رفع تصنيف الأردن الائتماني يبشر بنجاح الإصلاحات الصعبة

العسعس: القرار يعكس قوة السياسات المالية

توقعت «فيتش» تضييق العجز المالي الأردني في ضوء ارتفاع الإيرادات (رويترز)
توقعت «فيتش» تضييق العجز المالي الأردني في ضوء ارتفاع الإيرادات (رويترز)
TT

رفع تصنيف الأردن الائتماني يبشر بنجاح الإصلاحات الصعبة

توقعت «فيتش» تضييق العجز المالي الأردني في ضوء ارتفاع الإيرادات (رويترز)
توقعت «فيتش» تضييق العجز المالي الأردني في ضوء ارتفاع الإيرادات (رويترز)

قال وزير المالية الأردني محمد العسعس، لـ«رويترز»، إن رفع مؤسسة «فيتش» توقعاتها للتصنيف الائتماني للأردن يعكس «قوة سياساتها المالية»، ويظهر أن الإصلاحات الهيكلية الصعبة التي يدعمها صندوق النقد ستنجح.
ورفعت «فيتش» مساء الثلاثاء توقعاتها لتصنيف الأردن الائتماني إلى مستقرة من سلبية، وقالت، إن هذا يعكس «تقدم الأردن في ضبط أوضاع المالية العامة، والتعافي الاقتصادي بعد الجائحة». وأكدت الوكالة، أن «الإصلاحات المالية والاقتصادية المستمرة ستؤدي في النهاية إلى استقرار ثم خفض نسبة الدين الحكومي للناتج المحلي الإجمالي».
وتوقعت وكالة «فيتش» في تقريرها تضييق العجز المالي الأردني في ضوء ارتفاع الإيرادات، مدفوعاً بالتعافي الاقتصادي، بالإضافة إلى الجهود المستمرة لمكافحة التهرب الضريبي وتعزيز النظام الضريبي. ومن المتوقع أن يصل الدين الحكومي العام إلى ذروته عند 94 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي 2022 - 2023.
وتتوقع وكالة «فيتش» بأن يتعافى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2 في المائة عام 2022، و2.5 في المائة عام 2022، مدعوماً بعودة حركة التجارة العالمية وبعض التعافي في القطاع السياحي. ومع ذلك، فإن انتشار فيروس كورونا والفيروسات المتحورة منها في الأردن وأماكن أخرى تشكل مخاطر على النمو على المدى القريب، لكن معدل التطعيم الذي وصل إلى 40 في المائة والنظام الصحي المجهز جيداً يخففان من هذه المخاطر.
وقال العسعس لـ«رويترز»، «نتوقع أن تؤتي الإصلاحات الصعبة التي قمنا بها ثمارها». ويأتي رفع التصنيف بعد إبرام اتفاق بين الأردن وصندوق النقد الدولي بشأن المراجعة الثالثة لتسهيل الصندوق الممدد البالغ قيمته 1.3 مليار دولار لمدة أربع سنوات، لإجراء إصلاحات هيكلية لمساعدته على استعادة الحصافة المالية لتحقيق تعاف مستدام.
ويأتي إصدار القرار الائتماني مدعوماً بالإصلاحات الهيكلية التي تنفذها الحكومة الأردنية ضمن برنامجها الاقتصادي وبالتعاون مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، خاصة في أعقاب الاتفاقية الأخيرة على مستوى الخبراء بين السلطات وصندوق النقد الدولي بشأن المراجعة الثالثة لترتيب تسهيل الصندوق الممدد في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، والذي يشير تقرير «فيتش» إلى أنه يعكس «أداءً قوياً»، خاصة فيما يتعلق بتنفيذ عدد واسع من الإصلاحات الهيكلية ومعايير الأداء المالية.
وقال العسعس، إن التزام الأردن بإصلاحات صندوق النقد الدولي وثقة المستثمرين في تحسن النظرة المستقبلية ساعدته على الحفاظ على التصنيفات السيادية مستقرة، في وقت تواجه فيه الأسواق الناشئة الأخرى تخفيضات.
وقالت «فيتش»، إن حملة تحصيل الإيرادات القوية التي بدأها الأردن منذ العام الماضي ستؤدي إلى خفض العجز المالي هذا العام. وزادت الحكومة الإيرادات العام الماضي دون زيادة الضرائب من خلال حملة نادرة لمكافحة التهرب الضريبي، وبإعادة هيكلة لإدارة الضرائب والجمارك وضعت نهاية للإعفاءات.
وأضاف العسعس «جرى توجيه سياسات الإيرادات المحلية لدينا نحو المزيد من التحصيل التدريجي، استناداً إلى تحسين الإدارة الضريبية والحد من التهرب الضريبي».
وقال صندوق النقد الدولي، إن الأردن أجرى إصلاحات رئيسية لسد الثغرات الضريبية مع الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي والاستقرار المالي، لكن أكبر التحديات التي يواجهها هي زيادة النمو إلى أكثر من اثنين في المائة لخلق الوظائف وجذب الاستثمارات وتخفيف حدة الفقر.
وتضرر الاقتصاد الأردني بشكل خاص العام الماضي من عمليات الإغلاق بهدف احتواء فيروس كورونا، ووصلت البطالة إلى مستوى قياسي بلغ 24 فب المائة وسط أسوأ انكماش منذ عقود.



