الرئيس التونسي يلمّح لحل قانوني ينهي الأزمة السياسية

الرئيس قيس سعيد (أ.ب)
الرئيس قيس سعيد (أ.ب)
TT

الرئيس التونسي يلمّح لحل قانوني ينهي الأزمة السياسية

الرئيس قيس سعيد (أ.ب)
الرئيس قيس سعيد (أ.ب)

أثارت تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيد بخصوص انتهاء صلاحية دستور 2014، وإشارته إلى ضرورة اعتماد حل قانوني بديل لإنهاء الأزمة السياسية في تونس، موجة كبيرة من التساؤلات والاستغراب بين الأحزاب والسياسيين.
وقال سعيد في اجتماع حضره خبراء في القانون الدستوري، مساء أول من أمس، إنه «لا يمكن أن يتواصل العمل بدستور 2014 لأنه لا مشروعية له». مضيفاً أن «الطريق صارت واضحة، وهي العودة إلى الشعب بطريقة جديدة ومختلفة تماماً، ولا بد من حل قانوني يستند إلى إرادة الشعب وسيادته».
واعتبر الخصوم السياسيون للرئيس سعيد أنه «اعتمد أساساً على دستور 2014 للوصول إلى السلطة، لكنه سرعان ما انقلب على نفس الدستور» على حد تعبيرهم. وتنتظر الساحة السياسية إعلان الرئيس عن مجموعة من القرارات السياسية الهامة خلال الاحتفال بعيد الثورة، وتغيير الموعد من 14 يناير (كانون الثاني) إلى 17 ديسمبر (كانون الأول)، ومن بينها تعديل القانون الانتخابي والنظام السياسي، وربما اللجوء إلى استفتاء شعبي لتمرير كل الإصلاحات السياسية التي ظل ينادي بها.
من جهة ثانية، ارتفعت حصيلة الإصابات التي خلفها الحريق، الذي اندلع في مقر حركة النهضة، أول من أمس، إلى 18 إصابة، إلى جانب وفاة الشخص الذي أضرم النار في المقر وفي جسده. وكشفت التحريات، التي أجرتها الوحدات الأمنية والقضائية، عن هوية الشخص الذي أضرم النار في مقر النهضة وسط العاصمة، وقالت إنه سجين سياسي سابق ينتمي إلى النهضة، وقضى 16 سنة في السجن، ويدعى سامي السيفي (51 سنة)، وقد حصل على عفو قضائي، ويقطن في حي التحرير الشعبي غرب العاصمة. وأوضحت التقارير الأمنية أن السيفي انتابته حالة هستيرية، بعد أن تم رفض طلبه للحصول على تعويضات عن السنوات التي قضاها في السجن، واتهم بعض قيادات حركة النهضة بالحصول على تعويضات، لكنهم أخفوها عن الأشخاص، الذين دخلوا السجون وتعرضوا للتعذيب في فترة الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي. وأوردت تقارير إعلامية آخر تدوينة لمشعل النيران في مقر النهضة، قال فيها: «عندما يكون الشخص على حافة الانهيار النفسي يحتاج للاحتواء أكثر من حاجته للنصح والعتاب». كما نشر المتهم رسالة أكد فيها أن حركة النهضة حصلت على ملايين الدينارات كتعويضات من أجل توزيعها على بعض عناصرها، وهو ما جعله يطالب بنصيبه من هذه التعويضات».
وقال راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، الذي استنكر ما اعتبره «حرباً إعلامية ظالمة تستهدف الحركة ومناضليها»، إن منفذ الحريق «قضى أكثر من 10 سنوات في السجن مناضلاً ضد الاستبداد، لكنه لم ينل أي تعويض، ولم ينل الحد الأدنى من الكرامة، رغم أن هيئة الحقيقة والكرامة (هيئة دستورية مكلفة بمسار العدالة الانتقالية) أصدرت قرارات لصالحه، إلا أنها ظلت حبراً على ورق». على صعيد متصل، اعتبرت عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر (معارض)، أن الحادث الذي وقع داخل مقر حركة النهضة «شأن داخلي». ونددت بتصرف رئيس الجمهورية، الذي قام باستدعاء مجلس الأمن القومي للاجتماع من أجل «شأن داخلي لتنظيم معين، وللتعبير عن تضامنه وتمنياته بالشفاء لأصدقاء الأمس، وربما اليوم لكن خفية»، على حد تعبيرها. وقالت موسي: «لم نر رئيس السلطة القائمة يجمع مجلس الأمن القومي، ويتضامن مع نواب أُهدر شرفهم داخل البرلمان، ونساء تعرضن للعنف، ولم يدع للتهدئة بل نراه يستثمر في العنف، ويساوي بين الضحية والجلاد».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.