وفد إيران يضع عقبة جديدة أمام انعاش «الاتفاق النووي»

فريق باقري كني قدم لائحة إضافية للعقوبات الأميركية

صورة نشرها أوليانوف على «تويتر» لاجتماع أطراف «النووي» والوفد الأميركي برئاسة روب مالي أول من أمس
صورة نشرها أوليانوف على «تويتر» لاجتماع أطراف «النووي» والوفد الأميركي برئاسة روب مالي أول من أمس
TT

وفد إيران يضع عقبة جديدة أمام انعاش «الاتفاق النووي»

صورة نشرها أوليانوف على «تويتر» لاجتماع أطراف «النووي» والوفد الأميركي برئاسة روب مالي أول من أمس
صورة نشرها أوليانوف على «تويتر» لاجتماع أطراف «النووي» والوفد الأميركي برئاسة روب مالي أول من أمس

أضيفت عقبات جديدة إلى المحادثات النووية مع إيران في فيينا، بعدما قدم الوفد الإيراني لائحة إضافية عن عقوبات أميركية يطالب برفعها، في وقت تستعد فيه بريطانيا على ما يبدو لفرض عقوبات على إيران في حال وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود.
وأفادت مصادر إعلامية مقربة من الوفد الإيراني المفاوض برئاسة علي باقري كني، بأن اللائحة الجديدة تتعلق بالعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران عشية استئناف المحادثات النووية. وأبلغ الوفد الإيراني على ما يبدو المفاوضين أن هذه العقوبات «يمكن أن تكون لها آثار معاكسة وتزيد من تعقيد المحادثات الجارية».
كانت الخزانة الأميركية قد أصدرت لائحة عقوبات جديدة يوم الأربعاء الماضي، تتضمن إضافة 9 أشخاص و4 كيانات إلى لائحة العقوبات لتورطهم بانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وجاء على رأسهم قائد قوات «الباسيج» التابعة لـ«الحرس الثوري»، غلام رضا سليماني. ورد حينها المتحدث باسم الخارجية الإيرانية على العقوبات بالقول إن إضافة «عقوبات لن يؤدي إلى خلق تأثير أقوى، وهو يدل على أي شيء باستثناء الجدية وحسن النيات». وليس للعقوبات الجديدة أي علاقة بالاتفاق النووي. ولكن الوفد الإيراني يريد من واشنطن رفعها، كما يصر على رفع العقوبات السابقة التي فرضتها إدارة دونالد ترمب بعد خروجها من الاتفاق النووي، والتي ليس لها علاقة بالاتفاق، وهو ما يرفضه الأميركيون.
يأتي التعنت الإيراني في وقت لوحت بريطانيا بفرض عقوبات جديدة على إيران إذا تعثرت المفاوضات، حسب ما نقلت صحيفة «ديلي تلغراف»، السبت الماضي. وبعد ذلك بيوم جاء تحذير وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس، أن «هذه الفرصة الأخيرة أمام إيران للانخراط بالمفاوضات بشكل جاد».
وحسب الصحيفة البريطانية، أن لندن تعد لمجموعة من خيارات العقوبات التي يمكنها أن تعيد فرضها على إيران، منها العودة لفرض العقوبات الاقتصادية التي كانت قبل الاتفاق النووي. وقالت إن «المسؤولين البريطانيين قلقون من تقدم برنامج إيران النووي بينما هي تماطل في المحادثات». وهذه هي المخاوف نفسها التي عبر عنها الطرف الأميركي، محذراً من أنه يعد لخطة «ب» في حال لم تبد إيران جدية في التفاوض. وواصلت اللجان المختصة في مفاوضات فيينا، اجتماعاتها خلف الأبواب المغلقة، وسط احتدام الخلاف على المقترحات الإيرانية.
