هاني أبو أسعد: أقاوم «الصهيونية» بالدراما الإنسانية العميقة

المخرج الفلسطيني قال لـ «الشرق الأوسط» إنّه يرحب بالنقد بلا تخوين

المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد
المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد
TT

هاني أبو أسعد: أقاوم «الصهيونية» بالدراما الإنسانية العميقة

المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد
المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد

قال المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد إنّ فيلمه «صالون هدى» المشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان البحر الأحمر مأخوذ عن واقعة حقيقية حدثت بالفعل، مشيراً إلى أنّه بنى شخصيات خيالية عبر واقعة حقيقة. وعبر أبو أسعد في حواره لـ«الشرق الأوسط» عن سعادته بالاستقبال الذي حظي به فيلمه، مشيراً إلى أنّ الجمهور السعودي متعطش للسينما ومتذوق جيد لها، وأشار إلى أنّه يرحب بأي انتقاد للأفلام وصناعها بشرط أن يكون دون تخوين أو تكفير، وذلك على خلفية الاتهامات التي لاحقت فيلم «أميرة» أخيراً.
وافتتح «صالون هدى» عروض أفلام المسابقة الرسمية في برنامج المهرجان، وقد أثار ردود فعل واسعة لجرأة القضية التي تتناول قصة الخيانة والانتماء والحرية، من خلال واقعة حقيقية لصاحبة إحدى صالونات التجميل النسائية، التي تعمل على اصطياد ضحاياها اللاتي يترددن عليها لتصفيف شعرهن، فتُخدّرهن وتصوّرهن في أوضاع غير لائقة لتجنيدهن لصالح الموساد. الفيلم من بطولة ميساء عبد الهادي، وعلي سليمان ومنال عوض.
وعن مشاركة الفيلم في مهرجان «البحر الأحمر» يقول أبو أسعد: «أرحب بالمهرجان السعودي، وأرى أنّه كلما كثرت المهرجانات السينمائية العربية كان أفضل، وعن نفسي كسينمائي، يهمني في أي مهرجان حضور الجمهور والصحافة والزملاء، وقد سعدت كثيراً بالحضور الكبير للجمهور السعودي وحفاوة استقباله للأفلام، فهذا أول مهرجان يقام في بلده، لذا فهناك تعطش لديه لمشاهدة الأفلام، هذا أمر مدهش للغاية، كما أنّ فرصة لقاء صناع السينما تعطي تبادلاً للأفكار، وهناك مفاوضات لمشاريع فنية مقبلة في السعودية ومصر».
وبشأن اعتماده على قصة حقيقية وقعت في فلسطين يبرر أبو أسعد ذلك قائلاً: «طالما ظلت فلسطين قيد الاحتلال، ستبقى هناك قصص حقيقية تستحق أن تروى، فليس لدينا رفاهية الحكي عن قصص عادية، ستظل قصصنا مرتبطة بالواقع تحت الاحتلال، نحن لا نقدم سينما للسينما، بل للتعبير عن بلد يقاوم بكل السبل، وقد سعدت بأن يفتتح فيلمي عروض الأفلام في مهرجان البحر الأحمر، فالسياسة اليوم تحاول ألا تكون قضية فلسطين قضية مركزية، والصهيونية التي زرعت في فلسطين لم تكن فقط من أجل الاستيلاء على أرضنا، بل أيضاً لإضعاف العالم العربي».
يتمتع فيلم «صالون هدى» بإيقاع محكم ومتوازن من البداية للنهاية، لمخرج اعتاد كتابة سيناريوهات أفلامه، وحسبما يؤكد أبو أسعد: فإنّ «السيناريو هو العمود الفقري للفيلم وهو الذي يحدد إيقاعه، لعل أكثر شيء أحبه هو كتابة السيناريو وأشعر بمتعة كبيرة لذلك. فعليه يرتكز كل شيء. وأنا أحب التعمق في اللغة السينمائية وكيف نترجم السيناريو إلى صورة وصوت وشخصيات من لحم ودم».
