المستشفيات في لبنان للأغنياء ومراكز الرعاية لبقية المواطنين

TT

المستشفيات في لبنان للأغنياء ومراكز الرعاية لبقية المواطنين

بات الوضع الخطير الذي يرزح تحته القطاع الصحي في لبنان يتطلب البحث عن حلول بعيدة عن تلك المتعارف عليها منذ سنوات التي تقوم بشكل أساسي على المستشفيات التي بات الكثير منها مهدداً بالإقفال مع الارتفاع الجنوني لتكاليف الاستشفاء تماشياً مع ارتفاع سعر صرف الدولار، ما انعكس ارتفاعاً بتكلفة المستلزمات والخدمات الطبية، لم يعد المواطن قادراً على تكبدها.
وبعدما كان نقيب المستشفيات سليمان هارون رفع الصوت أكثر من مرة منبهاً من تحول المستشفيات حكراً على الأغنياء في حال استمر تحليق سعر الصرف، كشف وزير الصحة فراس أبيض مؤخراً عن مجموعة معطيات تؤشر إلى المنحى الخطير الذي يسلكه الواقع الطبي ما يهدد حياة آلاف المرضى. وتحدث أبيض عن تداعيات خطيرة للأزمة الاقتصادية على الجانب الصحي وأبرز مؤشراتها «التراجع الكبير في مستوى التلقيح ضد أمراض مختلفة لتصبح نحو 60 في المائة بعدما كانت تصل إلى 95 في المائة»، كما لفت إلى «ارتفاع نسبة الوفيات عند الأمهات أثناء الولادة وإلى زيادة بنسبة 30 في المائة إلى 40 في المائة من المرضى الذين يأتون إلى الطوارئ لأنهم كانوا عاجزين عن مراجعة أطبائهم أو الحصول على الدواء». ودعا أبيض المواطنين إلى أن يقصدوا مراكز الرعاية الأولية الـ250 الموزعة في مختلف المناطق اللبنانية، حيث قال إن بإمكانهم أن يحصلوا مجاناً على نحو 90 دواء من أدوية الأمراض المزمنة.
ولم يكن قسم كبير من اللبنانيين حتى الأمس القريب يعلمون بوجود مراكز للرعاية الصحية الأولية ولا يزال الكثيرون حتى اليوم لا يعلمون ما هي الخدمات التي تقدمها وما إذا كانت بديلاً عن المستشفى.
ويشرح الدكتور مروان الزغبي الاختصاصي بطب العائلة أهمية اعتماد نظام صحي يقوم على الرعاية الصحية الأولية، لافتاً إلى «ذلك كان ضرورياً قبل الأزمة الراهنة لأننا أنفقنا مبالغ خيالية على الفاتورة الصحية والدوائية وقد بات الموضوع اليوم أكثر من ضرورة لأنه آن أوان الانتقال من الطب القائم على ردة الفعل أي انتظار تطور المرض للتوجه للعلاج، إلى الطب الوقائي بحيث يكون لكل شخص طبيب في مركز الرعاية الأولية يشخص حالته ويُخضعه لفحوصات دورية ويشاركه برامج التوعية للوقاية من الأمراض ومكافحتها».
ويوضح الزغبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه المراكز تقدم خدمات الرعاية الأولية أي حين تكون العوارض في بداياتها ولا تستدعي نقل المريض إلى غرفة الطوارئ، وهي مراكز شبه مجانية يعمل فيها أطباء عائلة وأطباء متخصصون بالأطفال والنساء وأطباء عموميون وغيرهم ويخضعون لتثقيف مستمر لتطوير مهاراتهم». ويضيف: «التوجه لمراكز الرعاية الصحية لا يجب أن يتم كون هذه المراكز شبه مجانية إنما رغبة باعتماد ثقافة صحية صحيحة بحيث يكون هناك طبيب واحد يتابع حالة كل شخص ويوجهه باتجاه الطبيب المتخصص في حال استدعت حالته ذلك فيكون هو أشبه بقائد الأوركسترا، كونه يتابع الحالة بشكل دائم ويحاول تجنب تطور أي مرض بما يستدعي دخول المستشفى».
ومراكز الرعاية الصحية الأولية هي مراكز معتمدة من قبل وزارة الصحة اللبنانية منتشرة في كل المناطق وقد تكون قائمة على مبادرات فردية أو أهلية وتمولها منظمات وجمعيات محلية أو أجنبية.
وتوضح مديرة قسم التواصل والعلاقات العامّة في «منظمة مالطا» أميمة فرح أن «عدد المرضى الذين باتوا يلجأون إلى هذه المراكز زاد 5 أضعاف، ما حتم علينا زيادة ساعات العمل واختصاصات الأطباء إضافة لتطوير وزيادة الخدمات التي نقدمها»، نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة خاصة أن هذه المراكز تقدم خدمات مجانية أو برسوم رمزية.
ولعل أهم ما تقدمه هذه المراكز أيضا هي الأدوية المؤمنة بهبات من الخارج وخاصة أدوية الأمراض المزمنة التي تحاول وزارة الصحة تأمين قسم كبير منها مجاناً، باعتبار أن أسعار الأدوية في الصيدليات بات جنونياً ولم يعد كثير من اللبنانيين قادرين على تأمين تكلفة هذه الأدوية.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).