وكتب رئيس الوفد الروسي المفاوض، السفير ميخائيل أوليانوف على «تويتر»، أن المباحثات مستمرة حول الورقتين اللتين تقدم بهما الوفد الإيراني الأسبوع الماضي، وأن قراراً سيتخذ قريباً حول «القبول بها أو رفضها أو تعديلها». وقال في تغريدة لاحقة إن العديد من القضايا العالقة لا تزال قائمة لكن المفاوضين يعملون بجدية لتضييق الخلافات. وجاءت تغردية أوليانوف بعد اجتماع بين أطراف الاتفاق النووي (بدون إيران) والوفد الأميركي في وقت متقدم من مساء الاثنين.
وعلق المستشار المرافق للوفد الإيراني في فيينا، محمد مرندي، على «تويتر» بشأن المقترحات الإيرانية التي أثارت فزع الدول الغربية الأسبوع الماضي، قائلاً إن «الاختلافات وعدد الأقواس والفراغات الموجودة في مسودة 20 يونيو (حزيران) هي أكبر وأشمل بكثير من المسودتين اللتين تقدمنا بهما». وأضاف أن النصين الجديدين «كان هدفهما توضيح بعض القضايا وحل تناقضات بين النص والاتفاق» النووي.
وكان الوفد الإيراني قد تقدم في نهاية الجزء الأول من الجولة السابعة بمسودتين إضافيتين طلب ضمهما إلى المسودة الموجودة، شكلت صدمة للدول الغربية لأنها تتراجع عن معظم ما تم الاتفاق عليه في الجولات السابقة مع الوفد الإيراني السابق برئاسة عباس عراقجي. واعتبر الغربيون أن المسودتين الجديدتين لا يمكن أن يشكلا أساساً لاستكمال المفاوضات، ولكنهم وافقوا على مناقشتهما بعمق.
والجانب الروسي يرفض «التصعيد الغربي»، وقد انتقد أوليانوف العقوبات الأميركية التي فرضت عشية الجولة السابعة. وقال إنها «لا تساعد بخلق أجواء إيجابية»، وإن على الولايات المتحدة الكف عن اتخاذ خطوات كتلك يمكنها أن تعقد المفاوضات أكثر.
ويلعب أوليانوف دوراً أساسياً في الوساطة بين الطرفين الأميركي والإيراني، إذ بقي مجتمعاً ليل أول من أمس برئيس الوفد الأميركي روبرت مالي، لأكثر من ساعة بعد مغادرة كامل الوفود التي كانت عقدت اجتماعاً مع مالي. وشوهد المسؤولان يخرجان سوياً من القاعة التي كانت تستضيف الاجتماع الموسع الذي شاركت فيه أطراف الاتفاق النووي، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي. ويرفض الدبلوماسي الروسي اعتبار نفسه «وسيطاً»، ويقول إن هذه مهمة الاتحاد الأوروبي، ولكن العلاقة الشخصية الجيدة مع مالي، التي تعود لسنوات طويلة، وقربه كدبلوماسي روسي من الوفد الإيراني في الوقت نفسه، يجعله مناسباً للعب دور الوسيط.
وجرت مباحثات روسية - إيرانية على مستوى أعلى، أمس، تتعلق كذلك بالمفاوضات النووي، إذ نقلت وكالة «تاس» أن اتصالاً هاتفياً جرى بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الإيراني أمير عبد اللهيان، بناءً على طلب الطرف الإيراني. وحسب وكالة الأنباء الروسية، فإن الطرفين شددا على «اهتماماتهما المشتركة في إعادة العمل بالاتفاق النووي بصيغته التي تم الاتفاق عليها» في عام 2015.



«الحرس الثوري»: سماء إسرائيل مفتوحة أمامنا

المتحدث باسم «الحرس الثوري» علي محمد نائيني خلال مؤتمر صحافي الاثنين (تسنيم)
المتحدث باسم «الحرس الثوري» علي محمد نائيني خلال مؤتمر صحافي الاثنين (تسنيم)
TT

«الحرس الثوري»: سماء إسرائيل مفتوحة أمامنا

المتحدث باسم «الحرس الثوري» علي محمد نائيني خلال مؤتمر صحافي الاثنين (تسنيم)
المتحدث باسم «الحرس الثوري» علي محمد نائيني خلال مؤتمر صحافي الاثنين (تسنيم)

