«لينكد إن» تطرح تساؤلات بشأن استخدامات «جيل زد» لتطبيقات التواصل

«لينكد إن» تطرح تساؤلات بشأن استخدامات «جيل زد» لتطبيقات التواصل
TT

«لينكد إن» تطرح تساؤلات بشأن استخدامات «جيل زد» لتطبيقات التواصل

«لينكد إن» تطرح تساؤلات بشأن استخدامات «جيل زد» لتطبيقات التواصل

في خطوة تثير الكثير من التساؤلات حول استخدامات «جيل زد»، أو ما يسمى «جيل الإنترنت» لتطبيقات التواصل الاجتماعي. أصدرت منصة «لينكد إن» المتخصصة في التوظيف تقريراً مفصلاً عن كيفية تعامل هذا الجيل والتفاعل معه، كمنصة للتوظيف والتواصل الاجتماعي.
متخصصون يرون في التقرير المستحدث جملة من الدلالات والمؤشرات حول مستقبل «جيل زد»، أهمها أن «جيل زد» أصبح سوقاً مهمة، وقريباً سيصبح المستهلك الرئيسي في العالم، ولذلك لا بد من دراسة اهتماماته والعوامل المؤثرة فيه وفي تصرفاته وانعكاسات ذلك على السوق. ولقد أشار بعض هؤلاء إلى أن «لينكد إن» اجتذبت خلال السنوات الأخيرة فئة الشباب كغيرها من تطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي، لأن المنصة عززت فكرة التواصل المهني. ورأوا أنه فيما يتعلق بأمور التواصل، وبخاصة في شؤون الحياة اليومية، تظل منصات مثل «تيك توك» و«سناب تشات» و«إنستغرام» هي الأقرب إلى هذا الجيل.
«لينكد إن» كشفت في تقريرها الذي صدر مطلع ديسمبر (كانون الأول) الجاري عن أن «هناك نحو 78 مليون شخص من (جيل زد) على المنصة، أي ما يمثل نحو 10% من مستخدمي (لينكد إن) حول العالم».
مهران الكيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات وسائل التواصل الاجتماعي في دولة الإمارات العربية المتحدة، يرى أن «مصطلح (جيل زد) يطلق لوصف جيل الإنترنت. وعندما نحلّل إحصائيات أي تطبيق أو منصة للتواصل، يظهر أن هذا الجيل، هو المسيطر على الدخول والمشاهدات والتفاعل، وينطبق هذا الكلام أيضاً على المنصة المهنية (لينكد إن)». ويضيف الكيالي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «معظم الباحثين عن العمل راهناً هم من (جيل زد)، حيث توفر المنصة فرصاً قوية للتواصل مع الشركات أو الأشخاص المسؤولين في أكثر الشركات من خلال الحاسب أو الهاتف».
ومن جهته، قال أحمد عصمت، الخبير المصري في الإعلام الرقمي، لـ«الشرق الأوسط» إنه «من الطبيعي أن تهتم منصات التواصل، ومن بينها (لينكد إن) بـ(جيل زد) وكيفية تفاعله على الإنترنت، لا سيما أنه يشكّل 10% من قاعدة المشتركين فيها... وهو بذلك أعلى قاعدة مشتركين على المنصة بمعدلات إنفاق تصل إلى 143 مليون دولار، يضاف إلى ذلك أن هذا الجيل هو الجيل الأساسي في سوق العمل الآن. إذ إنه في منتصف العشرينات من العمر، وبالتالي فهو جيل دخل سوق العمل مبكراً، وهو في الثامنة عشرة من عمره، ويسيطر على التكنولوجيا».
عودة إلى تقرير «لينكد إن» الذي يوضح أن أفراد «جيل زد»، «يشعرون بالأمان في التواصل عبر (لينكد إن)، كما يشعرون بفائدة نشر محتوى متعلق بسوق العمل والتجارة على المنصة، حيث أكد 80% أنهم مهتمون بمتابعة مزيد من الشركات والمؤسسات على المنصة، بينما أشار 75% إلى أن هذه المؤسسات والشركات تنشر محتوى مهماً وقيّماً».
في السياق ذاته، لا ينحصر اهتمام «جيل زد» بمنصة «لينكد إن» في المحتوى المتعلق بسوق العمل، فوفق التقرير «يفضل (جيل زد) منصة (لينكد إن) على المنصات الأخرى فيما يتعلق بأنشطة التواصل الاجتماعي والتعلم والبحث، حيث يستخدم 39% من (جيل زد) المنصة في قراءة الأخبار، مقارنةً بـ46% يستخدمون منصات مثل (فيسبوك) و(تويتر) و(تيك توك) و(إنستغرام)».