السعودية تواصل الإنفاق التوسعي الموجه لتحقيق النمو الاقتصادي والاستدامة المالية

العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تواصل الإنفاق التوسعي الموجه لتحقيق النمو الاقتصادي والاستدامة المالية

العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

غداة نشر وزارة المالية السعودية البيان التمهيدي لميزانية العام المالي 2025، قال مختصون لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة السعودية تظهر من خلال توقعاتها في الميزانية حرصها على الاستمرار في تمويل المشروعات الاقتصادية الكبرى، وخلق الوظائف الجديدة، وتنفيذ الخطط الاستراتيجية المرتبطة بـ«رؤية 2030»، لتسريعها وفق تطلعات الدولة لكي تصبح رافداً للاقتصاد الوطني في الأعوام المقبلة.

ووفق البيان التمهيدي للميزانية، فمن المتوقع أن يبلغ إجمالي الإيرادات نحو 1.184 تريليون ريال في 2025 وصولاً إلى نحو 1.289 تريليون ريال في 2027، في حين يُقدَّر أن يبلغ إجمالي النفقات نحو 1.285 تريليون ريال في العام المقبل ليرتفع إلى نحو 1.429 تريليون ريال في العام المالي 2027.

وأشار البيان إلى أن الحكومة تعتزم في العام المالي المقبل، وفي المدى المتوسط، ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الاستمرار في الإنفاق على الخدمات الأساسية للمواطنين والمقيمين. كما تواصل استثمار الموارد المالية المتاحة لتنويع القاعدة الاقتصادية عن طريق الإنفاق التحولي الذي يشتمل على الاستراتيجيات القطاعية والمناطقية، والمراجعة الدورية للجداول الزمنية للمشروعات، وبرامج «رؤية 2030»؛ وذلك لتجنب الضغط على النشاط الاقتصادي الذي قد ينشأ نتيجة زيادة الإنفاق الحكومي.

كما تستهدف المملكة الاستمرار في تنويع قنوات التمويل ما بين إصدار السندات والصكوك والقروض، إضافة إلى التوسع في عمليات التمويل الحكومي البديل عن طريق تمويل المشروعات وتمويل البنى التحتية ووكالات ائتمان الصادرات، وذلك من ضمن استراتيجية وزارة المالية لدعم استمرارية واستكمال المشروعات التنموية في البلاد.

المشروعات التنموية

وقال المستشار وأستاذ القانون التجاري الدكتور أسامة العبيدي لـ«الشرق الأوسط»، إن البيان التمهيدي يعكس حرص الحكومة السعودية على الاستمرار في المشروعات التنموية الكبرى المحفزة للنمو الاقتصادي، وتعزيزه، ورفع جودة الخدمات العامة المقدمة للأفراد والأعمال على حد سواء، والمحافظة على استدامة مؤشر الدين العام، وعلى مستويات آمنة من الاحتياطي النقدي، واستكمال تنفيذ المبادرات والإصلاحات الاقتصادية في ظل «رؤية 2030».

وأوضح أن المملكة قررت مواصلة الإنفاق التوسعي لتحقيق نمو اقتصادي ملائم، والحفاظ على الاستدامة المالية، لافتاً إلى أن وجود عجز في الميزانية يعني مواصلة الاقتراض لسد هذا العجز.

وتهدف الميزانية التوسعية إلى الاستمرار في تمويل المشروعات الاقتصادية الكبرى، وتعزيز النمو الاقتصادي، وخلق وظائف جديدة، وتنفيذ الخطط والمبادرات لتحقيق مستهدفات «رؤية 2030»، إضافة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية، حيث ازدادت الفرص الاستثمارية المتاحة، خصوصاً في قطاعَي التعدين والتقنية وغيرهما من القطاعات الواعدة، ما سيؤدي إلى زيادة في نمو الناتج الإجمالي المحلي.

وتابع أستاذ القانون التجاري، أن توقعات النمو جاءت أقل من التنبؤات السابقة؛ بسبب انخفاض أسعار النفط، وخفض المملكة إنتاجها؛ تنفيذاً لالتزاماتها وفق اتفاق «أوبك بلس»، ما أدى إلى انخفاض إيرادات المملكة النفطية، وانخفاض الناتج المحلي الإجمالي، وتحقيق نمو اقتصادي أقل من التوقعات السابقة.