قال «الحرس الثوري»، على لسان المتحدث باسمه، إن «سماء الكيان الصهيوني مفتوحة وغير محمية بالنسبة لإيران»، مضيفاً: «لا يوجد أي عائق لتنفيذ عمليات جديدة ضد إسرائيل في الوقت المناسب»، نافياً تضرّر الدفاعات الجوية وتعطّل دورة إنتاج الصواريخ في الهجوم الذي شنّته إسرائيل نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأفاد الجنرال علي محمد نائيني، في مؤتمر صحافي، بأن المناورات الهجومية والدفاعية التي بدأتها قواته مع الجيش الإيراني تستمر لثلاثة أشهر، لافتاً إلى أنها «تجسّد صفحة جديدة من قوة الردع الإيرانية»، وتشمل الكشف عن «مدن صاروخية وتجارب صواريخ باليستية».

وأضاف أن «الجمهورية الإسلامية كانت مستعدة تماماً للمعارك الكبرى والمعقّدة والصعبة على أي مقياس منذ وقت طويل».

وأشار نائيني ضمناً إلى التطورات السورية، والإطاحة بنظام بشار الأسد. وقال في مؤتمر صحافي إنه «بسبب تحولات الأسابيع الأخيرة، نشأت لدى العدو حالة من الحماس الكاذب والفهم الخاطئ؛ حيث حاول تصوير التطورات الحالية على أنها ضعف للجمهورية الإسلامية الإيرانية من خلال حرب إدراكية»، حسبما أوردت وكالة «إيسنا» الحكومية.

وأشار نائيني إلى تبادل الضربات المباشرة وغير المسبوقة بين إيران وإسرائيل في أبريل (نيسان) وأكتوبر الماضي. وقال إن الهجومين الإيرانيين «كانا جزءاً صغيراً فقط من القوة اللامتناهية».

وأضاف أن «العدو يعلم أن السماء فوق الأراضي المحتلة مفتوحة وغير محمية بالنسبة لنا على خلاف دعايتها الإعلامية، ويمكننا التحرك بحجم ودقة وسرعة أكبر، مع قدرة تدميرية أكبر». وتابع: «العدو يقوم يومياً بإنتاج قضايا وأفكار مشكوك فيها للتأثير في الإرادة والروح الوطنية».

وتوعّد نائيني بما وصفه «بتغيير إدراك العدو المضلل مرة أخرى»، وأردف: «نقول لأعدائنا إننا دائماً مستعدون، وعلى أهبة الاستعداد، ولا نتهاون أبداً. في اللحظة التي تُعطى فيها الأوامر، سنُظهر قوتنا كما في السابق».

وزاد أن المناورات «هي قصة القوة والثبات والردع». وقال إن «العدو الصهيوني يعاني من وهم وخطأ في الحسابات». وأضاف أن رسالة المناورات الدفاعية والهجومية «ستصل إلى العدو في الأيام المقبلة».

قادة من الجيش و «الحرس الثوري» خلال جلسة تنسيقية للمناورات في غرب البلاد (تسنيم)

وبدأ الجيش الإيراني والوحدات الموازية في «الحرس الثوري» مناورات سنوية تستمر لمدة ثلاثة أشهر، في البر والبحر والجو.

وقال نائيني إن «الجزء الأساسي من المناورات سيكون في يناير، وسيستمر حتى نهاية العام، وهي مناورات دفاعية وهجومية وتركيبية، تم تصميمها استجابة للتهديدات الأمنية الجديدة».

ولفت المتحدث إلى أن المناورات «أقرب للتمارين على محاكاة المعارك الفعلية». وقال إن «الهدف الرئيسي منها هو تعزيز القوة لمواجهة التهديدات العسكرية المحتملة، والتصدي للإرهاب والتخريب في البلاد، ورفع الروح الوطنية، وتغيير حسابات العدو».

وقال إن «ادعاءات إسرائيل بشأن ضعف دفاعات إيران بعد هجوم 26 أكتوبر غير صحيحة؛ إذ لم تتوقف إيران عن إنتاج الصواريخ، ونظامها الدفاعي مستمر ومتطور».

وبشأن التهديدات التي كرّرها مسؤولون إيرانيون لشن عملية إيرانية ثالثة ضد إسرائيل، قال نائيني إنه «لا يوجد أي عائق لتنفيذ عمليات جديدة ضد إسرائيل في الوقت المناسب».

