أمراض الكلى السكرية المزمنة ومستجدات الوقاية منها

تشكل عاملاً قوياً لحدوث مضاعفات خطيرة في القلب والأوعية الدموية

الكلية السليمة (يمين) والكلية المصابة بالاعتلال السكري (يسار)
الكلية السليمة (يمين) والكلية المصابة بالاعتلال السكري (يسار)
TT

أمراض الكلى السكرية المزمنة ومستجدات الوقاية منها

الكلية السليمة (يمين) والكلية المصابة بالاعتلال السكري (يسار)
الكلية السليمة (يمين) والكلية المصابة بالاعتلال السكري (يسار)

تشير الإحصاءات الأخيرة الصادرة عن الفيدرالية العالمية للسكري (IDF) في 2019 إلى أن حوالي 463 مليون شخص بالغ مصابون بالسكري في العالم ما يمثل 9.3 في المائة من مجمل سكان العالم، وأن حوالي 416.7 مليون شخص بالغ منهم مصابون بداء السكري من النوع الثاني، وأن 2 من كل 5 من مرضى داء السكري من النوع الثاني لديهم أمراض كلى مزمنة (CKD) ويبلغ عددهم حوالي 160 مليون شخص، عام 2019.
ملتقى افتراضي
ولمناقشة آخر المستجدات في الوقاية من أمراض الكلى المزمنة، عقد نادي طب الأسرة بالمركز الطبي الدولي وتحت مظلة الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع وبالتعاون مع شركة «باير» الطبية السعودية، ملتقى افتراضيا تحدث فيه عدد من المتخصصين حول مضاعفات داء السكري وبشكل خاص على الكليتين وكيف يمكن الوقاية منها.
أوصى الملتقى الافتراضي الذي دعا إليه في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عبر المنصة الإلكترونية ملتقى الخبرات لتنظيم المعارض والمؤتمرات FEXC، مرضى السكري (النوع الثاني) بضرورة المحافظة على نسبة سكر الدم لتأمين عدم تأثر الكليتين نتيجة حدوث أي اختلالات لدى مرضى الكلى المصابين بالسكري، والحرص على ممارسة الرياضة، والتقيد بتناول الأدوية العلاجية في مواعيدها، والابتعاد عن تناول الأطعمة غير الصحية.
دراسات وأبحاث
ضمن لقائه مع «صحتك» استعرض الدكتور أشرف أمير استشاري طب الأسرة عدداً من الدراسات في هذا المجال، وهي:
> دراسة حديثة نشرت في المجلة العالمية للغدد (International Journal of Endocrinology) في 2021 للدكتور عبد الله الناصر وزملائه، كان هدفها إيجاد نسبة أمراض الكلى المزمنة بين مرضى السكري من النوع الثاني في منطقة الشرق الأوسط وبالتالي معرفة حجم المشكلة. وكانت النتيجة عالية جدا، تشير إلى أن حوالي (29 في المائة) من مرض السكري لديهم أمراض كلى مزمنة في مجتمع الشرق الأوسط. وأوصت الدراسة بإجراء المزيد من الأبحاث والدراسات حتى نتعرف على خصائص الفئة المصابة بأمراض الكلى المزمنة مع داء السكري - 2.
> دراسة نشرت في 2017، على (543) ألف شخص مصاب بالمرضين، أمراض الكلى المزمنة وداء السكري. وقد وجد فيها أن نسبة البقاء على قيد الحياة لديهم منخفضة بـ16 عاما عن الأصحاء، وكانت النسبة أعلى عند النساء عن الرجال.
