طريقة مبتكرة لتحويل الأكياس البلاستيكية إلى وقود مُستدام

تُعرف باسم «الانحلال الحراري التحفيزي»

زيت التحلل الحراري المنتج  من أكياس البقالة (الفريق البحثي)
زيت التحلل الحراري المنتج من أكياس البقالة (الفريق البحثي)
TT

طريقة مبتكرة لتحويل الأكياس البلاستيكية إلى وقود مُستدام

زيت التحلل الحراري المنتج  من أكياس البقالة (الفريق البحثي)
زيت التحلل الحراري المنتج من أكياس البقالة (الفريق البحثي)

يتم إنتاج أكثر من 300 مليون طن من النفايات البلاستيكية سنوياً، مما يسبب مشكلات بيئية خطيرة بسبب دورة حياة البلاستيك وصعوبة التخلص منه. وينتهي المطاف بمعظم النفايات البلاستيكية إما في مكب النفايات وإما في المحيطات، حيث يتحلل عدد كبير من المواد البلاستيكية إلى جزيئات بلاستيكية دقيقة تتغذى عليها الأسماك والحياة البحرية الأخرى مما يتسبب في دمار النظم البيئية البحرية.
وفي محاولة لعلاج هذه المشكلة، أفاد باحثون من جامعة ولاية كاليفورنيا للعلوم التطبيقية في دراسة نُشرت 2 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في دورية «الطاقة المتجددة والمستدامة»، وذلك باستخدام طريقة تعرف باسم «الانحلال الحراري التحفيزي» لتحويل النفايات البلاستيكية إلى مصدر وقود قيّم.
والانحلال الحراري هو التحلل الكيميائي الحراري للمادة القائمة على الكربون في غياب الأكسجين. وقد ركز الباحثون على إعادة تدوير البلاستيك وترقية البلاستيك إلى منتجات أخرى أو تحويله إلى بخار بالحرارة، عندما يلتقي بمحفز يتحول إلى منتج شبيه بالوقود المطلوب، وتحول عملية الانحلال الحراري هذه النفايات العضوية الأولية إلى وقود مستدام أو مادة كيميائية أخرى ذات قيمة. يقول مينجينغ لي، الباحث الرئيسي بالدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمعهد الأميركي للفيزياء في 4 نوفمبر الماضي: «الجزء المبتكر من التجربة هو المحفز، والمحفز مهم لعملية الانحلال الحراري هذه، لأنه لا يتطلب سوى خطوة واحدة للوصول إلى منتج الوقود المطلوب في درجات حرارة معتدلة نسبياً».
وتم تحضير المحفز عن طريق غمس ركيزة زيوليت في محلول مائي يحتوي على عنصري «نيكل» و«تنغستن» وتجفيفه في فرن عند 500 درجة مئوية، وتم استخدام المحفز المركب بالاقتران مع مفاعل الانحلال الحراري أحادي المرحلة المصمم مختبرياً، والذي يعمل عند نقطة محددة تبلغ 360 درجة مئوية لتحطيم خليط من أكياس البقالة البلاستيكية.
ويمكن أيضاً استخدام العملية التحفيزية المستخدمة في هذه التجربة على النفايات البلاستيكية لمعالجة النفايات الأخرى، مثل السماد الطبيعي، والنفايات الصلبة البلدية، وزيت المحرك المستخدم، لإنتاج منتجات طاقة قابلة للاستخدام. يقول لي: «إن عملية الانحلال الحراري هذه بمثابة خطوة حاسمة في تقليل الاعتماد على الوقود القائم على الوقود الأحفوري». ووجد الباحثون أن منتج الانحلال الحراري كان مشابهاً جداً لمنتج وقود الديزل القياسي من خلال التحليل الكروماتوغرافي للغاز، وهو نوع من الكروماتوغرافيا المستخدمة في الكيمياء التحليلية لفصل وتحليل المركبات التي يمكن تبخيرها دون تحلل. ومن الآن فصاعداً، سيعمل الفريق على شرح آلية التكسير التي تحدث على سطح المحفز، كما سيحاولون تحسين إنتاج وقود الديزل من مختلف النفايات البلاستيكية المختلطة.
ورغم أن هذه العملة ستخلّف انبعاثات كربونية في وقت يسعى فيه العالم نحو استخدام «الوقود الأخضر»، فإن الانبعاثات التي ستتخلف عنها ستكون أقل من الوقود التقليدي، فضلاً عن أنها تخلّص العالم من مشكلة النفايات البلاستيكية، والتي يسبب حرقها مشكلات بيئية كبيرة، وفي حال وصلت إلى مياه البحار والمحيطات تُسبب أضراراً بالغة بالبيئة البحرية.
يقول الدكتور محمد عثمان، أستاذ العلوم البيئة بجامعة عين شمس، لـ«الشرق الأوسط»: «التقديرات تشير إلى أن أكثر من 250 ألف طن من الحطام البلاستيكي تطفو حالياً في المحيطات في جميع أنحاء العالم، وخطورة ذلك عندما تنتقل جزيئات بلاستيكية دقيقة وكبيرة إلى داخل أجسام الحيوانات البحرية الكبيرة والصغيرة، وهو ما يجعل البشر يتناولون البلاستيك من خلال استهلاك المأكولات البحرية».


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية
TT

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

في المستقبل، يمكن تغطية سيارتك الكهربائية بألواح شمسية -ليس فقط على السطح، ولكن في جميع أنحاء الجزء الخارجي من السيارة- بفضل طلاء خاص.

