مفاجأة تقلب الموازين: كيان رقمي يتصدر قائمة أقوى المؤثرين في عالم الفن

«الموجة الكبيرة» للفنان الياباني هوكوساي (المتحف البريطاني)
«الموجة الكبيرة» للفنان الياباني هوكوساي (المتحف البريطاني)
TT

مفاجأة تقلب الموازين: كيان رقمي يتصدر قائمة أقوى المؤثرين في عالم الفن

«الموجة الكبيرة» للفنان الياباني هوكوساي (المتحف البريطاني)
«الموجة الكبيرة» للفنان الياباني هوكوساي (المتحف البريطاني)

مفاجأة تفجرها قائمة مجلة «آرت ريفيو» في قائمتها لأقوى 100 اسم في عالم الفن، حيث تعكس المرتبة الأولى فيها حجم التغييرات التي تجتاح العالم، وتطرح أسئلة كثيرة حول المستقبل. بما أننا في عالم رقمي بامتياز، تدخل التقنية الرقمية في كل تفاصيله، فقد عكست القائمة ذلك، وحل كيان رقمي في المرتبة الأولى بين 100 مؤثر في عالم الفن.
وبحسب التقرير الذي أصدرته المجلة اليوم (1 ديسمبر/ كانون الأول)، فقد توج «ERC – 721»، وهو المعيار الأول لتمثيل الأصول الرقمية غير القابلة للاستبدال (NFT)، بصفته أقوى لاعب على الساحة الفنية حالياً. وهو أمر منطقي، بما أن الرموز غير القابلة للتداول (NFT) احتلت جانباً مهماً من السوق الفنية خلال العامين الماضيين، حيث وصلت مبيعات بعضها إلى ملايين الدولارات، وأشهرها عمل الفنان الأميركي مايكل وينكلمان (بيبل) «كل يوم: أول 5000 يوم» بنحو 69 مليون دولار أميركي لدى بيعه في المزاد العام الماضي، وهو ثالث أعلى سعر مزاد تحقق لفنان على قيد الحياة، بعد جيف كونز وديفيد هوكني على التوالي. ولم تكن تلك القطعة الوحيدة لوينكلمان التي تحقق سعراً مرتفعاً، فقد حققت أخرى بعنوان «Crossroad»، تتكون من مقطع فيديو مدته 10 ثوانٍ يُظهر المارة المتحركون يمشون بجوار شخصية دونالد ترمب، مبلغ 6.6 مليون دولار أميركي في «Nifty Gateway» في مارس (آذار) 2021.
وأطلق عمل الفنان وينكلمان تياراً فنياً مختلفاً، ولكنه أثبت أن له وجوداً في العالم الافتراضي، وبشكل ما على أرض الواقع الممثل في العاملين في المجال الفني والأسواق الفنية. وتبدو ظاهرة «NFT» في أوج قوتها مع إقبال الفنانين على إنتاج أعمال تنتمي لتقنية «الرموز غير القابلة للتداول»، وبيعها عبر الإنترنت، نظراً لقدرة تقنية «البلوكتشين» على ضمان التوقيع الفريد والملكية، وهو ما جمع بين الفن المعاصر وثقافة الرموز الرقمية التي يعيش في أرجائها جيل الألفية الثانية.
وحقق ذلك التلاقي مورداً مالياً هائلاً للفنانين والمنصات المختلفة التي بدأت تفتح دفاترها القديمة لتستخرج منها ما يمكن تحويله لتلك الصيغة الرقمية الرابحة. وعبر «الرموز غير القابلة للتداول»، اكتشفت السوق الفنية جيلاً جديداً من مقتني الأعمال الفنية، بينما وجد الفنانون حول العالم طرقاً جديدة لتسويق أعمالهم بعيداً عن النظام الحالي المعتمد على الوسيط الفني.

