تنظيم معارض يشكو السلطة الجزائرية لدى الأمم المتحدة

TT

تنظيم معارض يشكو السلطة الجزائرية لدى الأمم المتحدة

احتج تنظيم سياسي إسلامي جزائري، غير مرخَّص، لدى مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، على تصنيفه من طرف سلطات الجزائر «تنظيماً إرهابياً»، وملاحقة نشطائه وسجن بعضهم. في غضون ذلك، أجَل القضاء أمس، محاكمة فتحي غراس، رئيس «الحركة الديمقراطية والاجتماعية المعارضة»، إلى 12 من الشهر الحالي، وهو متهم بـ«الإساءة إلى رئيس الجمهورية».
وأعلن «رشاد» على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، أمس (الأحد)، عن تواصله مع كليمان نيالتسوسي فولي، المقرر الخاص المعني بالحق في «حرية التجمع السلمي»، وتكوين الجمعيات بالمفوضية الحقوقية الأممية بجنيف، في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بشأن وضعه على لائحة الإرهاب، و«هو تصنيف تعسفي غير قانوني بموجب القانون الدولي».
وأشار إلى مراسلته كثيراً من الآليات الخاصة بالحقوق والحريات، وحماية الأشخاص ضحايا سياسات محاربة الإرهاب، التابعين للأمم المتحدة، مبدياً استياء بالغاً من «الإطار القانوني القمعي الذي وضعته السلطات الجزائرية، واستخدامها المراسيم الرئاسية ضد الإرهاب والتخريب، لقمع الحركات السلمية للمجتمع المدني».ودعا التنظيم، في تقاريره، خبراء الأمم المتحدة إلى «حث الجزائر على الكف عن ممارساتها غير القانونية، بموجب القانون الدولي، ومراعاة التزاماتها التعاهدية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمعاهدات الدولية الأخرى التي صادقت عليها». ونفى أن يكون قد ارتكب أي فعل إرهابي، يستحق وضعه على لائحة الإرهاب.
يشار إلى أن السلطات وضعت أيضاً «حركة استقلال منطقة القبائل» الانفصالية، على قائمة الإرهاب، وأصدرت مذكرة اعتقال دولية ضد رئيسها المطرب الأمازيغي، فرحات مهني، المقيم بفرنسا، الذي صرح مؤخراً بأنه مستعد للمثول أمام محكمة الجنايات الدولية إذا أثبتت السلطات الجزائرية ضلوعه في الإرهاب. والصيف الماضي، اتهم الأمن الجزائري التنظيمين بإضرام حرائق التهمت مساحات كبيرة بمنطقة القبائل. وتم اعتقال 30 من نشطاء الحركة الانفصالية، بتهمة قتل شاب وحرق جثته، وقد جاء من منطقة أخرى لمساعدة السكان المحليين على إخماد النيران. كما اتهمت الجزائر المغرب بـ«دعم الانفصاليين»، وكان ذلك أحد أهم أسباب قطع العلاقة معه في أغسطس (آب) الماضي.
ويقود التنظيم الإسلامي الدبلوماسي المنشق، محمد العربي زيتوت، اللاجئ في بريطانيا. كما أن له عدة قياديين في أوروبا، خصوصاً في سويسرا وفرنسا، من بينهم مراد دهينة، مسؤول بـ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المنحلَّة، وأستاذ الفيزياء الطبية عباس عروة، والمحامي رشيد مسلي. وله أيضاً مناضلون داخل البلاد، أشهرهم ثلاثة يوجدون في السجن منذ أكثر من عام، هم: محمد الطاهر بوتاش، ومصطفى قيرة، وياسر رويبح. ويقع الثلاثة تحت طائلة تهم الإرهاب، وتهديد أمن الدولة، وجرى اعتقالهم لانخراطهم القوي في مظاهرات الحراك، التي طالبت بتغيير النظام. وقد بدأوا إضراباً عن الطعام منذ أشهر، احتجاجاً على سجنهم، وتدهورت حالتهم الصحية، بحسب محاميهم.
كما سجن القضاء حقوقياً ومحامياً يُدعى عبد الرؤوف أرسلان، منذ مايو (أيار) الماضي، بتهمة «الإشادة والترويج لأعمال التنظيم الإرهابي (رشاد)».

إلى ذلك، أجَلت «محكمة باب الواد» بالعاصمة، أمس، محاكمة فتحي غراس، رئيس الحزب المعارض «الحركة الديمقراطية والاجتماعية» (الحزب الشيوعي سابقاً)، إلى الأسبوع المقبل، بسبب رفضه المحاكمة عن بُعد، وهي طريقة يتبعها القضاء، منذ عام ونصف العام، في إطار مواجهة أزمة «كوفيد - 19».
وقرر القاضي إحضار غراس في المحاكمة المقبلة، وكان اعتقل في 30 يونيو (حزيران) الماضي، وفتش الأمن بيته وصادر أغراضاً له، ثم عرضه على قاضي التحقيق الذي وجه له أربع تهم: «نشر كتابات مضرَة بالمصلحة الوطنية»، و«التحريض على الكراهية»، و«إهانة هيئة نظامية»، و«الإساءة إلى رئيس الجمهورية».
وترتبط التهم بالنشاط السياسي لفتحي غراس، فقد كان منخرطاً بقوة في الحراك وشديد الانتقاد للسلطة وقيادات البلاد. كما أنه فتح مقر الحزب للناشطين لعقد اجتماعاتهم، واحتضن عدة مرات لقاءات «قوى البديل الديمقراطي»، التي تتشكل من أحزاب معارضة للنظام، الأمر الذي أزعج الحكومة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.