سباق «عالمي» بين انتشار «أوميكرون» وإجراءات الاحتواء

أشخاص يضعون كمامات في إسطنبول (أ.ب)
أشخاص يضعون كمامات في إسطنبول (أ.ب)
TT

سباق «عالمي» بين انتشار «أوميكرون» وإجراءات الاحتواء

أشخاص يضعون كمامات في إسطنبول (أ.ب)
أشخاص يضعون كمامات في إسطنبول (أ.ب)

يتوالى فرض قيود عبر العالم في مواجهة انتشار المتحورة الجديدة «أوميكرون» من «كوفيد - 19»، كما هي الحال في ألمانيا التي يتوقع أن تشدد التدابير، اليوم الخميس، بعدما حذرت منظمة الصحة العالمية من مزيج «ضار» متمثل في معدلات تلقيح وفحوص متدنية.
ومن المقرر أن تتخذ برلين إجراءات جديدة منها الإغلاق المحتمل للحانات والأماكن العامة الأخرى وفرض إلزامية التلقيح. هذا الإجراء المرتقب تطبيقه في النمسا، يجري درسه في بلدان مختلفة كجنوب أفريقيا حتى لو كانت المقاومة قوية.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين في مؤتمر صحافي إنه «يجب مناقشة» الموضوع في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وأكد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس في جنيف أنه في الوقت الحالي تشكل نسبة التلقيح وكشف الإصابات المتدنية مزيجاً «ضاراً». وحذر من أنها «وصفة مثالية لتكاثر المتحورات وتفشيها»، مشدداً على أن نهاية الوباء هي «مسألة خيار».
في جنوب أفريقيا حيث أعلن اكتشاف المتحورة «أوميكرون» الأسبوع الماضي وحيث تم تلقيح أقل من ربع السكان، تحدثت السلطات أمام البرلمان عن انتشار «متسارع» للفيروس. والمتحورة الجديدة التي يبدو أنها شديدة العدوى، منتشرة بالفعل.
وندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أمس الأربعاء، بإغلاق الحدود، واصفاً هذا الإجراء بأنه شكل من أشكال «الفصل العنصري» ضد قارة أفريقية نسبة التلقيح فيها غير كافية.
كما قالت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية إن الأولوية تظل «لضمان إنتاج اللقاحات وتوزيعها في أسرع وقت ممكن في كل أنحاء العالم».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1466018239566082049
وأنفقت الدول المتقدمة في مجموعة العشرين 10 آلاف مليار دولار لحماية اقتصادها خلال الأزمة، في حين أن تلقيح سكان العالم لن يكلف سوى 50 ملياراً كما قالت كبيرة الاقتصاديين في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لورانس بون.
ورصدت المتحورة «أوميكرون» في كل القارات، لكن أوروبا التي واجهت قبل ظهورها تفشياً قوياً للوباء، تبدو الأكثر تضرراً.
وقررت دول القارة العجوز تشديد القيود الصحية مجدداً: ضبط الحدود وحظر السفر إلى منطقة أفريقيا الجنوبية وإلزامية وضع الكمامة في وسائل النقل العام والمحلات التجارية في المملكة المتحدة، والتوصية بتلقيح الأطفال المعرضين للخطر في فرنسا.
وفي بلجيكا، دعت منطقة فلاندرز، المنطقة الأولى في البلاد، إلى تشديد جديد للإجراءات بدعم من وزير الصحة الفيدرالي فرانك فاندنبروك (الخميس) الذي وصف «الوضع في المستشفيات بالمأساوي».
وسجلت الدنمارك التي واجهت تفشياً وبائياً قوياً، رقماً قياسياً (الأربعاء) مع أكثر من 4500 حالة جديدة، وأعادت فرض خضوع المسافرين القادمين من بعض الدول لفحص إلزامي.
وأعلنت الولايات المتحدة (الخميس) تعزيز الفحوص للمسافرين الوافدين إلى أراضيها اعتباراً من الأسبوع المقبل بعد الإعلان أمس عن أول حالة إصابة بالمتحورة «أوميكرون».
وفي آسيا، أعلنت اليابان التي أغلقت حدودها أمام الأجانب، عن حالتين من المتحورة الجديدة وطلبت (الأربعاء) من شركات الطيران تعليق الحجوزات الجديدة إلى أراضيها لمدة شهر.
كما سجلت نيجيريا الدولة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في أفريقيا، أول ثلاث حالات لدى أشخاص عائدين من جنوب أفريقيا، تماماً مثل أول ثلاث حالات تم رصدها في البرازيل.
وتم الإبلاغ عن أول حالة في المملكة العربية السعودية وكذلك في الإمارات العربية المتحدة.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1466426198632935439
وأعربت مختبرات مختلفة بما في ذلك «موديرنا» و«أسترازينيكا» و«فايزر/بايونتيك» و«نوفافاكس» عن ثقتها بقدرتها على إنتاج لقاح جديد ضد «أوميكرون». وأعلنت روسياً أيضاً أنها تعمل على تطوير نسخة من «سبوتنيك في» يستهدف هذه المتحورة تحديداً.
ولم يسبق أن تسببت إحدى متحورات «كوفيد - 19» في إثارة هلهع إلى هذه الدرجة منذ ظهور «دلتا» السائدة حالياً والشديدة العدوى.
وتعتبر منظمة الصحة العالمية «احتمال انتشار أوميكرون عالمياً، مرتفعاً» حتى لو بقي العديد من الأمور المجهولة كالعدوى وفعالية اللقاحات الموجودة وخطورة الأعراض.
وما يطمئن حتى الآن هو عدم الإبلاغ عن أي وفيات مرتبطة بـ«أوميكرون».
وتسبب «كوفيد - 19» بوفاة ما لا يقل عن 5 ملايين و214 ألفاً و847 شخصاً في جميع أنحاء العالم منذ ظهوره في أواخر عام 2019 في الصين، وفقاً لتعداد لوكالة الصحافة الفرنسية، الأربعاء.


مقالات ذات صلة

فيروس شائع قد يكون سبباً لمرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص

صحتك تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)

فيروس شائع قد يكون سبباً لمرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص

اكتشف الباحثون وجود صلة بين عدوى الأمعاء المزمنة الناجمة عن فيروس شائع وتطور مرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

وفق تصنيف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية

صحتك أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)

دراسة: النباتيون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب

تشير دراسة إلى أن النباتيين قد يكونون أكثر عرضة للاكتئاب؛ لأنهم يشربون الحليب النباتي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك تساهم المكسرات والأسماك الدهنية والخضراوات والفواكه في رفع مستويات الكوليسترول الجيد (أرشيفية- جامعة ناغويا)

أفضل الوجبات الصحية للعام الجديد

خلص خبراء إلى أن أفضل وجبة غذائية لعام 2025، هي الوجبة «المتوسطية» التي ترتبط بالعادات الغذائية لسكان منطقة حوض المتوسط.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