«بيت» المغربية تحتفي بالتجربة الأدبية لمحمد الأشعري

«بيت» المغربية تحتفي بالتجربة الأدبية لمحمد الأشعري
TT

«بيت» المغربية تحتفي بالتجربة الأدبية لمحمد الأشعري

«بيت» المغربية تحتفي بالتجربة الأدبية لمحمد الأشعري

خصت مجلة «البيت»، التي يُصدرها «بيت الشعر في المغرب»، عددها الـ39 للتجربة الإبداعية للشاعر المغربي محمد الأشعري، المتوج أخيراً بجائزة «الأركانة» العالمية في دورتها الخامسة عشرة.
وضم عدد خريف 2021 من المجلة التي يديرها الشاعر حسن نجمي، ويرأس تحريرها الناقد خالد بلقاسم، وتصدر بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل (قطاع الثقافة)، افتتاحية بعنوان «جمرة الشعر»، وثلاثة أبواب، الأول خاص بدراسات في أعمال الأشعري الشعرية، والثاني بشهادات عن الشاعر وتجربته، والثالث بمُقاربات عن أعماله الروائية.
وتضمن الباب الأول الدراسات التالية: «الإيروس وحُلم التسمية» لنبيل منصر، و«شعرية المُراوحة بين الجواني والبراني» لرشيد المومني، و«الكلمة واختلاق العمل الفني» ليوسف ناوري، و«شعر الأشعري، إطلالة في أعماله الشعرية» لنجيب العوفي، و«شعرية العبور» لعلال الحجام، و«محمد الأشعري شاعراً - روائياً إشكالياً» لعبد العزيز بومسهولي، و«التشكيل والدلالة في شعر محمد الأشعري» لعبد السلام المساوي، و«يباب لا يقتل أحداً» لمحمد بوجبيري، و«صُور في مرآة الماء» لأحمد بنميمون، و«من صهيل الآيديولوجيا إلى باحة التجربة» ليحيى بن الوليد، و«شعرية المُحتمل في مُتخيل محمد الأشعري» للطيفة بلخير، و«آثار خُطى مشاء في دروب القصيدة» لخالد بلقاسم، و«شعرية اللون» لمحمد حجي محمد، و«انفتاح الحكي الشعري على خطاب الرسالة» لمحمد العناز، و«تجربة الشاعر بين الالتزام والوفاء للقصيدة» لمراد الخطيبي، و«المحكي الشعري وتخييلات الذات» لرشيد الخديري.
وضم الباب الثاني الشهادات التالية: «رسالة إلى محمد الأشعري» لحسان بورقية، و«شاعرٌ لم يَقتف أثرَ أحَد ولا مشَى في مَوكب أحد» لعبد الكريم جويطي، و«الأشعري وقصيدتي» لمراد القادري، و«محمد الأشعري شاعر تشكيل وروائي بصري» لإبراهيم لحيسن، و«محمد الأشعري العائد من بعيد» لعزيز أزغاي، و«رسالة إلى شاعر كلمة الحجر» لبوجمعة العوفي، و«كما لو أُبتُ من سفر؛ أيام في صنعاء» لمحمد الصالحي، و«سي محمد صديقي، وسيأتي» لعبد الرحيم الخصار، و«ديوان الوزير» لمحمد بشكار.
فيما تضمن الباب الثالث الدراسات التالية: «سؤال اليُتم وقلق الانتساب» لحسن المودن، و«العين الروائية» لشرف الدين ماجدولين، و«محمد الأشعري، من القصيدة إلى الرواية» لصدوق نور الدين، و«الرغبة والفقدان» لإبراهيم أولحيان، و«جمالية التحول المُفارق» لعبد الرحمان التمارة، و«التمثيلات الرمزية للجسد» لعماد الورداني، و«الكتابة وأسئلة الذات والسياسة» لأشرف الحساني.
والأشعري هو شاعر وروائي، ولد في زرهون بوسط المغرب سنة 1951، بدأ نشر قصائده في مطلع سبعينات القرن الماضي، قبل أن يصدر ديوانه الأول «صهيل الخيل الجريحة» سنة 1978، ومنذ ذلك الحين، صدرت له الكثير من المؤلفات، بينها ما ترجم إلى لغات عديدة.
ومن كتاباته في الشعر «عينان بسعة الحلم» (1981) و«يومية النار والسفر» (1983) و«سيرة المطر» (1988) و«مائيات» (1994). ومن الرواية والقصة: «يوم صعب» (1992) و«جنوب الروح» (1996) و«القوس والفراشة» (2010) و«علبة الأسماء» (2014) و«ثلاث ليال» (2017) و«العين القديمة» (2018) و«من خشب وطين» (2021).
ونال الأشعري عن روايته «القوس والفراشة» جائزة البوكر العربية للرواية لعام 2011، مناصفة مع الروائية السعودية رجاء عالم، عن روايتها «طوق الحمام».
وعمل الأشعري في الصحافة، وترأس تحرير عدد من الملاحق والمجلات الثقافية، كما ترأس اتحاد كتاب المغرب، ما بين 1989 و1996، كما انخرط في العمل السياسي والنقابي، وخاض التجربة الانتخابية التي قادته إلى البرلمان ثم إلى الحكومة، حيث سيصبح وزيراً للثقافة والاتصال ما بين 1998 و2007.



قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية
TT

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

كانت الأراضي الفلسطينية طوال آلاف السنين مقراً وممراً للعديد من الحضارات العريقة التي تركت وراءها آلاف المواقع الأثريّة ذات الأهميّة الفائقة، ليس في تاريخ المنطقة فحسب، بل ومُجمل التجربة البشرية. وقد أصبحت المواقع بمحض القوة بعد قيام الدولة العبرية عام 1948 خاضعة لسلطة دائرة الآثار الإسرائيلية، التي لا تدخر وسعاً في السعي لتلفيق تاريخ عبراني لهذه البلاد، وإخفاء ما من شأنه أن يتعارض مع سرديات الحركة الاستعماريّة الصهيونيّة عنها.

على أن أراضي الضفة الغربيّة التي احتُلَتْ عام 1967 وتحتوى على ما لا يَقِلُّ عن 6 آلاف موقع أثَري ظلّت قانونياً خارج اختصاص دائرة الآثار الإسرائيلية، بينما تمّ بعد اتفاق أوسلو بين الدولة العبريّة ومنظمة التحرير الفلسطينية في 1995 تقاسم المنطقة لناحية اللقى والحفريات بشكل عشوائيّ بين السلطة الفلسطينية ووحدة الآثار في الإدارة المدنية الإسرائيلية، وفق تقسيمات الأراضي الثلاث المعتمدة للحكم والأمن (أ- سلطة فلسطينية، باء: سيطرة مدنية فلسطينية وسيطرة أمنية مشتركة مع الجانب الإسرائيلي، ج: سيطرة إسرائيلية تامة).

ويبدو أن غلبة التيار اليميني المتطرّف على السلطة في الدّولة العبريّة تدفع الآن باتجاه تعديل قانون الآثار الإسرائيلي لعام 1978 وقانون سلطة الآثار لعام 1989 بغرض تمديد صلاحية سلطة الآثار لتشمل مجمل الأراضي الفلسطينية المحتلّة عام 1967، بينما سيكون، حال إقراره، انتهاكاً سافراً للقانون الدّولي الذي يحظر على سلطات الاحتلال القيام بأنشطة تتعلق بالآثار ما لم تتعلق بشكل مباشر باحتياجات السكان المحليين (في هذه الحالة السكان الفلسطينيين).

ولحظت مصادر في الأرض الفلسطينية المحتلّة بأن الأوضاع الأمنيّة في الضفة الغربيّة تدهورت بشكل ملحوظ منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر (تشرين الأول) من العام 2023، وكثّفت السلطات الإسرائيليّة من توسعها الاستيطاني بشكل غير مسبوق منذ ثلاثة عقود، ورفعت من وتيرة هجماتها على بؤر المقاومة، وأطلقت يد المستوطنين اليهود كي يعيثوا فساداً في القرى والبلدات العربيّة تسبب بهجرة آلاف الفلسطينيين من بيوتهم، مما يشير إلى تكامل الجهد العسكري والاستيطاني مع التعديلات القانونية المزمعة لتحضير الأرضية المناسبة لتنفيذ النيات المبيتة بتهويد مجمل أراضي فلسطين التاريخيّة.

ويأتي مشروع القانون الذي قدمه عضو الكنيست عن حزب الليكود اليميني أميت هاليفي، في أعقاب حملة استمرت خمس سنوات من قبل رؤساء المجالس الإقليمية للمستوطنين ومنظمات مثل «حراس الخلود» المتخصصة في الحفاظ على ما يزعم بأنه تراث يهودي من انتهاكات مزعومة على أيدي العرب الفلسطينيين. وتردد الحملة أكاذيب مفادها أن ثمة مواقع في الضفة الغربية لها أهمية أساسية بالنسبة إلى ما أسمته «التراث اليهودي»، وخلقت انطباعاً بوجود «حالة طوارئ أثرية» تستدعي تدخل الدّولة لمنع الفلسطينيين من «نهب وتدمير آثار المواقع اليهودية ومحاولاتهم المتعمدة لإنكار الجذور اليهودية في الأرض» – على حد تعبيرهم.

