أكدت «الشركة العربية للاستثمارات البترولية (أبيكورب)» على ضرورة الإسراع في زيادة حجم مشروعات الطاقة المتجددة المتغيرة، كمشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على البَرّ... وغيرها، مشددة على أهمية تكامل تلك المشروعات مع شبكات الكهرباء لبلوغ أهداف الطاقة المتجددة التي وضعتها دول المنطقة على المدى المتوسط.
وقالت الشركة في تقريرها الأخير الصادر بعنوان: «تفعيل قدرات أنظمة تخزين الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، إن «حلول تخزين الطاقة تسهم بشكل كبير في زيادة حجم هذا النوع من المشروعات؛ لأنها تعزز ثبات القدرة الكهربائية لمحطات التوليد ومرونة الشبكات، بالإضافة إلى أهمية هذه الحلول في التعامل مع تقطع الطاقة المتجددة المتغيرة والانقطاعات التي قد تطرأ على إمدادات الكهرباء، وغيرها من الخدمات الثانوية».
وحدد التقرير 10 توصيات رئيسية من شأنها تسريع عملية تكامل أنظمة تخزين الطاقة مع شبكات الكهرباء الوطنية، وتشمل «مقترحات لتطوير الأطر التنظيمية ذات الصلة، والتعاون بين الأطراف المعنية، والاتفاق حول ملكية الأصول في سلاسل قيمة الطاقة الكهربائية»... وغيرها من التوصيات.
واكتسبت أنظمة الطاقة المتجددة زخماً كبيراً في مختلف أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال العقد الماضي. ويأتي هذا الزخم مدفوعاً بالدرجة الأولى بالأهداف الطموحة التي حددتها دول المنطقة في مجال الطاقة المتجددة، وكذلك الانخفاض المستمر في تكلفة التقنيات ذات الصلة، إلى جانب قيام تلك الدول بضخ الاستثمارات في التقنيات منخفضة التكلفة ومنخفضة الكربون في إطار عملية تحول الطاقة وتنويع مصادرها.
وتعكس الأهداف التي حددتها حكومات دول المنطقة لمصادر الطاقة المتجددة على المديين المتوسط والطويل التزام هذه الدول بزيادة حصة هذه المصادر في مزيج الطاقة. فعلى صعيد الطاقة الكهربائية؛ على سبيل المثال، تتراوح هذه الحصة بين 15 و50 في المائة من إجمالي الطاقة الكهربائية المولّدة.
وأضاف التقرير: «تكمن أهمية حلول تخزين الطاقة؛ سواء أكانت كهربائية أم كهروكيميائية (بطاريات) أم كيميائية أم حرارية، في أنها تعزز ثبات القدرة المولّدة من الكهرباء من جهة؛ وتمكّن مشروعات الطاقة المتجددة من زيادة سعة الإنتاج لتصل إلى عدة غيغاواط من جهة أخرى».
ويشير التقرير إلى أن «وتيرة تكامل حلول تخزين الطاقة في المنطقة العربية مدفوعة بثلاثة عوامل رئيسية؛ هي: ضرورة فنية بحتة ناجمة عن الانتشار السريع لمصادر الطاقة المتجددة، والتطورات التقنية التي جعلت تكلفة هذه الحلول أكثر تنافسية بمرور الوقت، وأخيراً التطور الحاصل في أسواق الكهرباء والسياسات الداعمة والمحفزة للاستثمارات».
إلى ذلك؛ أوضح الدكتور أحمد علي عتيقة، الرئيس التنفيذي لشركة «أبيكورب» أن «ضرورة توفير حلول تخزين طاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعود في المقام الأول إلى الأهداف الطموحة لدول المنطقة في مجال الطاقة المتجددة، والطلب المتنامي على الكهرباء، لا سيما في أوقات الذروة، وذلك نتيجة تسارع وتيرة التنمية الاقتصادية والتوجه إلى تنويع مصادر الطاقة»، مشيراً إلى أن «دول المنطقة العربية تتمتع بمزايا تنافسية كبيرة بفضل توافر الأراضي الشاسعة وانخفاض تكلفة توليد الطاقة من الشمس والرياح، مما يتيح لها فرصة أن تكون في طليعة الدول في قطاع تخزين الطاقة وعملية تحول الطاقة عموماً».