وأضاف أن «الشعب الإيراني يثق بذكاء وتدبير قادته العسكريين، وأن أي عملية مستقبلية ستكون أكثر قوة ومفاجأة». وأشار إلى أن «العدو يتلقى رداً على شروره بأساليب متنوعة وفي مواقع جغرافية متعددة».

وذكر في السياق نفسه، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي «خسر ألف جندي منذ (طوفان الأقصى)». وعدّ نائيني دعم «المقاومة وتطوير التعبئة العالمية» بأنها «أساس في العقيدة العسكرية الإيرانية».

وأضاف في السياق ذاته أن عملية «(الوعد الصادق) أظهرت ضعف أجواء الكيان الصهيوني أمام الهجمات الإيرانية».

ومع ذلك، أشار إلى أن إيران لن تبدأ أي حرب، لكن المناورات المقبلة تهدف إلى تعزيز الردع والاستعداد الدفاعي والهجومي لحماية الشعب والثورة ومواجهة أي تهديد.

وقالت وسائل إعلام إيرانية، الاثنين، إن الدفاعات الجوية أجرت تدريبات قرب المواقع الحساسة.

وقال نائيني إن الدفاعات الجوية التابعة للجيش أجرت مناورات قرب منشأة نطنز النووية في وسط البلاد. كما أشار إلى نشر وحدة «صابرين» للقوات الخاصة في الوحدة البرية لـ«الحرس الثوري» في غرب البلاد.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية مطلع أكتوبر الماضي (أرشيفية - رويترز)

ضربات متبادلة

في أوائل أكتوبر، أعلنت إيران عن إطلاق 200 صاروخ باتجاه إسرائيل، حيث أفادت تل أبيب بأن معظم هذه الصواريخ تم اعتراضها بواسطة دفاعاتها الجوية أو دفاعات حلفائها.

وأكدت طهران أن الهجوم جاء رداً على اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، بالإضافة إلى قيادي في «الحرس الثوري» الإيراني، وذلك خلال غارة إسرائيلية استهدفت جنوب بيروت، إلى جانب اغتيال هنية.

في 26 أكتوبر، شنّت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارات على مواقع عسكرية في إيران، مستهدفة منشآت صاروخية ومنظومات رادار، ما أدى إلى تدميرها.

وحذّرت إسرائيل إيران من أي ردّ إضافي بعد تعهد مسؤولين وقادة عسكريين إيرانيين بتنفيذ عملية ثالثة. وجاء تصاعد التوترات قبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية الأميركية، التي أُجريت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، وأسفرت عن فوز دونالد ترمب.

في 3 نوفمبر، أعلنت الولايات المتحدة عن نشر قدرات عسكرية جديدة في الشرق الأوسط، من المتوقع أن تصل «خلال الأشهر المقبلة»، في خطوة تهدف إلى «دعم إسرائيل» وتحذير إيران، وفقاً لبيان صادر عن البنتاغون.

صورة من فيديو يظهر تصاعد الدخان من موقع عسكري في ضواحي طهران 26 أكتوبر الماضي (شبكات التواصل)

وشهد شهر أبريل (نيسان) الماضي تبادلاً غير مسبوق للضربات المباشرة بين إيران وإسرائيل، رغم تجنبهما الانزلاق إلى حرب شاملة.

في 13 أبريل، تصاعدت المخاوف من اندلاع تصعيد إقليمي حين شنت إيران هجوماً غير مسبوق باستخدام طائرات مسيّرة وصواريخ استهدفت الأراضي الإسرائيلية، وذلك رداً على ضربة جوية استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق ونُسبت إلى إسرائيل.

وفي 19 أبريل، سُمع دوي انفجارات في وسط إيران، حيث أفادت وسائل إعلام إسرائيلية وغربية بوقوع هجوم استهدف مطاراً عسكرياً في مدينة أصفهان. يُعتقد أن هذا المطار يتولى حماية منشأة «نطنز»، وهي المحطة الرئيسية لتخصيب اليورانيوم في إيران.