وتثبت هذه الدراسة أن هذا المزيج بين أمراض الكلى المزمنة وداء السكري يشكل عاملا قويا في ارتفاع نسبة التعرض إلى مضاعفات خطيرة في الجهاز الوعائي وأمراض القلب، فداء السكري في حد ذاته يرفع نسبة أمراض القلب والشرايين عند مرضى السكري بنسبة (6.7) في المائة، وترتفع النسبة عند مرضى الكلى المزمنة إلى (9.3) في المائة. أما إذا اجتمع المرضان معا فترتفع نسبة خطورة الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية إلى (19.6) في المائة، وهذه النسبة تعتبر كبيرة جدا وتعطي مؤشرات بأن هذا المزيج قاتل إذا لم يتم التدخل بشكل سريع في تشخيصه وعلاجه مبكرا.
> نسبة التنويم. هناك العديد من الدراسات التي أجريت بهدف التعرف على نسبة التنويم في المستشفيات بسبب مضاعفات السكري مثل أمراض الكلى المزمنة، وقد وجد فيها أن النسبة تتضاعف من 6 إلى 12 ضعفا عند مرضى السكري المصابين بأمراض الكلى المزمنة، مقارنة بالتنويم بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية. وهذا يشير إلى أن أمراض الكلى المزمنة كالفشل الكلوي قد تكون أكثر خطورة من أمراض القلب.
رصد المخاطر
> مخاطر «ما قبل السكري». يواصل الدكتور أمير بأن هناك مرحلة تسبق الإصابة بمرض السكري، وتشكل أيضاً خطورة على المريض، وتجعله أكثر قابلية للإصابة بأمراض الكلى المزمنة مقارنة بالأشخاص الطبيعيين. إذن فأمراض الكلى المزمنة يمكن أن تكون أيضاً مرتبطة بمرحلة ما قبل الإصابة بداء السكري.
> الثقافة والإدراك. دراسة حديثة، أجريت في المملكة العربية السعودية قام بها الدكتور سامي العبيدي سنة 2020 بهدف معرفة الثقافة والوعي والإدراك لدى المرضى بأمراض الكلى المزمنة، وزع فيها استبيانا على 983 مريضاً، أظهرت نتائجها أن هناك نقصاً شديدا في الإدراك والوعي والثقافة عند المرضى الذين لديهم أمراض كلى مزمنة في المجتمع السعودي. وهذه النتائج تشير لضرورة تثقيف المجتمع صحيا وتعريفهم بالمشاكل الصحية ومنها أمراض الكلى المزمنة في مراحل مبكرة.
> دور الأطباء. أظهرت الدراسة وجود نوع من التراخي في تعامل الأطباء مع مضاعفات مرض السكري وعمل بعض الإجراءات التشخيصية والفحوصات المخبرية لاكتشاف السكري في المراحل المبكرة وكذلك اكتشاف أمراض الكلى مبكرا. وقد وجد أن نسبة عمل تحليل مخزون السكري (HbA 1c) عند مرضى السكري منخفضة إلى 81 في المائة بينما المفترض أن تكون 100 في المائة لأن هذا التحليل هو أحد الإجراءات التشخيصية المهمة لمعرفة التحكم في داء السكري. وكانت نسبة تحليل زلال البول (albuminuria) 74 في المائة والمفروض أن تكون أعلى من ذلك، فزلال البول من أهم الأدوات التشخيصية لأمراض الكلى المزمنة إلى جانب معرفة قدرة ترشيح الكلى.
مراحل أمراض الكلى
تصنف أمراض الكلى المزمنة إلى خمس مراحل أو مستويات، قليلة المخاطر، متوسطة المخاطر، عالية المخاطر، عالية المخاطر جدا، وفشل الكلى المزمن، وذلك اعتمادا على مؤشرين، الأول انخفاض قوة ترشيح الكلية (eGFR) والثاني زيادة الزلال في البول (UACR) مما يدل على تدهور وظائف الكلى.