وهنا يقول الكيالي إن «(لينكد إن) تعد المنصة الأقوى في المجال المهني. وفي السنوات الأخيرة جذبت المنصة فئة الشباب كغيرها من تطبيقات ومنصات التواصل، وذلك ليس فقط بحثاً عن وظيفة؛ بل أيضاً لأن المنصة عززت فكرة التواصل المهني ونجحت فيها». ويشير الكيالي إلى أنه «فيما يتعلق بأمور التواصل الاجتماعي، وبخاصة في شؤون الحياة اليومية، تظل منصات مثل (تيك توك) و(سناب شات) و(إنستغرام) هي الأقرب لهذا الجيل». ويتفق معه أحمد عصمت بقوله إن «(جيل زد) موجود بكثافة على (تيك توك) و(إنستغرام)، وإن كان التقرير يشير إلى أن (لينكد إن) تعد ثاني أكبر شبكة يستخدمها (جيل زد) لأمور العمل والتواصل والبحث».
ووفق تقرير «لينكد إن» فإن «(جيل زد) يركز بشكل أكبر على الأمور المتعلقة بمهنته على المنصة، فهو جيل طامح للنجاح بنسبة 73%، ويبحث عن الأمان المالي بنسبة 72%، ويرغب في تعلم مهارات جديدة بنسبة 74%، وجميعهم يرغبون في استثمار وقت الإجازات الأسبوعية في تحقيق هذه الأهداف».
التقرير أكد أيضاً أن «(جيل زد) هو جيل التكنولوجيا والبحث، والموجودون منهم على منصة (لينكد إن) مهتمون بالأمور المالية والاستثمار والتجارة، كما أن الشريحة الموجودة من هذا الجيل على المنصة أكثر ثراءً من (جيل زد) على باقي المنصات». وهنا يشير الكيالي إلى أن «(جيل زد)، بسبب علاقته المبكرة بالإنترنت يتفاعل بصورة أسرع من الأجيال السابقة، ولذا بدأت التطبيقات تدخل مزايا وخدمات جديدة لجذب هذا الجيل، من بينها ميزة البث المباشر». وعن اهتمام منصات التواصل و«لينكد إن» بـ«جيل زد» -الذي يقدر عمره بين 25 و30 سنة– يرى مهران الكيالي أن «ذلك يرجع لكونه الجيل المحرك لكل شيء في العالم من اقتصاد لسياسة وحتى الفنون، وسوف نشهد بعد سنوات اهتماماً بالجيل التالي الذي يُدعى (جيل ألفا)».
وهنا يشير عصمت إلى أن «التقرير يُظهر جوانب مهمة في اهتمامات (جيل زد) من خلال استعراض المواقع التي يتابعها، والتي توضح اهتمام هذا الجيل بمواقع بحثية واقتصادية من الطراز الرفيع». ويضيف: «هذه الاهتمامات بالتأكيد سيكون لها تأثير على كيفية تعامل منصات التواصل مع هذا الجيل». ثم يستطرد قائلاً إن «(جيل زد) يؤثر بالفعل في مواقع التواصل الاجتماعي، ومعظم ما يتحقق من تحديثات أو ما يُقدّم من خدمات جديدة على هذه المواقع هو بالأساس في خدمة هذا الجيل».
وللتذكير، وفق تقرير «لينكد إن» فإن «جيل زد» مهتم بمتابعة حسابات المؤثرين مثل ميليندا غيتس وبيل غيتس، كما أنه مهتم بمتابعة المحتوى الذي يعلّمه كيف يؤدي مهام متعددة ويعزّز مهارته في التسويق الرقمي، ويتابع منصات مثل: فوربز، وفاينانشيال تايمز، وهارفارد بزنس ريفيو، ولينكد إن نيوز، ونيويورك تايمز؛ إذ يهتم هذا الجيل بالمواقع المتخصصة في التجارة والأعمال والتكنولوجيا. ويأتي التقرير في أعقاب تقرير سابق أصدرته المنصة الشهر الماضي حول أفضل الممارسات التسويقية لجذب «جيل زد»، وهو ما دفع المراقبين إلى توقع أن يكون لهذا الجيل التأثير الأكبر خلال الفترة المقبلة على منصات التواصل بوصفه المستهلك الأكبر.
وختاماً، يتوقع الكيالي أن «تشهد الفترة المقبلة تحديثات أكبر وأعمق في طريقة تعامل التطبيقات مع الأجيال الحديثة، لأنهم سيكونون أسرع من أي وقت مضى... ومن المرجح أن يكون الذكاء الصناعي AI وتقنية الواقع المعزّز AR، أهم التحديثات في طريقة عمل تطبيقات التواصل الاجتماعي».


