مؤثرون من أنحاء العالم في جدة

تجربتهم أضافت لهم بُعداً جديداً ومختلفاً عن السعودية الجديدة

خمسة من المؤثرين من دول مختلفة حول العالم بالزي الجداوي القديم في بيت سلوم وسط جدة التاريخية
خمسة من المؤثرين من دول مختلفة حول العالم بالزي الجداوي القديم في بيت سلوم وسط جدة التاريخية
TT

مؤثرون من أنحاء العالم في جدة

خمسة من المؤثرين من دول مختلفة حول العالم بالزي الجداوي القديم في بيت سلوم وسط جدة التاريخية
خمسة من المؤثرين من دول مختلفة حول العالم بالزي الجداوي القديم في بيت سلوم وسط جدة التاريخية

صادف انطلاق فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة، جولة يقوم بها خمسة من مشاهير ومؤثري الإعلام الجديد حول العالم، فأضافت لهم التجربة بعداً جديداً ومختلفاً عن السعودية الجديدة، بحسب تعبيرهم.
«الشرق الأوسط» رافقت خمسة من هؤلاء المشاهير والمؤثرين في جولة خاصة بمنطقة جدة التاريخية والمسجلة ضمن قائمة التراث العالمي «اليونسكو» وتعرفت على انطباعاتهم وآرائهم عما شاهدوه.
في منتصف الجولة وتحديداً في مقعد «مجلس» بيت سلوم الأثري وسط البلدة التاريخية بدأنا الحديث مع كاتب السفر القادم من أوهايو بكالفورنيا إريك ستون صاحب موقع (Travel Babbo)، الذي عبر عن سعادته بوجوده في مدينة جدة للمرة الأولى.
وأضاف «أنا متشوق جداً للتعرف على السعودية أكثر لنقل تجربتي للناس ولماذا عليهم زيارة السعودية، مدينة جدة التاريخية جميلة وباهرة».
ويرى ستون أن إقامة فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في نسخته الأولى في جدة «فرصة عظيمة لتعريف جدة للعالم، وتسليط الأضواء عليها في هذا المهرجان، نحن سعيدون بأن يصادف وجودنا هنا إقامة المهرجان الكبير».
كذلك تطرق إريك إلى بطولة العالم لسباقات الفورمولا 1 التي أقيمت هي الأخرى في مدينة جدة الأسبوع الماضي، معتبراً أنها فرصة أخرى لإبراز السعودية على المشهد العالمي بكل قوة.
وتابع «جميع المتابعين لحسابي على الانستغرام عندما علموا بأنني مسافر للسعودية، سألوني: هل أنت ذاهب للفورمولا 1، أعتقد أن هذه البطولة فرصة عظيمة أخرى للمملكة العربية السعودية لإبراز نفسها على المستوى العالمي».
انتقلنا بالحديث بعدها إلى ميدلين مدونة السفر من ألمانيا، التي كشفت أن زيارتها للسعودية جاءت بعد حديث صديق لها زار المملكة قبل أسبوع. وتابعت ميدلين الحديث بينما ترتدي زياً تراثياً لسكان جدة القديمة قائلة «قابلت صديقاً زار السعودية الأسبوع الماضي وأخبرني أنها جميلة ومختلفة عما كانت في الماضي، كما أنها تمتلك الطبيعة الخلابة والكثير من الأماكن المميزة، لذلك تحمست للقدوم إلى هنا ورؤية ذلك بنفسي».
بدورها، أشارت تريتي وهي إحدى مؤثرات الانستغرام من ماليزيا، إلى أن مدينة جدة جميلة، وقالت «مدينة جدة جميلة جداً وأنا أستمتع بوقتي هنا وما زال أمامنا الكثير لاكتشافه».
فيما عبرت مواطنتها بلايدلي وهي مؤثرة انستغرام وممثلة من ماليزيا، عن سعادتها بالوجود أثناء إقامة فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، متمنية معرفة المزيد عنه والأفلام المعروضة ومقابلة بعض نجوم الفن والسينما من السعودية والعالم.
وتقول بلايدلي إن «إقامة مهرجانات بهذا الحجم ولأول مرة في السعودية أمر مذهل». مشيرة إلى أن أكثر ما خطف أنظارها حتى الآن في المملكة «الصحراء والمدينة التاريخية».
ومن إيطاليا جاء روبرتو روزا وهو أحد المؤثرين على انستغرام، وهي زيارته الثانية للسعودية كما يقول، ويضيف مبتسماً «لقد تغيرت جدة التاريخية خلال ثلاث سنوات بشكل كامل، أصبحت مهيأة لاستقبال السياح من حول العالم، لا سيما وأنها مسجلة على قائمة التراث العالمي».
ويؤكد روزا أن إقامة مهرجانات وفعاليات عالمية مثل الفورمولا 1 ومهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، «فرصة لإخبار العالم عن جمال السعودية وجدة تحديداً وما تحتويه من كنوز ثقافية وتاريخية».
من جانبه، كشف المرشد السياحي سمير قمصاني أن مدينة جدة استقبلت خلال الفترة الماضية عشرات الفنانين والمشاهير والمهتمين بصناعة السينما، مبيناً أن أثر ذلك كبير على مدينة جدة خاصة المنطقة التاريخية.
واستطرد بقوله «كل المشاهير من أنحاء العالم يستمتعون بهذا المكان ويتعرفون على تاريخه وعراقته وأصالته، كما يشاهدون الفعاليات المختلفة التي تقام باستمرار في هذه المدينة التي لا تنام، وينقلون تجاربهم ومشاهداتهم للعالم».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».