دعوة «مجلس النواب» الليبي لدرس «تطورات الانتخابات»

«5+5» إلى موسكو بعد تغيّر لهجة تركيا حيال رحيل «المرتزقة»

TT

دعوة «مجلس النواب» الليبي لدرس «تطورات الانتخابات»

تسارعت الأحداث في ليبيا أمس في محاولة لإنقاذ الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة بعد نحو 18 يوماً  من التأجيل، بينما غيرت تركيا بشكل مفاجئ من لهجتها العدائية تجاه مدينة بنغازي بالشرق الليبي وأبدت استعدادها لسحب المرتزقة الموالين لها على الأراضي الليبية.
وفي تطور مفاجئ دعت رئاسة «مجلس النواب» أعضاءه لعقد جلسة طارئة بمقره في مدينة طبرق لمناقشة تطورات العملية الانتخابية، وقال  فوزي النويري الرئيس المكلف لمجلس النواب إنه على تواصل مستمر مع أعضائه والمفوضية العليا للانتخابات، والمجلسين الرئاسي والأعلى للقضاء، لتحديد جلسة رسمية «بناءً على طلب عدد من النواب لبحث تطورات العملية الانتخابية».
وقبل ساعات من إعلان «المفوضية العليا للانتخابات» القوائم النهائية لمرشحي الانتخابات الرئاسية، توجه رئيسها عماد السايح إلى شرق البلاد للاجتماع مع عقيلة صالح رئيس مجلس النواب والمرشح الرئاسي، حيث نقلت وكالة الأنباء الليبية عن مصادر في المجلس  أن السايح سيمثل أمام مكتب رئاسة المجلس بمقره  في مدينة طبرق بأقصى شرق البلاد»، مشيرة إلى أنه «ستتم مساءلته حول آخر إجراءات المفوضية فيما يتعلق  بالعملية الانتخابية وقرارات المفوضية ومدى مطابقتها  لقوانين الانتخابات الصادرة عن مجلس النواب».
ونفى مستشار إعلامي لصالح تراجعه عن خوض السباق الرئاسي أو انعقاد مجلس النواب للنظر في قرارات مفوضية الانتخابات ومساءلة رئيسها السايح.
وكان السايح قد نفى  في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس تلقيه أي دعوة رسمية لحضور جلسة المساءلة، مؤكداً أن المفوضية تنتظر دعوة رسمية من مجلس النواب للرد على ما ورد في البيان الذي أصدره عدد من النواب بشأن العملية الانتخابية.
وأكد السايح أن «ما يشاع عن أن المفوضية استأنفت إجراءاتها فقط ضد مرشح بعينه، في إشارة إلى سيف الإسلام النجل الثاني للعقيد الراحل معمر القذافي، هو تضليل للرأي العام الغرض منه استعطاف الناخبين»، معتبراً أنه «نوع من الدعاية الانتخابية السوداء».
بدوره، ناقش رمضان أبو جناح  رئيس «حكومة  الوحدة» المكلف، أمس، مع سفيرة فرنسا بياتريس دوهلين، التعاون المشترك لتحقيق الاستقرار في ليبيا، والخطوات التي اتخذتها الحكومة لضمان إجراء الانتخابات دون عراقيل.وأعلنت وزارة الداخلية بالحكومة أن الاجتماع الذي عقدته أمس «مديرية أمن طرابلس» مع مديريات محلية عدة أخرى للأمن بحضور المنسق الأمني للوزارة بمفوضية الانتخابات حث على وضع خطة لتأمين مراكز الاقتراع والتنسيق بين الغرف الفرعية والغرفة الرئيسية أثناء عملية الاقتراع.
 من جانبه، اعتبر خالد الزائدي محامي سيف الإسلام القذافي أن الأخير «استوفى كافة المسوغات القانونية اللازمة لقبول ملف ترشحه وإنهاء كافة مراحل الطعون الانتخابية التي انتهت بإلزام مفوضية الانتخابات بإدراج اسمه ضمن القائمة النهائية للمرشحين لمنصب رئيس الدولة».  وأوضح في بيان له، مساء أول من أمس، أن «تواصل موكله سيكون مباشرة مع الشعب الليبي عن طريق لقاءات مباشرة مع شخصيات ليبية»، لافتاً إلى أن موكله «لا تمثله أي قناة فضائية أو منصة إعلامية بغض النظر عن توجهها السياسي».
لكن مسؤولين بالمفوضية نفوا تسلمها منطوق حكم محكمة سبها في جنوب البلاد بشأن نجل القذافي كما نفوا اتخاذها أي إجراءات قانونية بعودة ترشحه.
من جهة أخرى، يفترض أن تتوجه اليوم اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 التي تضم طرفي الصراع العسكري في ليبيا إلى العاصمة الروسية لاستكمال مسار التنسيق بشأن خروج القوات الأجنبية والمرتزقة.
وكشف اللواء خالد المحجوب مسؤول التوجيه المعنوي بالجيش الوطني النقاب عن أن اجتماعات اللجنة العسكرية في تركيا أسفرت عما وصفه بـ«نتائج إيجابية» ومشجعة للغاية تتوافق مع المرحلة الحالية للواقع الليبي، لافتاً إلى «تأكيد الجانب التركي على إجلاء المرتزقة وتواجده في داخل ليبيا بالتزامن مع خروج باقي المرتزقة بشكل يشمل الجميع حسب ما يتم تنسيقه من اللجنة العسكرية من تواريخ وجداول زمنية لذلك».
وقال اللواء المحجوب إن «المسؤولين الأتراك أكدوا اهتمامهم وحرصهم على استقرار ليبيا والقبول بنتائج الانتخابات مهما كان من سيفوز بها من المرشحين للرئاسة طالما أنها إرادة الشعب الليبي}.
وإن تركيا ستتعاون من أجل علاقات متميزة تحترم فيها سيادة ليبيا واستقلالها ووحدتها مع الرغبة في العمل على التنسيق للبدء في فتح رحلات مباشرة بين تركيا وبنغازي والتطلع للتعاون التجاري والاقتصادي». وبحسب المحجوب فقد «أشادت اللجنة العسكرية بحفاوة الاستقبال وروح التفاهم والود الذي أبداه الجانب التركي واستعداده لتسهيل عمل اللجنة المشتركة لتنفيذ بنود اتفاقية جنيف حتى تستقر ليبيا».
في غضون ذلك، تحدثت وسائل إعلام محلية وشهود عيان عن «وصول طائرة شحن عسكري قطرية إلى قاعدة معيتيقة  في العاصمة طرابلس»، بينما قالت مصادر إن «شحنة الطائرة مجهولة وأُحيطت بشاحنات وحراسة مشددة جنود أتراك وعناصر من الميليشيات المسلحة».
وفي شأن ذي صلة، قال مصرف ليبيا المركزي إن محافظه  الصديق الكبير ونائبه علي الحبري اتفقا خلال اجتماعهما في تونس على إطلاق عملية توحيد المصرف بشكل فعلي، مشيراً إلى «بحث بنود خطة التوحيد، والاتفاق على مسارات العمل والفرق الفنية المعنية بالتنفيذ».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».