ومن المؤسف أن نسبة من الأطباء لم يتعاملوا مع أمراض الكلى المزمنة بشكل جيد خصوصاً في التشخيص، وكثيرا ما تمر على الأطباء بدون أن يتم اكتشافها في مراحل مبكرة. وقد أشارت إحدى الدراسات، التي شملت حوالي 5036 مريضاً بالسكري من النوع الثاني ولديهم أمراض كلى مزمنة، أن حوالي 88 في المائة من مرضى أمراض الكلى المزمنة لم يتم تشخيصهم وخصوصاً من هم في المرحلة الأولى من المرض (99 في المائة)، في المرحلة الثانية (95 في المائة)، الثالثة (82 في المائة)، الرابعة (47 في المائة)، الخامسة (41 في المائة) بمعنى أنه كلما تطورت وتقدمت الحالة المرضية كان التشخيص عاليا حيث يتجاوز النصف في المرحلة الخامسة. وفي حالة التشخيص المبكر تنخفض مخاطر أمراض الكلى حيث يتم تنظيم السكر في الدم والسكر التراكمي، والتحكم أيضاً في ضغط الدم، واتباع نظام غذائي صحي إضافة إلى استخدام الأدوية الخافضة للضغط. وفي دراسة حديثة أجريت عام 2020 وجد فيها أن حوالي 3 في المائة فقط من مرضى السكري من النوع الثاني يستخدمون أو صرفت لهم علاجات خافضة للسكري يمكنها الحماية من أمراض القلب وأمراض الكلى المزمنة.
دليل وقائي
يضيف الدكتور أمير أن مضاعفات السكري تعتبر من أكثر المشاكل الصحية انتشاراً على المستوى المحلي والعالمي. وللأسف لا يتم اكتشافها إلا في مراحل متأخرة. كما تعتبر أمراض الكلى المزمنة السبب الرئيسي لدخول مريض السكري في الفشل الكلوي الكامل ثم الغسيل الكلوي وزراعة الكلية. وفي الدليل الوقائي للجمعية الأميركية للسكري (ADA) لعام 2020، أوصت في منهجيتها لعام 2020 بالآتي:
> ضرورة إجراء تحليل نسبة الزلال في البول بالإضافة إلى نسبة ترشيح وظائف الكلى من أجل الاكتشاف المبكر لأمراض الكلى المزمنة، على الأقل مرة في السنة لمرضى السكري.
> الرفع من ثقافة المريض وإشراكه مع الطبيب بحيث يكون شريكا متفاعلا في إنجاح الخطة العلاجية والخطة الوقائية.
> على الأطباء التعامل مع المشاكل الصحية التي لها علاقة بمرض السكري ومضاعفاته.
> اكتشاف العلامات المبكرة والاستباقية للمضاعفات الخطيرة التي يمكن أن تنتج عنها أمراض الكلى المزمنة.
> عدم التأخر في استخدام كافة الوسائل التي تخفض من سكر الدم وبالتالي تخفض من نسبة حدوث المضاعفات التي تحدث في أوقات متأخرة.
> يجب أن يكون النظام الصحي مؤهلا بشكل كامل بحيث يوفر كافة الإمكانيات للأطباء والمرضى للتعامل في مراحل مبكرة.
> تيسير عملية تحويل مرضى أمراض الكلى المزمنة الذين لديهم داء السكري إلى المراكز المتخصصة للتشخيص الدقيق وإعطاء العلاج المناسب مبكرا.
> أن توضع هذه المشكلة في قائمة أولويات صناع القرار ومقدمي الخدمات الصحية، واستخدام المنهجيات الطبية العالمية الموحدة للتعامل مع المشكلة.
> الاستثمار في مراكز الرعاية الصحية الأولية فهي المحطة الأولى لاستقبال المرضى، وأن تكون مؤهلة بالكوادر الطبية المتخصصة المتمكنة من أطباء الأسرة والرعاية بالإضافة لوجود وسائل التشخيص المبكر.
> اكتشاف هذه الأمراض مبكرا يخفف العبء على النظام الصحي من الوصول إلى الغسيل الكلوي وزراعة الكلى.
الاعتلال السكري الكلوي
وفي حديثه لـ«صحتك» يقول الدكتور خالد المثعم استشاري الباطنة وأمراض الكلى بمدينة الملك فهد الطبية بالرياض أن اعتلال السكري الكلوي (Diabetic Nephropathy) مرض منتشر وذو خطورة عالية وقد يتطور إلى قصور أو فشل كلوي مزمن يحتاج إلى غسيل وزراعة كلى.
