ندوة ناقشت كتاب «العَرَب وتحديات التحول نحو المعرفة والابتكار»

بالشراكة بين مؤسستي «شومان» و«الفكر العربي»

ندوة ناقشت كتاب «العَرَب وتحديات التحول نحو المعرفة والابتكار»
TT

ندوة ناقشت كتاب «العَرَب وتحديات التحول نحو المعرفة والابتكار»

ندوة ناقشت كتاب «العَرَب وتحديات التحول نحو المعرفة والابتكار»

نظم منتدى «مؤسسة عبد الحميد شومان الثقافي»، بالشراكة مع «مؤسسة الفكر العربي»، ندوة في عمان لمناقشة الكتاب الذي أصدرته حديثاً «العَرَب وتحديات التحول نحو المعرفة والابتكار»، لمؤلفَيه الدكتور معين حمزة والدكتور عُمَر البزري.
جرى عرض فيديو حول أبرز مضامين الكتاب ومُخرجاته، ثم ألقت الرئيسة التنفيذية لمؤسسة عبد الحميد شومان فالنتينا قسيسية كلمة، لفتت فيها إلى التحديات الجدية التي يواجهها عالمنا العربي، والتي تؤثر بشكلٍ مباشر على حياة الأفراد والمجتمعات، كالأمن الغذائي العربي، والزراعة وندرة المياه الصالحة للشرب التي تعاني منها الأقطار العربية، بينما يتنافس الأردن على المرتبة الأولى كأكثر البلدان فقراً للمياه، والقائمة تطول كثيراً.
ألقى المدير العام لمؤسسة الفكر العربي البروفسور هنري العَويط، كلمة، أكد فيها على أن الكتاب الذي تنعقدُ الندوة حولَه، يستكمل جهودَ مؤسسة الفكر العربي التي تبذلها لتوطينِ المعرفة وتوليدِها ونشرِها، بتوجيهٍ من رئيسها الأمير خالد الفيصل، ودعمٍ من مجلس أمنائها، ويُضفي عليها المزيدَ من الكثافة، بفضل المزايا المنهجية التي يتحلى بها. ولفت إلى الطابع الشمولي الذي يتسمُ به الكتاب، الذي يغطي المنطقة العربية بأكملها، كما يتجلى ثانياً على صعيد المحتوى، فالكتاب الذي يمتد على 400 صفحة ونيف، يَزخَرُ بكم هائلٍ من المعلومات والإحصاءات والبيانات، موضحاً أن المؤسسة نَشَرْت هذا الكتابَ بنُسختَين، عربية وإنجليزية. لكنها لم تترجمه، بل أصدرت كتابَيْن، يتناولان الموضوعَ نفسَه، ويلتقيان حول مجموعة من القواسم المشترَكَة، ولكنهما يختلفان عنواناً ومضموناً.
ولمناسبة تزامن انعقاد الندوة في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) مع اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، ختم العَويط بتوجيه التحية إلى علماءِ فلسطين وإنجازاتِهم المضيئة.
واختُتمت الجلسة الافتتاحية بكلمة وزيرة الثقافة هيفاء النجار، فأكدت أن المشكلة لا تتعلق بالبحث، وإنما في موثوقية المصادر وصدقيتها، وقد كان لهذا الأثر الكبير على خلخلة مفهوم الثقافة وتحول أدوارها. وشددت على أن الثقافة لم تعد مجرد مفردة عائمة وهامشية، بل تمثل قطاعاً إنتاجياً يُسهم في التنمية، ويمثل رافعة للإنتاج القومي.
بعدها أقيمت جلسة حوارية أدارها الأمين العام للمجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا البروفسور ضياء الدين عرفة، فأكد على ارتباط نوعية الحياة ورفع مستوى المعيشة بالمعرفة ومصادرها العلمية والتكنولوجية بوجهٍ خاص، وباستراتيجيات البحوث المستقبلية وتمويلها، موضحاً أن الكتاب هو حصيلة مراجع وتقارير عدة فاقت المئتين من صُناع القرارٍ والعلماء والمُفكرين والمثقفين والباحثين، فكان بلا شك مصدراً مُتدفقاً للمعرفة، ودق ناقوسَ الخطر باستعراضه بعض الأرقام والإحصائيات الدقيقة.
ورأى الدكتور عبد الله الزعبي أستاذ الهندسة الكهربائية والإلكترونية في جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا، ومؤسس الرابطة الدولية للتعليم الإلكتروني، أن الكتاب يصل إلى نتيجة واضحة مفادها أن أداء البلدان العربية ما زال دون المستوى الذي يؤهلها للتحول نحو اقتصاداتٍ ومجتمعاتٍ معرفية، كما يؤكد الكتاب على تنبيه الدول العربية كي لا تُكرر الأخطاء التي ارتكبتها في حقبة الاستقلال في خمسينيات القرن الماضي، عندما استثمرت ثرواتها الباطنية وخبراتها الفنية والإدارية عبر شركات الدول المتقدمة، التي جنت جل ثمار الثروات العربية.
وركز الأمين العام لاتحاد الجامعات العربية الدكتور عمرو عزت سلامة، على أهمية الإعلام العلمي، ورأى أن الإعلام العربي لم يتم إعداده للقيام بمهامه المطلوبة. من جهته أكد المستشار العلمي لمجلس التفاهم العالمي لقادة الدول الدكتور منيف الزعبي، على أنه من الحكمة أن يتوجه العالم إلى «العلمِ والتضامن» على الأقل لِمُكافحة انتشار «المعلومات الخاطئة علمياً» والمتعلقة بالوَباء، إذ لا يُمكن إنكار حقيقة أن الوباء الحالي يؤكدُ أهمية توفر المعرفة العلمية التي تؤمنها آليات استشارية علمية وطنية موثوقة لتوجيه القرارات السياسية.
الأستاذ نارت دغجوقة الباحث الرئيسي في التكنولوجيا والابتكار، لفت إلى وجود فجوة تفصل ما بين صُناع القرار والمجتمعات العلمية والمتخصصة فيما يتعلق بمسائل التنمية بأبعادها المختلفة، التي تؤثر سلباً على مُخرجات عملية صنع القرار والسياسات المرتبطة بالتنمية المستدامة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».