احتفاء بآخر أعمال حاتم علي... «السلام عبر الشوكولاته»

منصة «شاهد vip» أطلقت اسم المخرج الراحل على جائزتها بـ«أيام القاهرة»

لقطة من فيلم «السلام عبر الشوكولاته» (مهرجان القاهرة السينمائي)
لقطة من فيلم «السلام عبر الشوكولاته» (مهرجان القاهرة السينمائي)
TT

احتفاء بآخر أعمال حاتم علي... «السلام عبر الشوكولاته»

لقطة من فيلم «السلام عبر الشوكولاته» (مهرجان القاهرة السينمائي)
لقطة من فيلم «السلام عبر الشوكولاته» (مهرجان القاهرة السينمائي)

احتفت منصة «شاهد vip» ومهرجان القاهرة السينمائي الدولي، بآخر أعمال المخرج السوري الراحل حاتم علي «السلام عبر الشوكولاته»، حيث عُرض الفيلم مساء أول من أمس ضمن العروض الخاصة بالدورة الـ43 من المهرجان في قاعة إيوارت بالجامعة الأميركية (وسط القاهرة)، في حضور عدد كبير من نجوم الفن والإعلام.
وأعرب سينمائيون عرب عن تقديرهم لمسيرة المخرج الراحل، من بينهم الفنانة المصرية إلهام شاهين التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنّ «المخرج الراحل كان قيمة كبيرة واسماً مميزاً في الدراما السورية»، مشيرةً إلى أنّ «حضور هذا الجمع الفني الكبير اليوم لحضور عرض آخر أعماله يؤكد اعتزازنا به وبأعماله، فهو من أهم المخرجين المثقفين في العالم العربي».
وقال الفنان السوري فراس سعيد في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «ربطتني علاقة صداقة قوية بالمخرج الراحل حاتم علي، وأنا أدرك كيف يحب التمثيل والإخراج، وكان هناك مشروع بيني وبينه ولكن لم يمهلنا القدر لإتمامه»، لافتاً إلى أنّ «المخرج الراحل كان شخصاً قريباً من الناس ونصيراً للممثل ومخرجاً مثقفاً يعرف أدواته جيداً واهتمّ كثيراً بترك بصمة قوية بأعماله في عالم الدراما العربية».
بدوه، رأى طارق إبراهيم مدير قنوات (mbc1) و (mbc دراما) ومدير المحتوى في منصة «شاهد vip» أن حاتم علي من المخرجين الذين غيّروا شكل الدراما العربية وله إسهامات فنية مميزة ويعد اسمه علامة الجودة لأي منتج فني. وأشار إلى أنّ «منصة (شاهد) قررت أن تحمل الجائزة التي تمنحها ضمن (أيام القاهرة لصناعة السينما) والتي تبلغ قيمتها 15 ألف دولار أميركي اسم المخرج حاتم علي، تقديراً له ولمشواره وعطائه الفني».
ويتناول فيلم «السلام عبر الشوكولاته» الذي عُرض للمرة الأولى في مهرجان «تريبيكا» السينمائي لعام 2021 قصة نجاح أسرة سورية في بلاد المهجر وتضارب المشاعر بين الأب والابن الذي يريد دراسة الطب بينما يفضل الأب بقاءه بجواره لمساعدته في البدء من جديد بعد تدمير مصنع الشوكولاته الخاص بهم في دمشق. الفيلم من بطولة حاتم علي، وأيهم عمار، ويارا صبري، ومارك كاماتشو، وكاثرين كيركباتريك، ونائلة خماري، وأنتجه وشارك في إخراجه جواثان كيجسر.
وكان المخرج السوري الراحل حاتم علي من أهم صناع السينما والدراما في العالم العربي، لتميزه في مجال الكتابة والتمثيل والإخراج وحتى الإنتاج، فقد بدأ مشواره الفني بالتمثيل في دمشق ووضع بصمته على نخبة من الأعمال الدرامية والسينمائية، وعلى حد تعبيره في لقاءات إعلامية سابقة فإنه دخل مجال الفن عبر الكتابة وبدأ حياته بالتمثيل ومن ثمّ توجه للإخراج في منتصف التسعينات من القرن الماضي، وقدم عدداً كبيراً من الأعمال الفنية على غرار «التغريبة الفلسطينية»، و«عمر»، و«صقر قريش»، و«ربيع قرطبة»، و«الزير سالم»، و«حجر جهنم»، و«كـأنه امبارح، و«أهو دا اللي صار».
وحصل علي، الذي رحل عن عالمنا في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، إثر تعرضه لأزمة قلبية مفاجئة عن عمر ناهز 58 عاماً، على جائزة أفضل ممثل في مهرجان «سكوتسديل السينمائي الدولي» عن دوره في فيلم «السلام عبر الشوكولاته» الذي يعد آخر أعماله ممثلاً ومخرجاً، إذ أسهم في إخراجه فيما يخص الجزء العربي، وشاركت زوجته الكاتبة دلع الرحبي في إعداد السيناريو العربي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».