افتتاح «البحر الأحمر السينمائي الدولي» بحضور نجوم عالميين

استهل عروضه بـ«سيرانو» المرشح لـ«الأوسكار»

محمد التركي رئيس المهرجان (تصوير: عبد الله الفالح)
محمد التركي رئيس المهرجان (تصوير: عبد الله الفالح)
TT

افتتاح «البحر الأحمر السينمائي الدولي» بحضور نجوم عالميين

محمد التركي رئيس المهرجان (تصوير: عبد الله الفالح)
محمد التركي رئيس المهرجان (تصوير: عبد الله الفالح)

بعد ساعات على اختتام بطولة العالم لسباقات «الفورمولا 1» في جدة (غرب السعودية)، شهدت المدينة مساء أمس، افتتاح فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في نسخته الأولى بالبلدة القديمة المسجلة ضمن قائمة التراث العالمي، وسط حضور فني وثقافي محلي وإقليمي ودولي.
ويقدم المهرجان السينمائي الدولي الذي يستمر لمدة عشرة أيام برنامجاً قوياً ومتنوعاً وغنياً بالأفكار والأساليب واللغات السينمائية بمشاركة فنانين مخضرمين وشباب سعوديين وعرب ومن كبار نجوم السينما العالمية.
وتُعد هذه الاحتفالية العالمية الأولى من نوعها دليلاً على الحراك الثقافي والفني الذي تعيشه السعودية اليوم، وفقاً لمحمد التركي رئيس لجنة المهرجان، الذي وصف تنظيم مهرجان البحر الأحمر السينمائي بـ«التحدي» الذي قبلت به السعودية، وسابقت الزمن لتتجاوز دورته الأولى مرحلة التواضع وتصل إلى العالمية.
واستهل المهرجان عرض أفلامه بفيلم «Cyrano» المرشح للأوسكار، الذي يعرض لأول مرة حول العالم في جدة، وهو عبارة عن دراما عاطفية من تأليف إيريكا شميدت، مقتبسة عن مسرحية غنائية ألفتها عام 2018، تحمل الاسم نفسه، التي اقتبستها عن مسرحية كلاسيكية تعود لعام 1897 للأديب إدموند روستاند.
وبدوره، يعد النجم العالمي الشهير تيريون لانيستر، الحائز على جائزة «الإيمي» في سلسلة «Game of Thrones» الشهيرة، مرشحاً بقوة لحصد جائزة أفضل ممثل في سباق الأوسكار المقبل، بفيلمه الموسيقي الجديد «Cyrano» الذي خطف الأنظار في عرضه الأول بمهرجان «تيلورايد» السينمائي.
وفي هذه النسخة يلعب بيتر دينكلاج دور جندي وشاعر عاطفي، لكنه لا يستطيع الاعتراف بحبه لصديقة طفولته الجميلة روكسان (هالي بينيت)، لاعتقاده بأنها لن تجده جذاباً أبداً، ويستعين سيرنو بالشاب الوسيم كريستيان ليساعده في كتابة رسائل حب يعترف من خلالها بمشاعره.
وينتظر أن يقدم صُناع الأفلام من أكثر من 67 دولة بـ34 لغة مخزونهم الفني السينمائي لـ138 فيلماً طويلاً وقصيراً، خلال هذه التظاهرة الثقافية والفنية بلغة سينمائية تجمع الشعوب. كما يركز المهرجان على تكريم المرأة ودورها في صناعة السينما، من خلال تنظيم مجموعة من الأنشطة والعروض والفعاليات، وتشمل جوائز تكريم لشخصيات نسائية، وندوات ومحاضرات تخصصية.
ومن المقرر أن يكرم المهرجان الممثلة الفرنسية كاترين دينوف، وهي فنانة عالمية قدمت الكثير من الأعمال، وترشحت وفازت بالعديد من الجوائز حول العالم، بما فيها جائزة الأكاديمية البريطانية (بافتا) وجائزة الأوسكار.
وسيكرم المهرجان المخرجة والمنتجة السعودية هيفاء المنصور، التي تعد من الأسماء البارزة في صناعة السينما السعودية والعربية والعالمية، وذلك اعترافاً بإنجازاتها ودورها الريادي في دعم المرأة.
بهذه المناسبة قالت كاترين دينوف، «ما زلت أشعر بالسعادة حين يُعترف بي وأُكرم في صناعة السينما، ولعلي أكثر سعادة وامتناناً اليوم لأنني جزء من احتفالية أكبر لتكريم مساهمة المرأة ودورها في السينما. أتمنى أن تلهم أعمالي أجيالاً من المواهب النسائية القادرة على إثبات نفسها ومكانتها في صناعة السينما، وأن تتواصل مثل هذه المبادرات للاعتراف بمساهمات المرأة في السينما كل عام، تأكيداً على أهمية وجود الموهبة النسائية أمام الكاميرا وخلفها».
ويكرم المهرجان أيضاً النجمة ليلى علوي، التي لعبت دور البطولة في أكثر من 70 فيلماً، وما زالت تواصل عطاءاتها وإبداعاتها في أدوار أسرت الجماهير وألهمت أجيالاً من المبدعين والمبدعات.
ويعقد المهرجان «ماستر كلاس» للنجمة الكبيرة يسرا، التي شاركت في أكثر من 80 فيلماً وحصدت أكثر من 50 جائزة من مهرجانات ومحافل سينمائية مصرية وعربية ودولية، وتُعد يُسرا واحدة من أكثر نجمات السينما شهرة وشعبية في جميع أنحاء العالم العربي.
وبالتوازي مع هذه التكريمات والمحاضرات، سيعرض المهرجان 135 فيلماً، تحظى المخرجات النساء بنسبة 38 في المائة من نصيب العرض.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».