ويجري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حالياً تطبيق تقنيات عدة لتخزين الطاقة؛ منها تخزين الطاقة الكهربائية بضخ المياه المحتجزة في السدود، وتخزين الطاقة الكهروكيميائية، التي تُستخدم فيها في الغالب بطاريات الصوديوم والكبريت وبطاريات أيونات الليثيوم، «حيث يتركز معظم المشاريع المخطط لها والمشاريع القائمة في دول مجلس التعاون الخليجي المتضمنة السعودية والإمارات وقطر وعُمان، وشمال أفريقيا؛ وهي مصر والمغرب والجزائر وتونس، إلى جانب بعض المشاريع في منطقة بلاد الشام في دول الأردن والعراق ولبنان».
يذكر أنه يوجد في المنطقة حالياً 30 مشروعاً مخططاً له لتخزين الطاقة بين عامي 2021 و2025 تبلغ طاقتها الإجمالية 653 ميغاواط 3382 ميغاوات ساعة؛ منها 24 مشروعاً لتكامل الطاقة المتجددة المتغيرة وتدعيم استقرار الشبكات الكهربائية.
وتوقعت أن تقفز حصة البطاريات من إجمالي سعة تخزين الطاقة في المنطقة من مستواها الحالي عند 7 في المائة إلى 45 في المائة بحلول عام 2025.
تحديات مالية وتنظيمية وسوقية
وبين التقرير أنه رغم التوقعات القوية بنمو أسواق حلول تخزين الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن هناك تحديات مالية وتنظيمية وسوقية عدّة تعوق تكامل هذه الحلول مع شبكات الطاقة الكهربائية الموجودة حالياً وزيادة الاستثمار فيها، وبالتالي ينبغي إيجاد حلول فعالة للتعامل مع هذه المعوقات من خلال سياسات تؤسس لبناء سوق متطورة ومتكاملة للطاقة.
إلى ذلك؛ قال سهيل شاتيلا، اختصاصي طاقة أول في «أبيكورب» والمؤلف المشارك للتقرير، إن «حلول تخزين الطاقة عنصر أساسي في عملية تحول الطاقة من وجهة نظر (أبيكورب)، فإلى جانب عزم الشركة على تخصيص مليار دولار خلال العامين المقبلين لتمويل مشاريع صديقة للبيئة والمجتمع، ستستعى (أبيكورب) بالتوازي مع ذلك إلى القيام بدور فاعل في بناء الشراكات بين الهيئات الحكومية والمؤسسات المالية وشركات القطاع الخاص، لتذليل العقبات المالية التي تعوق نمو قطاع حلول تخزين الطاقة في المنطقة والاستفادة منه بالشكل الأمثل».
هذا؛ ويحدد التقرير 10 توصيات رئيسية لتكامل هذه الحلول في أسواق الطاقة الكهربائية بالمنطقة العربية، ومن هذه التوصيات «إنشاء تحالف على مستوى الشرق الأوسط - شمال أفريقيا لتخزين الطاقة، وهو منظمة تحظى بتأييد ودعم القطاعين العام والخاص هدفها تطوير حلول تخزين الطاقة في المنطقة من خلال مد جسور الشراكة والتواصل بينهما». كما يقترح التقرير «تصنيف أصول تخزين الطاقة في فئة منفصلة عن سلاسل إنتاج وتوصيل وتوزيع الطاقة الكهربائية، وتحديد أهداف تخزين الطاقة ضمن سياسات الطاقة الوطنية للدول، ووضع حوافز لجذب استثمارات القطاع الخاص، وإدراج حلول تخزين الطاقة ذات السعة الكبيرة في أطر السياسات التي تحكم (التمويل الأخضر)»... وغيرها من التوصيات.