جودة الحياة

من ناحيته، بيّن أستاذ المالية والاستثمار في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الدكتور محمد مكني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن العجز في الميزانية العامة للدولة خلال 2025 محدود، ويبلغ نحو 26.9 مليار دولار، وهو مرتبط بالحرص على مواصلة الإنفاق حتى لا تتأثر المشروعات العملاقة المستهدفة، وكذلك جودة حياة المواطن.

وقال: «يلاحظ أن الميزانية جاءت استكمالاً للأهداف التوسعية لسياسة المملكة المعتاد عليها في السنوات السابقة في زيادة الإنفاق، وهناك مبشّرات فيما يخصّ القطاع غير النفطي وتوقعات نموه في الأعوام المقبلة بنحو 4 في المائة».

وبخصوص العام الحالي، «هناك عجز طفيف أيضاً في الميزانية العامة، إلا أنه من المتوقع ارتفاع الإيرادات غير النفطية بنسبة تتجاوز 3 في المائة»، وفق مكني.

وواصل أستاذ المالية والاستثمار في جامعة الإمام محمد بن سعود، أن المؤشرات الرئيسية التي تركز عليها الاقتصادات كافة، تتمثل في مستويات الإنفاق الاستهلاكي، وهذا البند يشهد نمواً في المملكة، وكذلك مؤشرات البطالة في البلاد التي تواصل التراجع خلال الفترة الماضية.

وتابع أن «القطاع النفطي كان يعاني في الفترات السابقة نظراً للسياسات المتبعة من قبل منظمتَي (أوبك) و(أوبك بلس)، وبسبب التخفيضات الطوعية المتخذة من قبل المملكة، إلا أنه من المتوقع أن يتحسّن في الفترة بين عامَي 2025 و2027».

التحسينات الاقتصادية

ومن المعلوم أن المملكة انتهجت سياسة إعادة أولويات الإنفاق، والتركيز على المشروعات التي يمكن إنجازها بشكل أسرع؛ لتصبح رافداً للاقتصاد الوطني خلال الأعوام ما قبل 2030، كما ستُمكّن تلك السياسات المستثمرين الأجانب والمحليين من زيادة التوسع وتحقيق أهدافهم الربحية.

وأضاف الدكتور مكني، أن «الإصلاحات التي قامت بها المملكة باتت ملموسة بشكل مباشر، وطالت مجموعة التحسينات كثيراً من القطاعات على مستوى الأنظمة والتشريعات، والأرقام المحققة في مؤشرات اقتصادية مهمة، إلى جانب سيناريوهات ثلاثة وضعتها وزارة المالية؛ لضمان استمرارية نمو الاقتصاد، وخلق فرص مستقبلية للمستثمرين، وكذلك انتعاش الأنشطة غير النفطية».

القطاعات الواعدة

وأكد البيان التمهيدي للميزانية العامة، أنه «في ضوء التطورات الاقتصادية التي تشهدها المملكة، واستكمالاً لتنفيذ عدد من المبادرات المالية والاقتصادية، وتبني سياسات مالية تسهم في تعزيز الاستقرار والاستدامة لميزانية الدولة للعام المالي 2025، يُتوقع أن تسجل ميزانية عام 2025 عجزاً بنحو 2.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي».

ولفت البيان إلى «تحقيق معدلات نمو في الناتج المحلي الإجمالي مدعومةً بنمو الأنشطة غير النفطية؛ ما أسهم في ازدهار القطاعات الواعدة مثل السياحة والترفيه والنقل والخدمات اللوجيستية والصناعة، بالإضافة إلى تحسين جودة الحياة، وتمكين القطاع الخاص، وانخفاض معدل البطالة إلى أدنى مستوياته تاريخياً، وقد انعكس ذلك بشكل إيجابي على توقعات المنظمات الدولية ووكالات التصنيف الائتماني لأداء الاقتصاد السعودي».

واستعرض البيان أبرز توقعات عام 2024، ومنها تسجيل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نمواً بنسبة 0.8 في المائة في عام 2024؛ مدعوماً بنمو الأنشطة غير النفطية الذي من المتوقع أن يسجل نحو 3.7 في المائة، إضافة إلى أنه من المتوقع أن يسهم انخفاض أسعار الفائدة مؤخراً في ارتفاع الطلب؛ ما قد يؤثر بشكل إيجابي على النمو الاقتصادي.

كما تشير التوقعات الأولية إلى وصول الرقم القياسي لأسعار المستهلك (معدل التضخم) إلى نحو 1.7 في المائة بنهاية عام 2024.