وكانت اللجنة التشريعية الحكوميّة قد وافقت على التعديل المقترح لقانون الآثار، وأرسلته للكنيست الإسرائيلي (البرلمان) لمراجعته من قبل لجنة التعليم والثقافة والرياضة التي عقدت اجتماعها في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وذلك تحضيراً لعرضه بالقراءة الأولى و«التصويت» في الكنيست بكامل هيئته خلال وقت قريب.

وبينما اكتفت السلطة الفلسطينية والدول العربيّة بالصمت في مواجهة هذه الاندفاعة لتعديل القانون، حذرّت جهات إسرائيلية عدة من خطورة تسييس علم الآثار في سياق الصراع الصهيوني الفلسطيني، واعتبرت منظمة «إيميك شافيه» غير الحكومية على لسان رئيسها التنفيذي ألون عراد أن «تطبيق قانون إسرائيلي على أراضي الضفة الغربية المحتلة يرقى إلى مستوى الضم الرسمي»، وحذَّر في حديث صحافيّ من «عواقب، ومزيد من العزل لمجتمع علماء الآثار الإسرائيليين في حالة فرض عقوبات دوليّة عليهم بسبب تعديل القانون»، كما أكدت جمعيّة الآثار الإسرائيليّة أنها تعارض مشروع القانون «لأن غايته ليست النهوض بعلم الآثار، بل لتعزيز أجندة سياسية، وقد يتسبب ذلك في ضرر كبير لممارسة علم الآثار في إسرائيل بسبب التجاوز على القانون الدولي المتعلق بالأنشطة الأثرية في الضفة الغربية»، ولا سيّما قرار محكمة العدل الدولية في التاسع عشر من يوليو (تموز) الماضي، الذي جدَّد التأكيد على أن وجود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة برمته غير قانوني، وطالب الدّولة العبريّة بـ«إزالة مستوطناتها في الضفة الغربية والقدس الشرقية في أقرب وقت ممكن»، وألزمت سلطة الاحتلال بتقديم تعويضات كاملة للفلسطينيين بما في ذلك إعادة «جميع الممتلكات الثقافية والأصول المأخوذة من الفلسطينيين ومؤسساتهم».

وتشير الخبرة التاريخيّة مع سلطة الآثار الإسرائيلية إلى أن الحكومة تقوم لدى إعلان السلطة منطقة ما موقعاً تاريخيّاً بفرض حماية عسكريّة عليها، مما قد يتطلّب إخلاء السكان أو فرض قيود على تحركاتهم وإقامة بنية تحتية أمنية لدعم الحفريات، وتمنع تالياً الفلسطينيين أصحاب الأرض من تطويرها لأي استخدام آخر، الأمر الذي يعني في النهاية منع التنمية عنها، وتهجير سكانها وتهويدها لمصلحة الكيان العبريّ، لا سيّما وأن الضفة الغربيّة تحديداً تضم آلاف المواقع المسجلة، مما يجعل كل تلك الأراضي بمثابة موقع أثري ضخم مستهدف.

وتبرر الحكومة الإسرائيلية الحاليّة دعمها مشروع القانون للجهات الأُممية عبر تبني ادعاءات منظمات ومجالس مستوطني الضفة الغربيّة بأن الفلسطينيين يضرون بالمواقع ويفتقرون إلى الوسائل التقنية والكوادر اللازمة للحفاظ عليها، هذا في وقت قامت به قوات الجيش الإسرائيلي بتدمير مئات المواقع الأثريّة في قطاع غزة الفلسطيني المحتل عبر استهدافها مباشرة، مما يعني فقدانها إلى الأبد.

لن يمكن بالطبع للفلسطينيين وحدهم التصدي لهذا التغوّل على الآثار في فلسطين، مما يفرض على وزارات الثقافة ودوائر الآثار والجامعات في العالم العربيّ وكل الجهات الأممية المعنية بالحفاظ على التراث الإنساني ضرورة التدخل وفرض الضغوط للحيلولة دون تعديل الوضع القانوني للأراضي المحتلة بأي شكل، ومنع تهويد تراث هذا البلد المغرِق في عراقته.