية في «البحر الأحمر السينمائي الدولي»

هند صبري خلال الجلسة الحوارية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي
هند صبري خلال الجلسة الحوارية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي
TT

هند صبري: إيناس الدغيدي أدخلتني «هوليوود الشرق» و«صمت القصور» بوابتي الفنية

هند صبري خلال الجلسة الحوارية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي
هند صبري خلال الجلسة الحوارية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي

نظّم مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي الذي تستضيفه «جدة التاريخية»، جلسة حوارية مع الممثلة هند صبري، في إطار فعالياته، تحدثت خلالها عن تجربتها في تحكيم الأفلام، كونها أحد أعضاء لجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة في المهرجان، التي سيترأسها المخرج الإيطالي العالمي الكبير جوسيبي تورناتوري، كما تحدثت عن مسيرتها المهنية، وأبرز أعمالها السينمائية، بداية من فيلم «قصور».
واعتلت هند صبري الممثلة التونسية المقيمة في مصر خشبة مسرح (سينما البلد1)، وسط تصفيق حار من جمهورها في السعودية الذي بادلته مشاعر الحب والامتنان وقالت إنّ الحب الذي شعرت به في السعودية لم تره في أي مكان في العالم، وإنّها بالفعل نسيت كل التعب الذي قدِمت به بسبب كثرة التصوير والتنقل والسفر الذي سبق حضورها.
وبدأت هند صبري جلستها الحوارية مع براء عالم، بالإشادة برقي ذائقة المجتمع في السعودية ورقي الحاضرين للمهرجان، والطاقة الإبداعية الخلاقة التي وجدتها عند الشباب، والقوة والعزيمة التي تتمتع بها النساء السعوديات.
وتحدثت عن تجربتها في أول أفلامها «صمت القصور»، الذي لا يزال بعد ربع قرن على عرضه، يتصدر المراتب الأولى في استفتاءات أفلام المرأة، وقد حصل على المرتبة الأولى في استفتاء أفضل 100 فيلم للمرأة في تاريخ السينما العربية لمهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة 2021. كما احتل المرتبة الخامسة لأفضل فيلم عربي حسب استفتاء مهرجان دبي السينمائي 2013. وحاز جائزة الكاميرا الذهبية في مهرجان كان 1994.
وقالت عنه هند صبري إنّ من المحطات المهمة لجميع التوانسة، وقد حقق الفيلم صدى عالمياً كبيراً، أما على الصعيد الشخصي فكان بوابة دخولها عالم النجومية في سن مبكرة، وهو ما جعلها تتحمل مسؤولية كبيرة للحفاظ على المكانة التي حظيت بها.
ولفتت صبري إلى أنّ الاختيار الأول في «صمت القصور» كان للمثلة دُرة زروق، ولكن بسبب رفض أسرتها وقع عليها لتلعب دور المراهقة عالية، مشيرة إلى أنّ الفيلم كان معقداً على بنت عمرها 14 سنة، ولكنها استمتعت بالتجربة، وقامت بالعمل الثاني «موسم الرجال» بعد خمس سنوات، واستمرت في التمثيل وإنتاج الأفلام لمدة عشر سنوات متواصلة لم تتوقف إلا في جائحة «كوفيد - 19». التي أجبرت العالم كله على السكون.
ورأت هند صبري أنّ فترة جائحة «كورونا»، أجبرت جميع سكان الكرة الأرضية على الجلوس مع النفس، ومعرفة ما هي الأولويات، وأنّها في هذه الفترة استمتعت بقضاء وقت مع عائلتها الصغيرة وصنع الكيك والسوشي لبناتها عاليا وليلى، إلا أنّ الفترة طالت جداً، وبدأت هند تشتاق إلى العودة للعمل ومواقع التصوير.
وقالت هند صبري: «في هذه الفترة جرت أحداث عميقة، تستحق أن تظهر سينمائياً ولكن ليس الآن، علينا أن ننتظر ما لا يقل عن سنتين لنعرف بصورة أوضح كيف غيرتنا (كورونا)، وما هي الآثار التي تركتها فينا، والأعمال الأجمل والأعمق تأتي دائماً بعد الأزمة بفترة ولا تأتي مباشرة، كي لا تكون ساذجة).
واعتبرت هند صبري فيلمها الأول «صمت القصور» أول تعريف عنها في تونس، فيما كان فيلم «مذكرات مراهقة»، بطاقة تعريفها في مصر، مرجعة السبب للمخرجة إيناس الدغيدي التي تقابلت معها في بهو فندق، وبعدها تغيرت حياتها واتجهت لـ«هوليوود الشرق» مصر.
وتحدثت هند صبري عن الهجوم والتنقيص الذي تعرضت له على المستوى الشخصي بعد فيلم «مذكرات مراهقة»، قائلة: «أنا كنت أمثل في مجتمع يكسر كل التابوهات، وجئت إلى مصر بثقافة فنية مختلفة، ولكن الهجوم الذي تعرضت له كان بمثابة تجربة تعلمت منها وأكسبتني ثقافة وقوة».
وبعد «مذكرات مراهقة» شاركت هند صبري في عدة أفلام منها، «مواطن ومخبز وحرامي»، و«وسط البلد»، و«ملك وكتابة»، و«عمارة يعقوبيان»، و«الجزيرة»، الذي شبهته بفيلم «the godfather» كونه يحكي عن شخصيات أسطورية موجودة في الواقع، وفيه ملحمة فنية قوية. كما تطرقت لـ«جنينة الأسماك» ووصفته بأنّه فيلم ذو شفرة خاصة لم تفهمها حتى الآن، وفي كل مرة تقابل فيها المخرج يسري نصر الله، تطلب منه أن يشرح لها قصة الفيلم إلا أنّها لا تفهم شيئاً أيضاً، وينتهي النقاش معه بقولها «خلاص مش مهم أفهَم، المهم إنك فاهم».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».