أربيل تستهل برامجها الفنية باعتبارها {عاصمة للسياحة العربية}

ملتقى صحافي كردي ـ عربي في مارس

جانب من احتفالات نوروز الكردية في أربيل («الشرق الأوسط»)
جانب من احتفالات نوروز الكردية في أربيل («الشرق الأوسط»)
TT

أربيل تستهل برامجها الفنية باعتبارها {عاصمة للسياحة العربية}

جانب من احتفالات نوروز الكردية في أربيل («الشرق الأوسط»)
جانب من احتفالات نوروز الكردية في أربيل («الشرق الأوسط»)

كشفت الهيئة العليا المشرفة على فعاليات أربيل عاصمة السياحة العربية لعام 2014 أن المدينة ستشهد في مارس (آذار) المقبل «ملتقى للصحافيين العرب والكرد ضمن نشاطات الفصل الأول من فعاليات عاصمة السياحة العربية في الأشهر الثلاثة الأولى لهذا العام».
وقال حمزة حامد، المدير الإعلامي لمحافظة أربيل، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن المتفق عليه حتى الآن أن يبدأ الملتقى في السابع عشر من مارس ويستمر حتى التاسع عشر منه، حيث ستتم في هذا الملتقى مناقشة الوضع العام في المنطقة وضرورة التواصل والتقارب بين الشعبين الكردي والعربي وضرورة اطلاع الإعلاميين على التجربة السياسية والعمرانية والسياحية للإقليم في السنوات الماضية وما ينوي الإقليم تحقيقه في السنوات المقبلة».
وبين حامد أن هذا الملتقى سيشهد حضورا «لأبرز الشخصيات الإعلامية والصحافية في المحفل العربي والمهجر، وهناك لقاءات مع شخصيات ثقافية وإعلامية ستشكل فرصة للاطلاع على تجربة الإقليم في المجالات المختلفة وفرصة أيضا لما شهده الإقليم ولنقل التجربة للمحيط العربي عبر هذا الملتقى»، موضحا أن أنشطة الفصل الأول من العام «بلغت عشرين نشاطا، أنجز جزء منها والبعض قيد الإنجاز».
كما أعلن حامد أن أربيل ستشهد أيضا في السابع عشر من هذا الشهر وحتى التاسع عشر منه عروض أوركسترا من إقليم كردستان والعراق، بالإضافة إلى عروض باليه عالمية بمشاركة وفود فنية من دول العالم المختلفة. كما أعلن أن وفد من إقليم كردستان سيشارك في الفعاليات الختامية لمهرجان بغداد عاصمة الثقافة العربية لعام 2013، بالإضافة إلى مشاركة الفرقة القومية للفنون الشعبية في الإقليم وعدد كبير من المصورين وفناني الخط والزخرفة في مهرجان البصرة الفيحاء، معتبرا هذه المشاركة تجسيدا للتفاعل بين المحافظات العراقية.
وأكد المدير الإعلامي في المحافظة أن أربيل ستحتفل في الحادي عشر من مارس بإقامة أكبر مهرجان في أربيل باسم «مهرجان الحرية ونوروز»، والذي سيستمر حتى العشرين منه، وسيتضمن العديد من الفعاليات الفنية والثقافية والاجتماعية والفنية بمشاركة العديد من دول العالم، حيث بين حامد أن الهدف من هذا المهرجان هو «تبيان أن أربيل هي جسر لامتداد الثقافات المتنوعة وعلى مستوى العالم».
وسيكون العشرون من مارس هو اليوم الختامي لهذا المهرجان الذي تعودت محافظة أربيل على إقامته سنويا في هذا الشهر لإحياء المناسبات التي تصادف هذا الشهر، حيث بين حامد أن «أغلب المناسبات السعيدة والحزينة للشعب الكردي هي في شهر مارس»، مؤكدا على أن اليوم الأخير من مهرجان الحرية ونوروز سيشهد تقديم عروض فنية وموسيقية بالإضافة لإطلاق الألعاب النارية وإيقاد شعلة نوروز كتقليد كردي قديم دل على انتصار ثورة نوروز (اليوم الجديد) ضد الحاكم الجائر الذي حكم المنطقة وبداية السنة الكردية الجديدة والتي تبتدئ في الحادي والعشرين من مارس».
وكشف حامد أيضا أن أربيل في الثالث والعشرين من مارس المقبل ستستضيف في منطقة سهل كنديناوة «مهرجان التراث الشعبي الكردي» بمشاركة العديد من الجمعيات والمراكز الثقافية والتراثية في أربيل، وتستعرض فيه أهم ملامح الثقافة والتراث، وتتخلله عروض للأزياء وأنواع الأكلات الكردية وفعاليات الصيد ومسابقات الفروسية بالإضافة إلى استعراض التقاليد القديمة للأعراس والعديد من الأنشطة التراثية.
أما رياضيا وفي الإطار ذاته، فتستضيف أربيل في نهاية شهر مارس بطولة دولية للتايكوندو باسم بطولة أربيل الدولية «بمشاركة 10 – 15 دولة تقدم فيها فعاليات للتايكوندو وعروضا مبهرة من كوريا الجنوبية».
وحول الدعم الحكومي المقدم للجنة العليا لفعاليات عاصمة السياحة، أكد مدير الإعلام في محافظة أربيل أن حكومة إقليم كردستان العراق «خصصت أكثر من 20 مليون دولار لتغطيتها، بهدف جعل أربيل مركزا وملتقى للثقافات والتراث، ولتكون قبلة لتشجيع السياحة، ورفع قدرة وإمكانية المدينة لاستقبال السياح والوافدين إليها».
أما في أكتوبر (تشرين الأول) من هذا العام، فتستضيف أربيل «اجتماعا لمجلس وزراء السياحة العرب يسبقه اجتماع للمكاتب التنفيذية لوزارات السياحة العربية بحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية ومساعدي الأمين العام والمنظمة العربية للسياحة ومنظمة السياحة العالمية للاطلاع على الواقع في أربيل، وللتأكيد على أن أربيل بتتويجها لهذا اللقب حققت المكاسب التي تبتغيها منظمة السياحة العربية لتشجيع السياحة بين الدول العربية على كل المستويات».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».