مرشح المغرب يفوز برئاسة المجلس التنفيذي لـ«إيسيسكو»

مرشح المغرب يفوز برئاسة المجلس التنفيذي لـ«إيسيسكو»
TT

مرشح المغرب يفوز برئاسة المجلس التنفيذي لـ«إيسيسكو»

مرشح المغرب يفوز برئاسة المجلس التنفيذي لـ«إيسيسكو»

فاز مرشح المغرب جمال الدين العلوة، بمنصب رئيس المجلس التنفيذي لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، عندما انتُخب خلال انعقاد الدورة 42 للمجلس التنفيذي للإيسيسكو، التي تستضيفها مصر حالياً، وانطلقت أعمالها أمس (الاثنين).
وحصل المرشح المغربي على 22 صوتاً، خلال عملية الانتخاب، التي جرت أمس للمرة الأولى في تاريخ «إيسيسكو»، متقدماً على مرشح دولة فلسطين، الدكتور دواس تيسير رشيد دواس، الذي حصل على 16 صوتاً، فيما حصلت الدكتورة تيموري ميترا، مرشحة إيران على صوت واحد، وقد أجريت العملية الانتخابية بين المرشحين الثلاثة، بعد انسحاب مرشح العراق علاء عبد عودة جازع.
واتُفق على تشكيل مكتب المجلس وفقاً للوائح الداخلية للمجلس التنفيذي، بحيث تتولى ممثلة المالديف منصب نائب الرئيس، وممثل غينيا منصب مقرر المجلس.
ونظراً لتعذر حضور رئيس المجلس المنتخب، ممثل المغرب، لأعمال الاجتماع، فقد صوّت أعضاء المجلس التنفيذي لصالح مقترح أن تقوم ممثلة المالديف نائب رئيس المجلس التنفيذي بتسيير باقي جلسات الاجتماع، وفق اللوائح الداخلية للمجلس.
وقال الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي رئيس اللجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة، إنّ المنظمة تمثل الإطار الأرحب والأقوم للتعاون البناء والحوار المثمر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك في مجالات التربية والعلوم والثقافة، بما يتماشى مع طموحات القيادات والشعوب، مشيراً إلى أن هذه المجالات تعتبر السبيل الرئيسي لتنمية المجتمعات الإنسانية.
وأضاف الوزير المصري أنّ الأمم أدركت بعين اليقين أنّها ما كان لها أن تأخذ دورها في خريطة الحضارة الإنسانية والتقدم العلمي والتنمية البشرية والحضارية، إلا من خلال التربية القائمة على التكامل والتطور، وامتلاك قاعدة معلوماتية متكاملة، وخبرات تربوية علمية وعملية وقيم سلوكية مجتمعية، تمكنها من التكيف مع مُستجدات العصر ومتغيراته.
من جهته، أشاد الدكتور نواف العجارمة، رئيس المجلس التنفيذي لـ«إيسيسكو» بالإنابة، إلى أنّ المنظمة تمثل نموذجاً متميزاً للتعاون البناء والحوار المثمر في التربية والعلوم والثقافة، بما يتجاوب مع طموحات شعوب دول العالم الإسلامي، في مواجهة التحديات؛ خصوصاً تحديات جائحة «كوفيد 19». مؤكّداً دعم عمل المنظمة، التي تُعتبر رائدة في التربية والعلوم والثقافة، وتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وحماية التراث، مثمناً جهودها المتواصلة في خدمة هذه المجالات.
وأشار الدكتور علي زيدان أبو زهري، رئيس اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم رئيس الدورة 13 للمؤتمر العام لـ«إيسيسكو»، إلى أنّ هذا اللقاء محفز لمواجهة تحديات جائحة «كوفيد 19» على المنظومة التربوية والثقافية والعلمية، ورسم ملامح الطريق نحو المستقبل، وترسيخ التعاون الإسلامي، واعتماد خطط واستراتيجيات تواكب متغيرات الحداثة العالمية المتسارعة، وهذا ما سعت إليه «إيسيسكو» من خلال التأهيل والتكوين والتدريب والبحث والابتكار، موجهاً التحية والتقدير لإدارة وأطر المنظمة على النجاحات المتتالية التي تم تحقيقها، والجهود المضاعفة التي تم بذلها لدعم جهود الدول الأعضاء لمواجهة انعكاسات الجائحة في مجالات التربية والعلوم والثقافة.
واستهل الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، كلمته بالتعبير عن الشكر والتقدير للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وللحكومة المصرية ممثلة في الدكتور خالد عبد الغفار، على استضافة أعمال المجلس التنفيذي والمؤتمر العام لـ«إيسيسكو»، مؤكداً أنّ المنظمة استندت في عملها طيلة السنة الحالية إلى مبادئ التجديد، والشفافية، والريادة، والتضامن، والشراكة، واليقظة الاستراتيجية، وأطلقت عدداً من المبادرات الكبرى التي تهدف إلى تأهيل الشباب والنساء، في إطار إعلانها عام 2021 عاماً للمرأة تحت رعاية الملك المغربي محمد السادس، وتعمل من خلال مركز الإيسيسكو للاستشراف الاستراتيجي على نشر ثقافة استشراف المستقبل. وأضاف أنّ «إيسيسكو» عززت نهجها التشاركي مع الدول الأعضاء، ووسّعت انفتاحها على الدول غير الأعضاء، وجعلت التعاون مع المنظمات النظيرة والمؤسسات الرائدة إقليمياً ودولياً إحدى أولوياتها الاستراتيجية، من خلال توقيع عدد من الاتفاقيات معها، ومع عدد من الجامعات المرموقة في الدول الأعضاء، لاحتضان كراسي «إيسيسكو» الدولية.
وأشار الدكتور المالك إلى أنّ منظمة «إيسيسكو» هيأت المجال من خلال مشروع التوجهات الاستراتيجية في أفق 2025، ومشروع خطة العمل الثنائية والموازنة لعامي 2022 و2023 لتحقيق 3 أهداف استراتيجية، تتمثل في استدامة أدوار «إيسيسكو» الخدمية والتوجيهية والاستشارية في مجالات عملها لفائدة الدول الأعضاء، وتسريع جهود تعافيها من انعكاسات جائحة «كوفيد 19»، وبناء القدرات الوطنية للدول الأعضاء من خلال صناعة القيادات لمهن الغد، والتدريب على البرامج المعتمدة على التكنولوجيا الحديثة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، ومواصلة تنفيذ المبادرات والبرامج الكبرى التي أطلقتها «الإيسيسكو» خلال 2021 لفائدة الدول الأعضاء.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».