ماجد المهندس يتألق في ليالي موسم الرياض

ماجد المهندس   في حفله بالرياض (تصوير: بشير صالح)
ماجد المهندس في حفله بالرياض (تصوير: بشير صالح)
TT

ماجد المهندس يتألق في ليالي موسم الرياض

ماجد المهندس   في حفله بالرياض (تصوير: بشير صالح)
ماجد المهندس في حفله بالرياض (تصوير: بشير صالح)

ظهر البرنس ماجد المهندس، في موعده المرتقب خلال أمسيات موسم الرياض الغنائية، ليحيي حفلته على خشبة مسرح «محمد عبده ارينا»، وكان في استقباله موجات من التصفيق، ووصلة موسيقية من الفرقة المرافقة بقيادة المايسترو مدحت خميس.
«فهموه» كانت أول مصافحة مع جمهور الرياض، الذي تكفل بغناء نصف الأغنية، وبنهايتها توقف المهندس بعض الوقت ليلقي التحية على الجمهور، وليستمع لبعض طلباتهم من قائمة الأغاني التي يتمنون الاستمتاع بها.
«الليالي برد»، كانت ثاني أغنيات المهندس لجمهور الرياض، وكانت وصفاً مثالياً للأجواء المنعشة التي تعيشها العاصمة السعودية، وكانت قائمة من 23 أغنية قدمها الفنان ماجد المهندس هي أفضل وصفة لمنح الدفء.
لقرابة 3 ساعات، امتد الحفل أو تمدد، لم ينتبه أي من الحضور لمروره، كانت الأنظار متجهة إلى المسرح، وإلى الصوت الدافئ الذي ينبعث، المهندس هو الآخر لم يتوقف أو يطلب استراحة، وواصل تقديم الأغنية تلو الأخرى من عناوينه التي يحفظها الجمهور عن ظهر قلب.
كلما تقدم الوقت، كان البرد يلف المكان، والجمهور يطلب المزيد من دفء الأغنيات، ودثاراً من «رفوف الذكريات»، محملة بجملة من المشاعر والوجدانات، يغني المهندس «على الله يا البعيد اللي مشى هالقلب مشواره... على الله نلتقي يمكن تحن وتذكر عيونك» طاقة هائلة من الشوق، وكلمات تكاد تنوء بالحنين، تصدح في أرجاء المسرح، وتزفها الموسيقى الوادعة إلى آذان الجمهور، وكل معني بهذا الرجاء الغنائي.
ما زال الشوق هو العنوان العريض الذي يغطي سحابة اليوم، هذه المرة عبر أغنيته «يهزك الشوق»، يتفاعل الجمهور، في منتصفها ينقل الصوت إلى الحضور ليستكمل الأغنية، وكأنه يستنجد بهذا الحشد العريض ليختبر قوة المشاعر وسلطة الشوق وقيمة الانتظار.
وقبل نهاية الأغنية، أعطى المهندس الفرصة للإيقاع لينفرد بالظهور، رد عليه الجمهور بالتصفيق الحار، وطارا بالأجواء وكأنهما جناحا متعة الليلة المشهودة، بنهاية الأغنية، يتوقف المهندس ليتحدث مباشرة إلى الجمهور، مشيداً بحماسهم الكبير وتفاعلهم الواسع، وأنه يبادلهم الفرح بوجوده بينهم، وشكر لموسم الرياض، منظميه والقائمين عليه، جهودهم الكبيرة، وفضلهم في كونهم السبب وراء هذه الفرصة التي منحته مساحة من الحب والتواصل مع جمهوره السعودي العريض.
مباشرة يعود إلى الغناء بـ«ناقصك شي» بإيقاعها الهادئ الذي نسجه الملحن المعروف سهم، وكتب كلماتها الشاعر فيصل السديري.
تتفاوت الباقة التي اختارها المهندس لجمهوره، بين إيقاع سريع، وآخر بطيء يغنيها بإحساس عميق، والجمهور يأخذ فرصته للتعمق في تفاصيل اللحن والصوت والعزف وتأمل الكلمات، التي طالما ارتبطت بذكرياتهم الشخصية، وأنعشت قصصهم الخاصة.
غالباً ما تبدأ الأغنية التالية بالعزف، سريعاً ما يلتقط الجمهور اسم الأغنية، ويحيي الفنان على اختيارها وتضمينها في قائمة الأمسية، وأحياناً يلقيها المهندس شعراً، ويصنع الاختلاف، ثم تندلع الأجواء مع أول جملة موسيقية، وبينه ما ينفرد العازف المألوف لدى السعوديين محمود سرور بتقديم لمسته الخاصة وبصمته الواضحة في تفاصيل الأغنيات.
بنهاية الحفلة، غنى المهندس «إنت ملك»، وكانت تحية مشتركة له مع الجماهير العريضة، إلى الوطن السعودي العزيز، فيما تخفق الراية الخضراء في الشاشة الضخمة التي تزين المسرح الذي يأتلق باللون الأخضر، وكانت خير وداع ومسك ختام لواحدة من أجمل الأمسيات الغنائية لموسم الرياض 2021.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».