مملكة كِندة ومدينة ثاج وعراقة الدرعية وآثار طنطورة والرواشين الحجازية... كلها كنوز أثرية تنعم بها أرض السعودية، لتتحوّل هذه المواقع والآثار التاريخية إلى رسومات تزيّن الملابس، وتدخل في صناعة الأزياء لتحاكي قصص الماضي وتعبّر عن اعتزاز السعوديات بهذا الإرث التاريخي العريق.
ولا يبدو الأمر سهلاً، كما توضح مصممة الأزياء حنان التركي، التي قادتها موهبة الرسم لتحويل هذه المعالم الأثرية إلى قصص مرسومة ومنسوجة في القطع التي تصنعها، والتي من أبرزها العباءات النسائية، حيث تنهل التركي المعلومات والشواهد التاريخية من الكتب وأرشيف والدها المتفحص بعالم الآثار، بما يلهمها على صناعة قطع مختلفة تعبّر عن عمق الحضارة التي تضمها أرض السعودية.
وتوضح التركي لـ«الشرق الأوسط»، أنها تعاونت من عدد من الجهات التي تطلب تصاميمها للعباءات المستوحاة من تاريخ السعودية العريق، مبينة أن بدايتها في صناعة الأزياء جاءت عام 2006، لترسم بالصدفة رسماً تجريدياً على إحدى العباءات مع تطريز الرسمة وعرض القطعة التي لقيت إقبالاً كبيراً آنذاك، بما شجعها على مواصلة هذا المسار، مضيفة «مع توجه السعودية للاهتمام بالآثار، ركزت على رسوم الحضارات القديمة والمعالم الأثرية».
واليوم، لدى التركي عباءة طنطورة التي تمتاز برسم قصر الفريد بمدينة العُلا (غرب السعودية) ذي التاريخ الضارب في القِدم ضمن المقابر النبطية. ولديها أيضاً عباءة تعكس تاريخ الدرعية؛ مبينة أنها قرأت الكثير عن تاريخها ومبانيها القديمة والمواد المستخدمة وتفاصيلها، بما في ذلك الشقوق والكلمات المدونة، والنوافذ الخشبية مع أعمدة الحديد ومعرفة ارتفاعها بدقة، وتفاصيل أخرى قرأتها وساعدتها على رسمها في قماش العباءة.
وتأتي الرواشين والمشربيات في قائمة القطع الأكثر طلباً، كما تؤكد التركي، والتي تعد من أبرز فنون العمارة الحجازية، واستطاعت تحويلها بأنامها إلى عباءات ناطقة تحكي جماليات هذا الفن المعماري العريق.
إلى جانب عباءة مملكة كِندة التي تعود تاريخياً لما قبل الميلاد، في عباءة تظهر طريقة المباني والمجوهرات والأواني المستخدمة في تلك الحقبة، قائلة «كان الأمر أشبه بالخيال؛ مما دعاني لمشاهدة مقاطع فيديو كي أكوّن الصورة في مخيلتي وأجمع المعلومات».
ليس هذا فقط، فهناك عباءة تحكي ماضي قرية جبة بحائل، وعباءة السبحة التي تتضمن نقوش الجص الإحسائية وتسرد قصة السبحة منذ صناعتها وحتى وصولها إلى أرض العرب، وعباءة عقد الرشرش التي تتضمن عقود الذهب بأحجام كبيرة، واستخدمت التركي فيها تقنية «3D» ونقوشاً خاصة بمنطقة نجد إلى جانب النقوش الجصية الموجودة في المنطقة الشرقية.
وهناك عباءة العرضة السعودية التي تصفها التركي بـ«الجريئة» بالنظر لألوانها الصاخبة، وعباءة القط العسيري المستوحاة من جمال الفن الجداري الشهير في منطقة عسير. مضيفة «أحب أن أقوم بإيصال رسالة فنية وفكرية في آن واحد؛ لذا فإن كل قطعة أصنعها يأتي معها معلومات مرفقة تبين تفاصيل العباءة».
ويأتي ذلك منسجماً مع تعطش المرأة السعودية اليوم لكل تطوير جديد يضيف للعباءات ويجعلها تعكس هوية المكان وروح الماضي الأصيل، وهو توجه صار يشجع العديد من المصممين والمصممات على اكتشاف مناطق جديدة في هذه الصناعة؛ يجمع ما بين الشكل العصري والإرث التاريخي، بما يجعل هذه الأزياء تتحوّل إلى منسوجات تعزز من قيمة وأصالة هذا الإرث الثمين.
آثار السعودية تدخل في صناعة الأزياء وتحكي قصص الماضي
الدرعية و«الرواشين» و«ثاج» و«كِندة»... تاريخ يزيّن ظهور العباءات
آثار السعودية تدخل في صناعة الأزياء وتحكي قصص الماضي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة