تركيا: تسخين حاد للساحة السياسية مع تزايد الضغوط على إردوغان

سفينة جنحت في إسطنبول جراء العواصف القوية التي هبت عبر مضيق البوسفور أمس (أ.ف.ب)
سفينة جنحت في إسطنبول جراء العواصف القوية التي هبت عبر مضيق البوسفور أمس (أ.ف.ب)
TT

تركيا: تسخين حاد للساحة السياسية مع تزايد الضغوط على إردوغان

سفينة جنحت في إسطنبول جراء العواصف القوية التي هبت عبر مضيق البوسفور أمس (أ.ف.ب)
سفينة جنحت في إسطنبول جراء العواصف القوية التي هبت عبر مضيق البوسفور أمس (أ.ف.ب)

تصاعدات التحركات على الساحة السياسية في تركيا وسط المطالبات المتزايدة للمعارضة بالتوجه إلى انتخابات مبكرة وعدم الانتظار حتى موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة في يونيو (حزيران) 2023.
وفي إطار هذه التحركات التقى رئيس حزب السعادة المعارض تمل كارامولا أوغلو رئيس الجمهورية السابق عبد الله غل، أمس الثلاثاء، لمناقشة الموضوعات المطروحة على الساحة السياسية والدعوة إلى الانتخابات المبكرة مع استمرار تردي الأوضاع الاقتصادية. وقبل اللقاء، نفى كارامولا أوغلو ما تردد من مزاعم حول احتمالات ترشح غل للانتخابات الرئاسية، كمرشح توافقي للمعارضة، قائلاً إن الأمر ليس مطروحاً على أجندة المعارضة التركية.
وكان كارامولا أوغلو التقى الرئيس رجب طيب إردوغان، قبل أسابيع، ضمن مساعي الأخير لإقناعه بانضمام حزب السعادة، وهو الحزب المتبقي من ميراث رئيس الوزراء الراحل نجم الدين أربكان، لكن كارامولا أوغلو رهن الخطوة بتغيير السياسات الراهنة لإردوغان وحكومته، والعودة إلى النظام البرلماني المعزز الذي تطالب به المعارضة.
وتصاعدت التكهنات حول احتمال ترشح غل، منافساً للرئيس رجب طيب إردوغان في الانتخابات المقبلة، بعدما ظهر أكثر من مرة في الفترة الأخيرة، حيث التقاه رئيس حزب «المستقبل» رئيس الوزراء الأسبق، أحمد داود أوغلو، قبل أيام لمناقشة التطورات السياسية والاقتصادية في البلاد، وجرى أيضاً مناقشة موضوع الانتخابات المبكرة.
في الوقت ذاته، شن رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهشلي، الذي يشكل مع حزب العدالة والتنمية الحاكم برئاسة إردوغان، «تحالف الشعب»، هجوماً حاداً على رئيس حزب «الديمقراطية والتقدم»، نائب رئيس الوزراء الأسبق على باباجان، بسبب تصريحات انتقد فيها سياسات حكومة إردوغان، ووضع إردوغان كوادر غير مناسبة في الإدارة الاقتصادية للبلاد وخضوعه لسياسات حزب الحركة القومية الذي اعتبر أنه فرض وصايته على حزب العدالة والتنمية في السنوات الأخيرة.
وقال بهشلي في كلمة أمام مجموعة حزبه بالبرلمان أمس (الثلاثاء): «سنكشف الكاذبين... سنخبر عن الألعاب والمؤامرات ضد تركيا، سنشرح الألعاب الخبيثة... يقولون (المعارضة) إنهم قادمون، ونحن نقول لهم إنكم ذاهبون، سنعلمك (باباجان) أننا لا نتوقف». وأضاف: «يقولون إن هناك حريقاً في مطابخنا، ويقولون إن مشاكل الاقتصاد لا يمكن حلها دون رحيل إردوغان، يقولون إن هناك طوابير على الخبز والبنزين... هؤلاء يخدعون الناس».
ووجه بهشلي حديثه إلى باباجان، الذي يوصف بأنه مهندس الاقتصاد التركي وصاحب الطفرة التي حققها الاقتصاد في 11 عاماً من حكم العدالة والتنمية من 2002 إلى 2013، قائلاً إن « من يبيع، يبيع دائماً، ومن يخون حزبه وأصدقاءه يخون أمته عندما تسنح له الفرصة (في إشارة إلى خروج باباجان من حزب العدالة والتنمية وتأسيس حزب معارض بسبب اختلافه مع إردوغان بشأن إدارة شؤون البلاد)».
وانتقد بهشلي وصف باباجان حزب الحركة القومية بأنه وصي على حزب العدالة والتنمية الآن، قائلاً: «هذه عقلية مشوشة تتحدث عن شراء الدقيق بالأرقام، يقول إننا نقف على رأس السلطة مثل الوصي... نحن لسنا وصاة، نحن حزب الحركة القومية».
واتهم بهشلي باباجان بإيواء من سماهم بـ«الجواسيس» في حزبه، وبارتباطه القوي مع حركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن والذي تنسب إليها الحكومة محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016.
كان باباجان وجه انتقادات لإردوغان بسبب تصريحاته الأسبوع الماضي التي قال فيها إن تركيا تخوض حرب استقلال اقتصادي، ما أدى إلى انهيار تاريخي لليرة التركية، وانتقد افتقاد حزب العدالة والتنمية للكوادر الاقتصادية، مشيراً إلى أنه ليس هناك حرب استقلال أو شيء من هذا القبيل، وأنه من يتحدث عن زيادة التنافسية من خلال ترك سعر الصرف يتحرك كما يشاء إنما يطبق نموذج الحكومات الاستبدادية.
من جانبه، حذر رئيس البرلمان نائب رئيس الوزراء الأسبق بولنت أرينتش الرئيس رجب طيب إردوغان من محاولات الضغط عليه ودفعه إلى أن يكون منافساً له سواء عبر تشكيل حزب سياسي أو عبر الترشح للرئاسة.
وكان أرينتش استقال مؤخراً من منصبه ككبير مستشاري إردوغان، بسبب ما اعتبره تكراراً للإهانات واتهامه بالارتباط بحركة الخدمة. وهو كان قد أعلن سابقاً أنه لن ينافس إردوغان ويرجو ألا يضطره إردوغان إلى فعل ذلك.
ويحظى أرينتش بقاعدة قوية داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم كونه أحد مؤسسيه الثلاثة الأبرز، هو وإردوغان والرئيس السابق عبد الله غل.
وردا على سؤال، خلال مقابلة صحافية أمس، بشأن ما إذا كان حزب الحركة القومية يتحكم في حزب العدالة والتنمية حالياً، قال أرينتش: «لا تعليق». لكنه توجه بالسؤال إلى محاوره قائلاً: «أنت ما رأيك؟».
وعن الاتهامات بالارتباط بحركة غولن الموجهة إليه ولعدد آخر من القيادات السابقة بحزب العدالة والتنمية، قال أرينتش إن غولن له الكثير من المحبين والأنصار، لكن لم يكن أحد يتوقع أنه سيتورط في تدبير محاولة الانقلاب.



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.