وائل كفوري: سنوات من الألفة قضيتها بين جمهوري في السعودية

وائل كفوري يبدع في إحدى الحفلات
وائل كفوري يبدع في إحدى الحفلات
TT

وائل كفوري: سنوات من الألفة قضيتها بين جمهوري في السعودية

وائل كفوري يبدع في إحدى الحفلات
وائل كفوري يبدع في إحدى الحفلات

كانت ليلة ممتدة من الطرب والفن الأصيل ضمن فعاليات موسم الرياض 2021، جمعت بين الفنانة نانسي عجرم، والفنان وائل كفوري، أشعلا مسرح محمد عبده أرينا بباقة من أجمل الأغاني الفريدة التي زينت مسيرتهما الفنية، وربطتهما بجمهور ذواق، تطيب له الكلمة المغمورة بالحب والمشاعر، واللحن المنحوت من أعماق الوجدان، والمصقول بحرفية ودقة ورشاقة.
أثناء الحفلة، بثت الفنانة نانسي مشاعرها إلى الجمهور السعودي الذي ملأ المسرح، وقالت إنها سعيدة بوجودها في وطن الفرح، السعودية التي تمضي بثقة في طريق التميز، وإن شعار الموسم الترفيهي الأضخم في المنطقة (تخيل أكثر)، ينعش القلوب بالمفاجآت التي لا تتوقف، متمنية للسعودية وأهلها الكثير من الخير، فيما قال وائل كفوري، في مطلع إطلالته على المسرح، إن للجمهور السعودي مكانة خاصة في نفسه، وإن التفاعل والترحيب اللذين يجدهما منهم، ويزين كل إطلالاته الفنية، يضعان بصمة كبيرة في نفسه، وقال: «يليق بالسعودية وأهلها، الفرح والعز».
البداية مع نانسي، فراشة الغناء العربي، ومع صعودها على المسرح، انهالت هتافات الترحيب والتصفيق من الجمهور، ترافقها موسيقى أغنيتها «بدنا نولع الجو... نسهر لطلوع الضو»، وهكذا قضى الجمهور واحدة من أمتع الأمسيات الغنائية في موسم الرياض الترفيهي، قدمت إطلالة مميزة على فن الغناء اللبناني بتجربته العريضة والمتنوعة.
تسأل نانسي الجمهور الكبير عن اختياراته التي يود سماعها، وتطلب من الفرقة الموسيقية أن تستعد لتلبي هذه الطلبات، وقضاء وقت ممتع تطوقه فرائد الأغنيات الطربية وجواهر الوصلات الموسيقية.
وبين الأغنية والأخرى، كانت تفتح نانسي حواراً من الحب وتبادل المشاعر مع جمهورها، يزيد من ألق الليلة وفيض الجمال الذي يغمرها، قليلاً حتى تبدأ الفرقة الموسيقية أغنية «آه ونص» يزيد الصخب في المكان، ويرتفع الحماس، وينبعث النشاط، تطلب نانسي أن يردد الجمهور كلمات الأغنية، والموسيقى تتمهل لتعطي الفسحة للصوت والتصفيق الآتي من المقاعد المتفاعلة.
استراحة قصيرة، حتى ظهر الفنان وائل كفوري الذي ترافقه موسيقى أغنيته «ليل ورعد وبرد وريح دنيي برا مجنوني. تلج مكوم ما بيزيح صرتي عندي مسجوني» والجمهور يحييه بحرارة، ويستعد لجولة جديدة من الغناء الجميل، في أمسية الرياض السعيدة.
يتوقف كفوري بنهاية وصلته الأولى، يحيي الجمهور ويبدي سعادته بوجوده بين الجمهور السعودي، ويتمنى قضاء سهرة ماتعة، تزينها سنوات من الألفة والمحبة التي تجمعه بجمهور السعودية طوال مسيرته الفنية.
كفوري مسرور بتفاعل الجمهور، يطلب منه أن يردد أغنيته المميزة «عمري كلو»، والجمهور العريض الذي يملأ مسرح محمد عبده أرينا، كان في الموعد تماماً، تُعزف الموسيقى ويغني الجمهور، وكفوري يتحول إلى مايسترو ربط بين الضفتين. فضل كفوري أن يحيي الجمهور بنافذة من تراث لبنان وفولكلوره، وغنى «يا ميجنا ويا ميجنـــــا ويا ميجنـا... أهــلا وسهـــلا شـرفــونا حبابنا» افتتحها بموال على عادته في تدليل الأذن بصوته المتلألئ وقدرته الخاصة على الإرهاف، ثم اندلع الحماس مع الإيقاع السريع الذي ألهب الأجواء واستدعى تصفيق الجمهور وتفاعله الذي أكمل لوحة الوصلة الغنائية البديعة.c



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».