إن العديد من الدراسات العلمية تشير إلى أهمية توفير العناية اللازمة للحد من هذا الاعتلال الخطير نظرا لكونه يعتبر مؤثرا على صحة الفرد ويثقل كاهل النظام الصحي للمجتمعات. ولتوفير العناية الصحية المطلوبة توصي العديد من الجمعيات العلمية العالمية المعنية بأمراض الكلى بالآتي:
> أهمية تكوين فريق صحي من عدة تخصصات للعناية بمرض الاعتلال الكلوي السكري. وهذه هي التوصية الجديدة التي تتوافق مع تغير مفهوم الرعاية الصحية حيث أصبح الفرد أو المريض هو محور الرعاية الصحية.
> يتكون فريق الرعاية الصحية المعني بالكلى من طبيب الأسرة أو الرعاية الصحية الأولية، طبيب السكري، طبيب الكلى، اختصاصي التغذية، المثقف الصحي والصيدلاني وغيرهم من التخصصات الأخرى التي قد يحتاجها المريض.
> وتكمن أهمية الفريق في التواصل الفعال فيما بينهم للوصول للتشخيص الصحيح ووضع الخطة العلاجية المناسبة والتثقيف الصحي وإرشاد المريض إلى اتباع الطرق الصحية في الحياة مثل الرياضة والحمية الصحيحة.
> يكمن دور أطباء الأسرة والرعاية الأولية في التشخيص المبكر لمضاعفات السكري والحد من تدهور وظائف الكلى وتدهورها. ويتم إحالة المريض إلى طبيب الكلى في حال وصول المريض للمرحلة الرابعة لا قدر الله لتقديم الرعاية المطلوبة.
> ومن النصائح المهمة للمريض للتحكم بالمرض هو التحكم بمستوى السكر بالدم وضغط الدم بالإضافة إلى أن يكون الوزن مثاليا والابتعاد عن الأدوية المضرة بالكلى بدون وصفة طبيب.
الحل الدوائي
يواصل د. المثعم إن الدراسات تشير إلى أهم ثلاثة عوامل لتدهور المرض وهي: ارتفاع ضغط الدم الشرياني، ارتفاع السكر في الدم، وجود التهاب وتليف بأنسجة الكلى. وخلال السنوات الماضية كان هناك العديد من الأدوية التي ساهمت في التحكم في هذه العوامل والتقليل من خطورتها.
ومن أهم مجموعات الأدوية للتحكم باعتلال السكري الكلوي هي:
> أدوية التحكم بالضغط المثبطة لرينين وألدوستيرون (RASSi) في الجسم: وهي أدوية تستخدم عادة للتحكم في علاج ارتفاع ضغط الدم الشرياني وقد أثبتت فاعليتها للتحكم بالضغط لدى هؤلاء المرضى وكما أن لديها ميزة أخرى وهي التقليل من الزلال (البروتين) في البول والذي يعتبر واحدا من أهم عوامل الخطورة لتدهور وظائف الكلى والقلب.
> مثبطات مستقبلات الصوديوم والغلوكوز: وهي من أدوية السكر التي تم اكتشافها حديثا في السنوات القليلة الماضية. وأثبتت هذه المجموعة من الأدوية فاعليتها في التحكم في مستوى السكر في الدم بالإضافة إلى قدرتها على تقليل مستوى الزلال في البول وفاعليتها في تقليل خطورة تدهور اعتلال السكري الكلوي.
> مجموعة mineralocorticoid receptor antagonist: والتي تعتبر من أحدث الأدوية التي تم اكتشافها لعلاج اعتلال السكري الكلوي حيث يعمل هذا الدواء على التقليل من التليف والالتهاب في أنسجة الكلى الناتج عن المرض مما يؤدي إلى تقليل خطورة تدهور الكلى وقد أثبت هذا الدواء فاعليته من خلال ثلاث دراسات حديثة وكانت نتائجها إيجابية في أمراض القلب والكلى.
• استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

