الليرة التركية تتلمس خطى إردوغان في اتجاه واحد

الرئيس تعهد الاستمرار في خفض أسعار الفائدة

تتحرك الليرة التركية كلما صرح الرئيس رجب طيب إردوغان عن أسعار الفائدة في اتجاه واحد وهو التخفيض (أ.ف.ب)
تتحرك الليرة التركية كلما صرح الرئيس رجب طيب إردوغان عن أسعار الفائدة في اتجاه واحد وهو التخفيض (أ.ف.ب)
TT

الليرة التركية تتلمس خطى إردوغان في اتجاه واحد

تتحرك الليرة التركية كلما صرح الرئيس رجب طيب إردوغان عن أسعار الفائدة في اتجاه واحد وهو التخفيض (أ.ف.ب)
تتحرك الليرة التركية كلما صرح الرئيس رجب طيب إردوغان عن أسعار الفائدة في اتجاه واحد وهو التخفيض (أ.ف.ب)

تتحرك الليرة التركية مع كل تصريح للرئيس رجب طيب إردوغان عن أسعار الفائدة، الذي يعتقد أنه كلما تم تخفيضها باستمرار انتعش الاقتصاد وزاد الإنتاج ومن ثم الصادرات، غير أن التضخم آخذ في الارتفاع، في وقت يعاني فيه الاقتصاد من ضربات جائحة كورونا.
وأمس (السبت)، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إنه يأمل في استقرار أسعار صرف العملات الأجنبية في فترة وجيزة، وتعهد مجدداً بخفض أسعار الفائدة بعد هبوط تاريخي في الليرة التركية بلغت خلاله مستويات متدنية على نحو قياسي.
وأضاف، في كلمة للحضور في مدينة سيرت بشرق البلاد: «بإذن الله سنحقق استقرار أسعار الصرف خلال فترة وجيزة». وتابع: «أسعار الفائدة مرض يجعل الثري أكثر ثراء والفقير أكثر فقراً».
وتراجعت الليرة بنحو 30 في المائة في الشهر الماضي، في موجة بيع نتجت عن خفض كبير في أسعار الفائدة طبقه إردوغان، لكن خبراء اقتصاد وسياسيين من المعارضة قالوا إنه غير مدروس.
ولامست الليرة مستوى متدنياً على نحو قياسي يوم الثلاثاء الماضي، إذ جرى تداولها عند 14 ليرة مقابل الدولار.
وبناءً على رغبة إردوغان، خفض البنك المركزي التركي، المستقل رسمياً، سعر الفائدة الرئيسي في نوفمبر (تشرين الثاني) من 16 في المائة إلى 15 في المائة، للمرة الثالثة في أقل من شهرين، ما يدعم زيادة في التضخم.
غير أن البنك المركزي أعلن، الأربعاء الماضي، أنه تدخل لوقف تدهور الليرة التركية من خلال بيع قسم من احتياطياته بالدولار، من غير أن ينجح في وقف تراجع العملة الوطنية.
وتشهد تركيا بشكل متواصل منذ 2017 تضخماً يزيد على 10 في المائة، فيما سجلت بعض المواد الأساسية مثل البيض واللحوم والزيت ارتفاعاً أكبر في أسعارها.
في الأثناء، ذكرت وسائل إعلام تركية، أمس، أن جمعية البنوك التركية تجري محادثات مع بنوك الدولة لتحسين رؤوس أموالها للمساعدة في تعزيز القروض، فيما يضغط إردوغان من أجل سياسة نقدية أكثر مرونة لتحفيز النمو وتوفير وظائف.
ونقلت وكالة بلومبرغ عن رئيس الجمعية ألباسلان تشاكار القول في مقابلة مع قناة تلفزيونية محلية، إن القطاع المصرفي التركي «قوي وصلب» فيما يتعلق بكفاية رؤوس الأموال ونسبة القروض المتعثرة.
وقال إن البنوك سوف «تتحمل المسؤولية نوعاً ما» لدعم النموذج الاقتصادي الذي يروج له إردوغان، والذي يعتمد على إعطاء المصارف قروضاً سوف تتحول في النهاية إلى استثمارات وتوظيف، موضحاً أن البنوك تحتاج إلى «دعم النموذج الاقتصادي الجديد».
وارتفع إجمالي الأرباح في المصارف التركية في فترة يناير (كانون الثاني) - أكتوبر (تشرين الأول) إلى 66.1 مليار ليرة (4.8 مليار دولار) من 50 مليار ليرة في الفترة نفسها قبل عام.
وكان متوسط نسبة القروض المتعثرة 3.5 في المائة في أكتوبر بتراجع من 3.97 في المائة في العام السابق، بينما بلغت نسبة المتوسط المعياري لكفاية رؤوس الأموال نحو 17 في المائة.
وبلغ التضخم في تركيا، مستويات غير مسبوقة منذ ثلاث سنوات متخطياً، حسب البيانات الرسمية الصادرة يوم الجمعة، نسبة 21 في المائة مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي على وقع تدهور قيمة العملة الوطنية، ما يزيد من وطأة الانكماش الاقتصادي في البلد.
وارتفعت نسبة التضخم الرسمية إلى 21.31 في المائة بزيادة 1.5 نقطة مئوية خلال شهر، وهي نسبة أعلى بأربع مرات من الهدف الذي حددته الحكومة بالأساس، ما يجعل كلفة المعيشة باهظة على الكثير من العائلات.
ونجم ارتفاع الأسعار إلى حد كبير عن تدهور قيمة الليرة التركية التي تراجعت بأكثر من 45 في المائة مقابل الدولار منذ مطلع العام وبنحو 30 في المائة منذ نهاية أكتوبر، ما يؤدي إلى ارتفاع كلفة الواردات.
ورفض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي بدل (الأربعاء الماضي) وزير المالية وعين محله نائبه نور الدين نباتي، أي تغيير في سياسته الاقتصادية رغم أنها تثير ريبة الأسواق.
ولا يزال إردوغان يدعو إلى دعم الإنتاج والصادرات من خلال خفض معدلات الفائدة، معتبراً على خلاف النظريات الاقتصادية التقليدية، أن نسب الفوائد المرتفعة تسهم في ارتفاع الأسعار.
وإزاء التخفيض الجديد المرتقب لنسب الفوائد هذا الشهر، أعلنت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني، يوم (الجمعة)، خفض توقعاتها بشأن الدين السيادي التركي من «مستقر» إلى «سلبي».



وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً). وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، أكد آل الشيخ أن تكلفة تحلية المياه قد انخفضت بشكل ملحوظ، إذ كانت تكاليف إنتاج متر مكعب واحد من الماء تتجاوز 4 ريالات (1.06 دولار) في الماضي، بينما الآن لا تتجاوز التكلفة 2.5 ريال (نحو 0.67 دولار)، مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل.

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.