وسواء كنت تقود السيارة أو كانت متوقفة، يمكن لهذا الطلاء الشمسي حصاد الطاقة من الشمس، وتغذيتها مباشرة في بطارية السيارة الكهربائية. وربما يبدو الأمر وكأنه شيء من كتاب خيال علمي، إلا أن الباحثين في شركة «مرسيدس بنز» يعملون بالفعل على جعله حقيقة واقعة.

عجينة لطلاء شمسي

يقول يوشين شميد، المدير الأول لشركة «مستقبل القيادة الكهربائية» Future Electric Drive، للبحث والتطوير في «مرسيدس بنز» الذي يستكشف تقنيات السيارات الكهربائية في مرحلة مبكرة: «نحن ننتج مئات السيارات يومياً، وسطح السيارة مساحة كبيرة جداً. فلماذا لا نستخدمها لحصاد طاقة الشمس؟».

إن المادة الكهروضوئية التي تبحثها شركة مرسيدس تشبه العجينة التي يمكن وضعها على الجزء الخارجي للسيارة. يبلغ سمك الطلاء 5 ميكرومترات فقط (يبلغ متوسط ​​سمك شعرة الإنسان نحو 100 ميكرومتر)، ويزن 50 غراماً لكل متر مربع.

وقود شمسي لآلاف الكيلومترات

في سيارة رياضية متعددة الأغراض SUV متوسطة الحجم، ستشغل العجينة، التي تطلق عليها مرسيدس أيضاً طلاءً شمسياً، نحو 118 قدماً مربعة، ما ينتج طاقة كافية للسفر لمسافة تصل إلى 7456 ميلاً (12000 كم) في السنة. ويشير صانع السيارة إلى أن هذا يمكن أن يتحقق في «ظروف مثالية»؛ وتعتمد كمية الطاقة التي ستحصدها هذه العجينة بالفعل على قوة الشمس وكمية الظل الموجودة.

طلاء مرن لصبغ المنحنيات

ولأن الطلاء الشمسي مرن، فيمكنه أن يتناسب مع المنحنيات، ما يوفر فرصاً أكبر للطاقة الشمسية مقارنة بالألواح الشمسية الزجاجية التي لا يمكن ثنيها، وبالتالي لا يمكن تثبيتها إلا على سقف السيارة أو غطاء المحرك. يُعدّ الطلاء الشمسي جزءاً من طلاء متعدد الخطوات يتضمن المادة الموصلة والعزل والمادة النشطة للطاقة الشمسية ثم الطلاء العلوي لتوفير اللون (يشكل كل ذلك معاً عمق بـ5 ميكرونات).

لن تكون هذه الطبقة العلوية طلاءً قياسياً للسيارات لأنها لا تحتوي على صبغة. بدلاً من ذلك، ستبدو هذه الطبقة أشبه بجناح الفراشة، كما يقول شميد، وستكون مادة شديدة الشفافية مليئة بجسيمات نانوية تعكس الأطوال الموجية من ضوء الشمس. كما يمكن تصميمها لتعكس أطوال موجية محددة، ما يعني أن السيارات الكهربائية يمكن أن تأتي بألوان أخرى.

وسيتم توصيل الطلاء الشمسي أيضاً عن طريق الأسلاك بمحول طاقة يقع بجوار البطارية، الذي سيغذي مباشرة تلك البطارية ذات الجهد العالي.

تأمين أكثر من نصف الوقود

ووفقاً للشركة فإن متوسط سير ​​السائق هو 32 ميلاً (51.5 كم) في اليوم؛ هناك، يمكن تغطية نحو 62 في المائة من هذه الحاجة بالطاقة الشمسية من خلال هذه التكنولوجيا. بالنسبة للسائقين في أماكن مثل لوس أنجليس، يمكن أن يغطي الطلاء الشمسي 100 في المائة من احتياجات القيادة الخاصة بهم. يمكن بعد ذلك استخدام أي طاقة إضافية عبر الشحن ثنائي الاتجاه لتشغيل منزل شخص ما.

على عكس الألواح الشمسية النموذجية، لا يحتوي هذا الطلاء الشمسي على أي معادن أرضية نادرة أو سيليكون أو مواد سامة أخرى. وهذا يجعل إعادة التدوير أسهل. وتبحث «مرسيدس» بالفعل عن كيفية جعل إصلاحه سهلاً وبأسعار معقولة.

يقول شميد: «قد تكون هناك مخاوف من أن سيارتي بها خدش، فمن المحتمل أن لوحة الباب معطلة»، وتابع: «لذا اتخذنا احتياطاتنا، ويمكننا بسهولة القول إن لدينا تدابير مضادة لذلك».

ومع تغطية المركبات الكهربائية بالطلاء الشمسي، لن يكون هناك الكثير من القلق بشأن شبكات الشحن، أو الحاجة إلى قيام الناس بتثبيت أجهزة الشحن في منازلهم. ويقول شميد : «إذا كان من الممكن توليد 50 في المائة أو حتى أكثر من قيادتك السنوية من الشمس مجاناً، فهذه ميزة ضخمة ويمكن أن تساعد في اختراق السوق».

ومع ذلك، فإن حقيقة طلاء سيارتك الكهربائية بالطاقة الشمسية لا تزال على بعد سنوات، ولا تستطيع مرسيدس أن تقول متى قد يتم طرح هذا على طرازاتها، لكنها شركة واثقة من تحقيقها.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».

اقرأ أيضاً