مستوطنون إسرائيليون يكثّفون عمليات اقتحام الأقصى

اشتباكات متكررة بين فلسطينيين وقوات إسرائيلية في ساحة مسجد الأقصى (رويترز)
اشتباكات متكررة بين فلسطينيين وقوات إسرائيلية في ساحة مسجد الأقصى (رويترز)
TT

مستوطنون إسرائيليون يكثّفون عمليات اقتحام الأقصى

اشتباكات متكررة بين فلسطينيين وقوات إسرائيلية في ساحة مسجد الأقصى (رويترز)
اشتباكات متكررة بين فلسطينيين وقوات إسرائيلية في ساحة مسجد الأقصى (رويترز)

اقتحم مستوطنون إسرائيليون المسجد الأقصى، أمس، تحت حراسة مشددة من قبل الشرطة الإسرائيلية. ونفذ أكثر من 200 مستوطن متطرف اقتحاماً للمسجد، وأدّوا طقوساً تلمودية في المكان، بعدما أغلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي باب المغاربة، أحد أبواب المسجد الأقصى، ومنعت وصول المصلين إلى المسجد. ووصل المستوطنون إلى الأقصى تلبية لدعوات وزير إسرائيلي ومسؤولين في منظمات «اتحاد منظمات جبل الهيكل» لتكثيف وجودهم في المسجد بمناسبة الأعياد اليهودية.
ويستغل المتطرفون فترة الأعياد اليهودية لاقتحام الأقصى، في محاولة لبث رسالة حول أحقيتهم في المكان الذي يتطلعون لبناء هيكلهم فيهم. وكان وزير الشؤون الدينية في الحكومة الإسرائيلية متان كهانا، قد أشعل شمعة «عيد الأنوار» اليهودي عند مدخل المسجد الأقصى، قائلاً إنه يقف عند مدخل أقدم مكان لشعب إسرائيل، ومطلقاً دعواته من أجل تكثيف الجهود وسرعة «بناء الهيكل» المزعوم.
وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية، أمس، فعلة كهانا، ونددت بالتصعيد الإسرائيلي الحاصل في اقتحامات المسجد الأقصى المبارك والمواقع والمقامات الدينية والأثرية والتاريخية في الضفة الغربية، والتي تتزامن مع الأعياد اليهودية، معتبرة أن ذلك استغلال لتحقيق أطماع استعمارية تهويدية توسعية، كما هو الحال في ازدياد أعداد المشاركين في اقتحام الأقصى، وإقدام سلطات الاحتلال الإسرائيلي على إغلاق باب المغاربة وفرض إجراءات عسكرية وتضييقات مشددة على المواطنين المقدسيين في البلدة القديمة، واقتحام المستوطنين لمقام يقين في الخليل وكذلك قبر النبي يوسف في نابلس. وحذرت الوزارة من التصعيد الحاصل في استهداف الأقصى المبارك من قِبل ما يسمى «اتحاد منظمات جبل الهيكل»، بمشاركة وزراء في الحكومة الإسرائيلية وبدعمها ورعايتها، محمّلة الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الاعتداءات، ومحاولات تغيير طابع الصراع من سياسي إلى ديني.
وقالت الخارجية، إنها تواصل تنسيق جهودها لفضح ومواجهة الاستهداف الإسرائيلي للمقدسات المسيحية والإسلامية، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، مع الأشقاء في المملكة الأردنية الهاشمية ووزارة خارجيتها، لحث المجتمع الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة ومنظماتها المختصة، وفي مقدمتها «اليونيسكو» على تحمّل مسؤولياتها في حماية الأقصى، وتنفيذ قراراتها الأممية ذات الصلة. كما أدان الأردن تصريحات كهانا، معلناً أنها «مؤججة للصراع وتغذي التطرف». وجاء في بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية الأردنية هيثم أبو الفول، أن تصريحات كهانا «استفزازية وغير مبررة بحق المسجد الأقصى». وأضاف «هذه التصريحات مدانة ومرفوضة، وتعد انتهاكاً خطيراً للوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى المبارك». وحذّرت الخارجية الأردنية من مغبة التصريحات الإسرائيلية «المُؤججة للصراع والتي من شأنها أن تغذي التطرف».
وأكدت «أن المسجد الأقصى، بكامل مساحته وباحاته البالغة 144 دونماً، هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وأن إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك الأردنية هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة شؤون الحرم كافة وتنظيم الدخول والخروج منه».
ويتهم الفلسطينيون والأردنيون إسرائيل بالعمل على تغيير الوضع القائم في المسجد، وتقول السلطة إن المستوطنين مدعومون من الحكومة الإسرائيلية التي تخطط لتغيير الوضع القائم في المسجد عبر تقسيمه زمانياً ومكانياً، مثلما فعلت في الحرم الإبراهيمي. وتنفي إسرائيل ذلك وتقول إنه لا توجد لديها خطط لتغيير الوضع القائم المتفق عليه مع الأردن بصفته مسؤولاً عن المقدسات في القدس.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».