عون يستنفر سياسياً ليستردّ صورة «الرئيس القوي»

TT

عون يستنفر سياسياً ليستردّ صورة «الرئيس القوي»

يقول مصدر مقرّب من نادي رؤساء الحكومات السابقين إن رئيس الجمهورية ميشال عون لم يكن مضطراً لإعلان الاستنفار السياسي فور أن تلقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتصالين من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أثناء اجتماعهما في جدة. وقال ان الاستنفار جاء بتحريض من فريق عون وبمثابة احتجاج على تأخر ماكرون في الاتصال به لوضعه في أجواء المحادثات.
ويؤكد المصدر نفسه لـ«الشرق الأوسط» أنه كان يفترض أن يتعامل عون مع الاتصالين على أنهما فتحا كوّة في جدار أزمة العلاقات اللبنانية - الخليجية يجب التأسيس عليها لوقف تدهورها ولإعادة بناء الثقة المفقودة بين لبنان ودول الخليج بدلاً من أن يقطع الطريق على المحاولات الرامية لتصحيحها.
ويلفت إلى أن الفريق السياسي المحسوب على عون يواصل تحريضه على ميقاتي بذريعة أنه يشكّل نقطة ارتكاز لإعادة التواصل مع المجتمع الدولي ودول الخليج العربي لإعادة لبنان إلى خريطة الاهتمام الدولي لمساعدته للنهوض من أزماته المتراكمة، ويقول إنه لا مبرر لوضع الرئاسة الأولى في منافسة مفتعلة مع الرئاسة الثالثة.
ويرى المصدر أن لا مبرر لإقحام عون في مزاحمة مع ميقاتي الذي يتحرك باتجاه المجتمعين العربي والدولي ويدق كل الأبواب لإنقاذ لبنان، ويتوقف أمام الكتاب المرسل من رئاسة الجمهورية إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء تطلب فيه إيداعها جميع المحاضر المتعلقة بالمفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي بذريعة أن التوقيع على الاتفاقيات هو من صلاحيات رئيس الجمهورية.
ويعتبر أن موافقة عون على توجيه هذه الرسالة تتعارض في الشكل والمضمون مع القرار الذي كان اتخذه مجلس الوزراء بتسمية الوفد المفاوض مع صندوق النقد برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي، على أن يُشرف عليها رئيس الحكومة، ويقول إن الأخير يتواصل مع رئيس الجمهورية ويحرص على التنسيق معه ويضعه في أجواء جولاته التي يقوم بها على عدد من الدول العربية والأجنبية طلباً لمساعدة لبنان.
ويغمز من قناة الفريق السياسي المحسوب على عون في مواصلة التحريض على ميقاتي من زاوية أنه يشكل نقطة التواصل مع الخارج، وهذا يتيح له أن يكون موضع اهتمام على المستويين العربي والدولي، ما يؤدي إلى حجب الأنظار عن «الرئيس القوي» ودوره الإنقاذي، مع أنه أمضى أكثر من 5 سنوات متربعاً في سدّة الرئاسة ولم يحقق ما تعهّد به، وبالتالي لم تعد لديه القدرة على أن يحقق في السنة الأخيرة من ولايته ما عجز عن تحقيقه منذ انتخابه رئيساً للجمهورية في 31 أكتوبر (تشرين الأول) 2016.
ويسأل المصدر: لماذا يتصرّف عون كما كان يتصرف أثناء تولّيه رئاسة الحكومة العسكرية على أنه وحده الذي تعود له كلمة الفصل؟ مع أن وجود ميقاتي على رأس الحكومة أعاد النصاب إلى الشراكة السياسية بعد أن حاول الفريق السياسي الرئاسي تعديل الدستور بالممارسة للإطاحة باتفاق الطائف الذي لم يُذكر في ورقة التفاهم التي أبرمها عون مع أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله.
ويؤكد أن عون لم يكتفِ من خلال الكتاب الموجّه إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء بالالتفاف على التفاوض مع صندوق النقد، وإنما يريد إقحام ميقاتي في اشتباك سياسي مع «الثنائي الشيعي» على خلفية دعوته لمعاودة جلسات مجلس الوزراء، رافضاً تعليقها والاستعاضة عنها بالتوقيع على المراسيم الجوالة.
وفي هذا السياق، كشف مصدر سياسي لـ«الشرق الأوسط» أن عون أصر خلال اجتماعه الأخير بميقاتي على توجيه الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء، وقال إن الأخير تمنى عليه التريُّث لتجنيب الحكومة الانفجار من الداخل في حال قرر الوزراء المحسوبون على «الثنائي الشيعي» مقاطعتها التزاماً منهم بمعالجة الأسباب التي كانت وراء قرارهم بتعليق حضور الجلسات التي تتعلق بالفصل بين التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت وملاحقة الرؤساء والوزراء أمام المجلس الأعلى لمحاكمتهم.
ويعتبر المصدر نفسه أن عون يريد أن يحشر ميقاتي بإصراره على دعوة مجلس الوزراء رغبة منه بتسجيل موقف يستهدف فيه رئيس المجلس النيابي نبيه بري من جهة، ويتناغم مع مطلب تكتل «لبنان القوي» برئاسة النائب جبران باسيل، وتمرير رسالة إلى الخارج تنمّ عن رفضه تحويل الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال، ويؤكد أن عون يتوخى من كل هذا القفز فوق ما اتُّفق عليه في اجتماعه مع بري وميقاتي في بعبدا.
ويؤكد أن عون يدرك أن حليفه «حزب الله» وبلسان نصر الله، هو من بادر إلى استهداف القاضي البيطار مطالباً بتنحيته، وبالتالي فإن دعوته لتفعيل العمل الحكومي ستصطدم به مع أن اجتماعه بميقاتي انتهى إلى التوافق على «ربط نزاع» يتعلق بانعقاد مجلس الوزراء، من دون أن يترتب عليه أي توتر يستهدف علاقتهما.
لذلك لن ينعقد مجلس الوزراء في المدى المنظور، ويمكن أن يستمر تعليق جلساته إلى ما لا نهاية إلا في حال حصول مفاجأة سياسية ليست في متناول اليد حتى الآن.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).