مقالات ذات صلة

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

وافقت شبكة «إيه بي سي نيوز» على دفع 15 مليون دولار لصالح مكتبة دونالد ترمب الرئاسية، لتسوية دعوى قضائية تتعلق بتصريح غير دقيق من المذيع جورج ستيفانوبولوس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

كاتدرائية «نوتردام» في باريس تعود إلى العالم في احتفالية استثنائية

صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)
صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)
TT

كاتدرائية «نوتردام» في باريس تعود إلى العالم في احتفالية استثنائية

صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)
صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)

قبل 861 عاماً، نهضت كاتدرائية «نوتردام دو باريس» في قلب العاصمة الفرنسية. ومع مرور العقود والعصور تحوّلت إلى رمز لباريس، لا بل لفرنسا. ورغم الثورات والحروب بقيت «نوتردام» صامدة حيث هي، في قلب باريس وحارسة نهر السين الذي يغسل قدميها. إلا أن المأساة حلّت في شهر أبريل (نيسان) من عام 2019، عندما اندلع حريق هائل، التهمت نيرانه أقساماً رئيسة من الكاتدرائية التي انهار سقفها وتهاوى «سهمها»، وكان سقوطه مدوياً.

منظر للنافذة الوردية الجنوبية لكاتدرائية نوتردام دو باريس(رويترز)

حريق «نوتردام» كارثة وطنية

وكارثة «نوتردام» تحوّلت إلى مأساة وطنية، إذ كان يكفي النظر إلى آلاف الباريسيين والفرنسيين والسياح الذين تسمّروا على ضفتي نهر السين ليشهدوا المأساة الجارية أمام عيونهم. لكن اللافت كانت السرعة التي قررت فيها السلطات المدنية والكنسية مباشرة عملية الترميم، وسريعاً جدّاً، أطلقت حملة تبرعات.

وفي كلمة متلفزة له، سعى الرئيس إيمانويل ماكرون إلى شد أزر مواطنيه، مؤكداً أن إعادة بناء الكاتدرائية و«إرجاعها أجمل مما كانت» ستبدأ من غير تأخير. وأعلن تأسيس هيئة تشرف عليها، وأوكل المهمة إلى الجنرال جان لويس جورجولين، رئيس أركان القوات المسلحة السابق. وبدأت التبرعات بالوصول.

وإذا احتاجت الكاتدرائية لقرنين لاكتمال بنائها، فإن ترميمها جرى خلال 5 سنوات، الأمر الذي يعد إنجازاً استثنائياً لأنه تحول إلى قضية وطنية، لا بل عالمية بالنظر للتعبئة الشعبية الفرنسية والتعاطف الدولي، بحيث تحوّلت الكاتدرائية إلى رابطة تجمع الشعوب.