فيروس شائع قد يكون سبباً لمرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص

صحتك تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)

فيروس شائع قد يكون سبباً لمرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص

اكتشف الباحثون وجود صلة بين عدوى الأمعاء المزمنة الناجمة عن فيروس شائع وتطور مرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

وفق تصنيف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية

صحتك أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)

دراسة: النباتيون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب

تشير دراسة إلى أن النباتيين قد يكونون أكثر عرضة للاكتئاب؛ لأنهم يشربون الحليب النباتي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك تساهم المكسرات والأسماك الدهنية والخضراوات والفواكه في رفع مستويات الكوليسترول الجيد (أرشيفية- جامعة ناغويا)

أفضل الوجبات الصحية للعام الجديد

خلص خبراء إلى أن أفضل وجبة غذائية لعام 2025، هي الوجبة «المتوسطية» التي ترتبط بالعادات الغذائية لسكان منطقة حوض المتوسط.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)

3.4 مليون مريض سنوياً بسبب المشروبات السكرية

المشروبات المحلاة بالسكر تحتوي على سكريات مضافة تُستخدم لتحسين الطعم (جامعة تافتس)
المشروبات المحلاة بالسكر تحتوي على سكريات مضافة تُستخدم لتحسين الطعم (جامعة تافتس)
TT

3.4 مليون مريض سنوياً بسبب المشروبات السكرية

المشروبات المحلاة بالسكر تحتوي على سكريات مضافة تُستخدم لتحسين الطعم (جامعة تافتس)
المشروبات المحلاة بالسكر تحتوي على سكريات مضافة تُستخدم لتحسين الطعم (جامعة تافتس)

كشفت دراسة أميركية حديثة عن أن استهلاك المشروبات المحلاة بالسكر يتسبب في 3.4 مليون حالة جديدة سنوياً من مرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب على مستوى العالم.

وأوضح الباحثون من جامعة تافتس أن الدول النامية، مثل منطقة أفريقيا جنوب الصحراء والمكسيك وكولومبيا، تتحمل العبء الأكبر من هذا التأثير، ونشرت النتائج، الاثنين، في دورية (Nature Medicine).

تُعرف المشروبات المحلاة بالسكر بأنها تلك التي تحتوي على سكريات مضافة تُستخدم لتحسين الطعم، مثل الصودا، والعصائر المصنعة، ومشروبات الطاقة، وبعض المشروبات الرياضية.

واعتمدت الدراسة على تحليل شامل لبيانات عالمية حول استهلاك هذه المشروبات وتأثيرها على الصحة العامة، باستخدام نماذج إحصائية متقدمة لتقدير نسبة حالات السكري وأمراض القلب المرتبطة بها.

وأظهرت النتائج أن استهلاك المشروبات المحلاة بالسكر يؤدي إلى 2.2 مليون حالة جديدة من السكري من النوع الثاني و1.2 مليون حالة جديدة من أمراض القلب سنوياً على مستوى العالم.

وتُعد الدول النامية الأكثر تأثراً؛ حيث تسبب استهلاك المشروبات السكرية في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء في أكثر من 21 في المائة من جميع حالات السكري الجديدة. وفي أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، أسهمت هذه المشروبات فيما يقرب من 24 في المائة من حالات السكري الجديدة و11 في المائة من حالات أمراض القلب.

وكشفت الدراسة أيضاً عن أمثلة بارزة لتأثير هذه المشروبات، مثل كولومبيا؛ حيث يعود أكثر من 48 في المائة من حالات السكري الجديدة إلى استهلاك المشروبات السكرية. وفي المكسيك، يُعزى ثلث حالات السكري الجديدة إلى هذه المشروبات، بينما في جنوب أفريقيا تُسهم بنسبة 27.6 في المائة من حالات السكري و14.6 في المائة من حالات أمراض القلب الجديدة.

وأوضح الباحثون أن المشروبات المحلاة بالسكر تُهضم بسرعة في الجسم، مما يؤدي إلى ارتفاع مفاجئ في مستويات السكر في الدم دون تقديم أي قيمة غذائية تُذكر.

وأشاروا إلى أن الاستهلاك المستمر لهذه المشروبات يؤدي إلى زيادة الوزن، ومقاومة الإنسولين، ومشكلات أيضية تزيد من خطر الإصابة بالسكري وأمراض القلب، وهما من الأسباب الرئيسية للوفيات عالمياً.

وأوصى الباحثون بضرورة تطبيق سياسات شاملة للحد من استهلاك المشروبات المحلاة بالسكر، تشمل حملات التوعية الصحية، وتنظيم الإعلانات، وفرض ضرائب على هذه المشروبات.

وقال الدكتور داريوش مزافاريان، الباحث الرئيسي للدراسة من جامعة تافتس: «تُسوّق المشروبات المحلاة بالسكر بشكل مكثف في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، مما يؤدي لتفاقم معاناة هذه المجتمعات التي غالباً ما تفتقر إلى الموارد اللازمة لمواجهة العواقب الصحية طويلة الأجل».

وأضاف، عبر موقع الجامعة، أن «هناك حاجة مُلحة لمواجهة هذه الظاهرة بشكل جاد، لا سيما في مناطق مثل أميركا اللاتينية وأفريقيا؛ حيث يظل الاستهلاك مرتفعاً وتكون العواقب الصحية وخيمة».