ولفت أبو أسعد إلى أنّ المخابرات الإسرائيلية استغلت صالونات التجميل لتُسقط بنات. وقد بنَيت السيناريو على الواقعة لأنطلق منه إلى لعبة سينمائية مثيرة، من خلال شخصيتين، الأولى هدى، والثانية ريم، وتسير الأحداث في خط متوازٍ بينهما.
واختار المخرج أبو أسعد، الممثلين علي سليمان، وميساء عبد الهادي، ومنال عوض، الذين تعاون معهم مسبقاً، وعن هذا الاختيار يؤكد: «قبل كتابة السيناريو لم يكن في ذهني أحد؛ ولكن بعدما رأيت أنّ هناك ثلاث شخصيات رئيسية قبل الكتابة اتصلت بعلي وميساء ومنال وقلت لهم إنني لا أرى غيركم في الشخصيات، فهل توافقون مبدئياً؟ فوافق الثلاثة. فكتبت السيناريو وهم في ذهني. وكان هذا أكثر راحة لي. فأنا أتخيلهم في كل مشهد».
ويرى المخرج الفلسطيني الذي وصل فيلمه «الجنة الآن» إلى التصفيات النهائية في مسابقة الأوسكار أنّ السينما أداة لتأكيد الهوية الثقافية، وحسبما يؤكد: «نحن تحت احتلال يهدف إلى تهجير الفلسطينيين عن الأرض، وإذا لم يستطع ذلك، فهو يعمل على محو هويته، وعلى رأسها الهوية الثقافية. وتُعد السينما جزءاً مهماً من هذه الثقافة تبقي الشعب حيّاً في إنتاجه الثقافي والعلمي؛ فشكسبير كتب مسرحيات لا تزال مستمرة حتى يومنا، لأنّه تناول قضايا إنسانية عميقة وهذا ما أحاول فعله، تقديم دراما تتجاوز فكرة الزمن، وهذا ما يكسر الاحتلال أكثر وأكثر».
خاض أبو أسعد تجربة العمل في هوليوود من خلال فيلم «جبل بيننا»، الذي لعبت بطولته كيت وينسلت وإدريس آلبا. وهو يؤكد أنّ لديه مشروعات لأفلام أخرى، قائلاً: «كورونا عطلت كل المشروعات. ولدي أعمال أفلام أتطلع للبدء بها خلال 2022».
دخل أبو أسعد طرفاً في أزمة فيلم «أميرة» التي تفجرت أخيراً، بصفته مستشاراً للفيلم وشريكاً إنتاجياً، مدافعاً عن المخرج محمد دياب، ومتضامناً مع الأسرى في الوقت ذاته، ويقول: إنّ «محمد دياب مخرج رائع، لي الشرف أنني تعاملت معه؛ ولكن لم ينتبه أحد أن أبناء الأسر الفلسطينية من النطف المحررة قد يزعجهم طرح الموضوع، لم ينتبه أحد لهذه الحساسية، فالأسرى شيء (مقدس) عند الفلسطينيين كافة، إنّهم يدافعون في السجون عن حريتنا، ويدفعون ثمناً باهظاً لذلك، لذا فقد أثارت حساسيتهم غضب الشارع، وأنا حالياً مع وقف كل العروض لأنّه لا يمكن التغافل عن شعورهم، ولا بد أن تؤخذ حساسيتهم في الاعتبار، ولا بد من فتح الحوار مع مسؤولي ملف الأسرى لنرى كيف يمكننا التعامل مع هذه الأمور. لا شك أنّ جمهوراً عريضاً شاهد الفيلم وتفاعل معه متعاطفاً بشكل مذهل مع قضية الأسرى، لذا أسعى للتوفيق بين المخرج محمد دياب والمنتج محمد حفظي من جهة ومسؤولي ملف الأسرى من جهة ثانية، للبحث عن صيغة تكون مقبولة لدى الجميع. لأنّ مطالب الأسرى فوق أي اعتبار، وقد جاء قرار وقف العرض من أسرة الفيلم، مما يؤكد احترامهم لما أثارته عائلات الأسرى. أنا شخصياً أرحب بالانتقاد من دون تخوين أو تكفير».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.