وتبين الأرقام التي نشرت حديثاً أن التبرعات تدفقت من 340 ألف شخص، من 150 دولة، قدّموا 846 مليون يورو، إلا أن القسم الأكبر منها جاء من كبار الممولين والشركات الفرنسية، ومن بينهم من أسهم بـ200 مليون يورو. ومن بين الأجانب المتبرعين، هناك 50 ألف أميركي، وهو الأمر الذي أشار إليه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، وكان أحد الأسباب التي دفعته للمجيء إلى فرنسا؛ البلد الأول الذي يزوره بعد إعادة انتخابه في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

متطوعون يضعون برنامج الحفل على المقاعد قبل الحفل (أ.ف.ب)

منذ ما يزيد على الشهر، تحوّلت الكاتدرائية إلى موضوع إلزامي في كل الوسائل الإعلامية. وخلال الأسبوع الحالي، حفلت الصحف والمجلات وقنوات التلفزة والإذاعات ببرامج خاصة تروي تاريخ الكاتدرائية والأحداث الرئيسة التي عاشتها في تاريخها الطويل.

وللدلالة على الأهمية التي احتلتها في الوعي الفرنسي، فإن رئيس الجمهورية زارها 7 مرات للاطلاع على التقدم الذي حققه المهنيون والحرفيون في إعادة البناء والترميم. وإذا كانت الكاتدرائية تجتذب قبل 2012 ما لا يقل عن 12 مليون زائر كل عام، فإن توقعات المشرفين عليها تشير إلى أن العدد سيصل العام المقبل إلى 15 مليوناً من كل أنحاء العالم.

المواطنون والسياح ينتظرون إفساح المجال للوصول الى ساحة الكاتدرائية (أ.ف.ب)

باريس «عاصمة العالم»

خلال هذين اليومين، تحوّلت باريس إلى «عاصمة العالم»، ليس فقط لأن قصر الإليزيه وجّه دعوات لعشرات من الملوك ورؤساء الدول والحكومات الذين حضر منهم نحو الخمسين، ولكن أيضاً لأن الاحتفالية حظيت بنقل مباشر إلى مئات الملايين عبر العالم.

وقادة الدول الذين قدّموا إلى «عاصمة النور» جاءوا إليها من القارات الخمس. وبسبب هذا الجمع الدولي، فإن شرطة العاصمة ووزارة الداخلية عمدتا إلى تشكيل طوق أمني محكم لتجنب أي إخلال بالأمن، خصوصاً أن سلطاتها دأبت على التحذير من أعمال قد تكون ذات طابع إرهابي. وإذا كان الرئيس الأميركي المنتخب قد حظي بالاهتمام الأكبر، ليس لأنه من المؤمنين المواظبين، بل لأنه يُمثل بلداً له تأثيره على مجريات العالم.

لكن في المقابل، تأسف الفرنسيون لأن البابا فرنسيس اعتذر عن تلبية الدعوة. والمثير للدهشة أنه سيقوم بزيارة جزيرة كورسيكا المتوسطية الواقعة على بُعد رمية حجر من شاطئ مدينة نيس اللازوردية، في 15 الشهر الحالي. والمدهش أيضاً أنه منذ أن أصبح خليفة القديس بطرس في روما، «المدينة الخالدة»، فإنه زار فرنسا مرتين، ثانيها كانت لمدينة مرسيليا الساحلية. بيد أنه لم يأتِ إلى باريس إطلاقاً. ووفق مصادر واسعة الاطلاع، فإن قرار البابا أحدث خيبة على المستويين الديني والرسمي. ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى حدث تاريخي رئيس، وهو أن بابا روما بيوس السابع، قدم إلى باريس يوم 2 ديسمبر (كانون الأول) من عام 1804، لتتويج نابليون الأول إمبراطوراً.