هوكوساي ومونيه في عالم «NFT»
حتى لا يفوتها اللحاق بالقطار، أسرعت المؤسسات التقليدية، كالمتاحف العالمية وصالات الفنون وحتى مصممي الأزياء، لاستكشاف وسائل الاستفادة من ذلك العالم الجديد المستقبلي الذي شرع أبوابه أخيراً.
ففي أغسطس (آب) 2021، قدم معرض الفنون في برلين (König Galerie)، عبر موقعهم على الإنترنت، عملاً للفنان الشهير إروين ورم، ليصبح من أوائل الفنانين المشهورين عالمياً الذين أطلقوا «NFT».
وفي بريطانيا، أعلن المتحف البريطاني عن عزمه دخول العالم الناشئ للرموز غير القابلة للاستبدال، من خلال الشراكة مع منصة جديدة لإطلاق 200 بطاقة بريدية رقمية لعمل الفنان الياباني هوكوساي.
وفي شهر أغسطس (آب) الماضي، أعلنت شركة «Innovation Without Borders LLC» للاستشارات عن عرض عمل شهير للفنان الفرنسي كلود مونيه بتقنية «NFT»، وذلك في تجربة نموذج جديد للعملاء من القطاع الخاص الذين يرغبون في بيع لوحاتهم خارج دور مزادات الفنون التقليدية. وتجمع مجموعة «Impressionist NFT» اللوحات الانطباعية الأصلية، مع رمز «NFT» المقابل.

على أرض الواقع
ونعود لعالم الواقع المحسوس، وعبر قائمة أكبر 100 قوة مؤثرة في عالم الفن، نجد أن المراتب التالية كلها تعكس التغيرات المجتمعية في العالم التي انعكست بدورها على العالم الفني. ففي المركز الثالث، تحل مجموعة «روان غروبا» من إندونيسيا، المنظمة لمعرض «دوكيومينتا» في كاسل بألمانيا.
وتعكس القائمة كذلك التناقضات المتأصلة في عالم الفن، في حين تم انتقاد «NFTs» والعملات المشفرة بسبب تأثيرها البيئي. ففي عام 2021، كان الفنانون والمنسقون والمعارض والمفكرون، على حد سواء، يفكرون في تغير المناخ من صنع الإنسان والرأسمالية النهمة والبيئة المدمرة في العالم. ومن بين هؤلاء المجموعة الأسترالية الأصلية «Karrabing Film Collective» في المرتبة الـثامنة.
واتخذت حركة «حياة السود مهمة» أيضاً مساراً فنياً واضحاً في العالم الفني، ويظهر ذلك في أعمال الفنانة كاري ماي وييمز، في المرتبة التاسعة، التي تتناول صورها وتركيباتها الذاتية الأنثوية السوداء، وأيضاً في أعمال كارا والكر (المرتبة رقم 11) التي تتعامل مع موضوعات العرق والجنس والعنف.

هل «NFT» هي المستقبل أم مجرد صرعة وقتية؟
تثير القائمة كثيراً من الأسئلة حول المعايير الحالية في عالم الفن، ونتوجه ببعضها لمارك رابولت، رئيس تحرير مجلة «آرت ريفيو»، وأبدأها بـ«هل نواجه حالياً انقساماً بين الجيل القديم والجيل المعاصر من الفنانين والمقتنين؟».
يقول رابولت لـ«الشرق الأوسط»: «كل جيل جديد يريد أن يتميز عن الأجيال السابقة، ولكن من المفارقات في العالم الفني أنه ينتعش على المحاكاة، سواء أكان ذلك في المدارس أو الاتجاهات، ومع ذلك فقد أدت NFTs (ومعها العملات المشفرة وكل ما يأتي معها) إلى قلب سوق الفن رأساً على عقب، مما أدى إلى اندماج الفن المعاصر وثقافة الميم الألفية معاً، وإلقاء الضوء على جيل جديد من هواة الجمع. جزء مما تدور حوله NFTs والعملات المشفرة في هذه القائمة على الأقل هو تغيير اللغة والمصطلحات. ومع ذلك، ربما تغيير في المنهجية والآيديولوجية جلب الفن مباشرة إلى السوق، دون المرور عبر الأنظمة القديمة.
«هل من الممكن أن تفقد NFT أرضها المكتسبة سريعاً، حيث إن التكنولوجيا في تطور مستمر؟»، يجيب قائلاً: «نعم، فليس من الواضح إن كانت الرموز غير القابلة للتداول هي المستقبل أم مجرد صرعة وقتية».
ويشير إلى أن القائمة تضم متناقضات كثيرة وغير منطقية، ويستطرد: «قائمة هذا العام ليست منطقية تماماً، ولكنها تعرض بدلاً من ذلك الموضوعات والاتجاهات المختلفة التي يتبعها الفن المعاصر. وبهذا المعنى، فإنها تسعى لأن تكون وصفاً دقيقاً للمناقشات حول سبب وكيفية تقدير الفن. ويمكنك القول أيضاً إنه من الغريب أن يكون لديك شيء ضار بيئياً في المرتبة الأولى، ثم شخص يدافع عن الترابط بين البشر وغير البشر ووسطهم الطبيعي المشترك في المرتبة الثانية.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.