ميليشيات الحوثي تفرض جبايات مضاعفة على إب والضالع

عناصر من ميليشيا الحوثي خلال مهمة لحشد مقاتلين لجبهات القتال في صنعاء (إ.ب.أ)
عناصر من ميليشيا الحوثي خلال مهمة لحشد مقاتلين لجبهات القتال في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

ميليشيات الحوثي تفرض جبايات مضاعفة على إب والضالع

عناصر من ميليشيا الحوثي خلال مهمة لحشد مقاتلين لجبهات القتال في صنعاء (إ.ب.أ)
عناصر من ميليشيا الحوثي خلال مهمة لحشد مقاتلين لجبهات القتال في صنعاء (إ.ب.أ)

مع مواصلة القوات المشتركة التقدم في غرب محافظة إب، فرضت ميليشيات الحوثي جبايات حربية إضافية على سكان مديريات المحافظة، والمديريات التي تتبع محافظة الضالع ولا تزال تحت سيطرتها، بلغت نصف مليون ريال على كل أسرة، في ظل أوضاع معيشية مأساوية يعيشها السكان نتيجة الحرب التي أشعلتها الميليشيات.
وجاءت هذه الخطوة بعد أن فشلت الميليشيات في تنفيذ حملة تجنيد جديدة بسبب رفض السكان.
وقال سكان في محافظة إب لـ«الشرق الأوسط» إن ميليشيات الحوثي استدعت عبر مشرفيها شيوخ القرى، وأبلغتهم بقرار فرض مبلغ خمسمائة ألف ريال يمني على كل أسرة، كمجهود حربي، أو إرسال أحد أبنائها للقتال في صفوف الميليشيات، كما أبلغت كل مديرية بضرورة جمع مبلغ 4 ملايين ريال، وأنذرت من يرفض الدفع بإرساله إلى السجن، وهددت المتعاونين مع الحكومة الشرعية بالسجن والمحاكمة ومصادرة ممتلكاتهم.
وذكرت المصادر أن شيوخ القرى تمكنوا من إقناع مشرفي الميليشيات بتخفيض المبلغ إلى 4 ملايين بدلاً من خمسة، لكن المبالغ التي يتم جمعها ستزيد على ذلك بشكل كبير، وهي في العادة تذهب إلى جيوب المشرفين على الميليشيات.
ووفق ما قاله هؤلاء، فإن الميليشيات تواصل التجنيد وحشد المقاتلين في مديرية العدين غرب إب، وإنها استقدمت قيادات لتدريب هؤلاء المقاتلين في معسكر اللواء 20 في منطقة الجند وفي وديان مديرية شرعب الرونة، قبل أن تدفع بهم إلى الخطوط الأمامية في مديرية العدين ومديرية مقبنة، بعد التقدم الكبير الذي أحرزته القوات المشتركة في هذه المنطقة ووصولها إلى أطراف مديرية العدين ومديرية شرعب الرونة، كما واصلت القوات المشتركة التقدم في عمق مديرية الجراحي جنوب محافظة الحديدة وتقدمت مسافة خمسة كيلومترات بعد مواجهات مع ميليشيات الحوثي، أحكمت خلالها السيطرة على مواقع للميليشيات في منطقة الدنين الواقعة إلى الجنوب الغربي منها.
وذكرت مصادر سياسية وكذلك سكان في مدينة إب عاصمة المحافظة، أن الحاكم الفعلي لمناطق سيطرة الميليشيات المدعو «أبو محفوظ» تسلم ملف إدارة المحافظة بعد تقارير داخلية تتهم قيادة المحافظة والمشرفين المنـحدرين منها بعدم الولاء، وأن الرجل أرسل مجاميع كبيرة من عناصر الميليشيات من محافظتي صعدة وعمران باعتبارهم محل ثقته، وأن هؤلاء يمارسون أشكالاً متنوعة من القمع، مثل الاعتقالات وملاحقة ومراقبة الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي، وفرض الجبايات المضاعفة على سكان المديريات الذين يرفضون إلحاق أبنائهم بجبهات القتال.
وطبقاً لما ذكرته المصادر، فإن عناصر الميليشيات الذين وصلوا إلى مديريات غرب محافظة إب ينكلون بالسكان بصورة أعادت إلى الأذهان الممارسات التي كانت تلحق بهذه المناطق إبان حكم الأئمة، إذ يُجبر سكان القرى على توفير الغذاء والقات لمقاتلي الميليشيات، كما أُجبروا على دفع مبالغ إضافية كفدية عن كل شاب يرفض الالتحاق بصفوف الميليشيات، كما حولت القرى والمزارع في مديرية العدين إلى مواقع عسكرية، واتخذت من تلك المناطق والتجمعات السكنية مواقع للاحتماء فيها ومواجهة تقدم القوات المشتركة.
وفي السياق ذاته، أكدت الأمم المتحدة أن القوات الحكومية تحرز المزيد من التقدم نحو المناطق الحدودية بين محافظتي إب والحديدة في مديريات الجراحي وجبل رأس في الشمال، ومديرية مقبنة في محافظة تعز، وأن العمليات العسكرية هناك أدت إلى عرقلة حركة المرور المدنية والتجارية على الطريق الرئيسي الذي يربط مديرية حيس بمديرية مقبنة، وهو امتداد مهم للطريق الذي كان منذ أبريل (نيسان) 2019 الشريان التجاري الرئيسي الذي يربط بين المحافظات الجنوبية والشمالية من اليمن.
وأضافت أن التقارير الميدانية الأولية تشير إلى أن الجسور الخمسة على هذا الجزء من الطريق تضررت بشكل كبير، لكنها تجنبت تسمية ميليشيات الحوثي التي أقدمت على تدمير الجسور الخمسة لعرقلة تقدم القوات الحكومية.
وذكر تقرير لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وزع الجمعة، أن هناك نقصاً في الوقود والإمدادات التجارية الأخرى في مدينة الحديدة والمناطق المتاخمة لمديرية حيس، بسبب تعطل الحركة التجارية على الطريق الممتد من عدن، عبر المخا والخوخة، إلى حيس، ومنها إلى محافظة إب ومناطق الشمال الغربي الأخرى.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.