وتمثل لوحة الرسام الفرنسي الشهير لوي دافيد، التي خلد فيها تتويج بونابرت، ما قام به الأخير الذي لم ينتظر أن يضع البابا التاج على رأسه، بل أخذه بيديه ووضعه بنفسه على رأسه، وكذلك فعل مع الإمبراطورة جوزفين.

احتفالية استثنائية

لم يساعد الطقس مساعدي الاحتفالية الذين خططوا لأن تكون من جزأين: الأول رسمي، ويجري في ساحة الكاتدرائية الأمامية؛ حيث يلقي الرئيس ماكرون خطابه المقدر من 15 دقيقة، وبعدها الانتقال إلى الداخل للجزء الديني. وكان مقدراً للمواطنين الـ40 ألفاً، إضافة إلى 1500 مدعو حظوا بالوجود داخل الكاتدرائية، أن يتابعوا الحدث من المنصات التي نصبت على ضفتي نهر السين، إلا أن الأمطار والعواصف التي ضربت باريس ومنطقتها أطاحت بالبرنامج الرئيس، إذ حصلت كل الاحتفالية بالداخل. بيد أن الأمطار لم تقض على شعور استثنائي بالوحدة والسلام غلب على الحاضرين، وسط عالم ينزف جراء تواصل الحروب، سواء أكان في الشرق الأوسط أم في أوكرانيا أم في مطارح أخرى من العالم المعذب. وجاءت لحظة الولوج إلى الكاتدرائية، بوصفها إحدى المحطات الفارقة، إذ تمت وفق بروتوكول يعود إلى مئات السنين. بدءاً من إعادة فتح أولريش لأبواب «نوتردام» الخشبية الكبيرة بشكل رمزي.

كاتدرائية «نوتردام» السبت وسط حراسة أمنية استعداداً لإعادة افتتاحها (إ.ب.ى)

وسيقوم بالنقر عليها 3 مرات بعصا مصنوعة من الخشب المتفحم الذي جرى إنقاذه من سقف الكاتدرائية الذي دمرته النيران، وسيعلن فتح الكاتدرائية للعبادة مرة أخرى. ونقل عن المسؤول عن الكاتدرائية القس أوليفييه ريبادو دوما أن «نوتردام»، التي هي ملك الدولة الفرنسية، ولكن تديرها الكنيسة الكاثوليكية «أكثر من مجرد نصب تذكاري فرنسي وكنز محبوب من التراث الثقافي العالم، لا بل هي أيضاً علامة على الأمل، لأن ما كان يبدو مستحيلاً أصبح ممكناً»، مضيفاً أنها أيضاً «رمز رائع».

الأرغن الضخم يحتوي على 8 آلاف مزمار تم ترميمها وتنظيفها من غبار الرصاص السام (أ.ف.ب)

كذلك، فإن تشغيل الأرغن الضخم الذي تم تنظيفه وتحضيره للمناسبة الاستثنائية، تم كذلك وفق آلية دقيقة. ففي حين ترتفع المزامير والصلوات والترانيم، فإنه جرى إحياء الأرغن المدوي، الذي صمت وتدهورت أوضاعه بسبب الحريق. ويحتوي الأرغن على 8 آلاف مزمار، تم ترميمها وتنظيفها من غبار الرصاص السام. وقام 4 من العازفين بتقديم مجموعة من الألحان بعضها جاء مرتجلاً.

إلى جانب الشقين الرسمي والديني، حرص المنظمون على وجود شق يعكس الفرح؛ إذ أدت مجموعة من الفنانين الفرنسيين والأجانب لوحات جميلة جديرة بالمكان الذي برز بحلة جديدة بأحجاره المتأرجحة بين الأبيض والأشقر وزجاجه الملون، وإرثه الذي تم إنقاذه من النيران وأعيد إحياؤه.

وبعد عدة أيام، سيُعاد فتح الكاتدرائية أمام الزوار الذي سيتدفقوة بالآلاف على هذا المعلم الاستثنائي.

حقائق

846 مليون يورو

تدفقت التبرعات من 340 ألف شخص من 150 دولة قدموا 846 مليون يورو لإعادة ترميم نوتردام