«الشعب» السوري يعيد فتح ملف «اللواء السليب» من تركيا

قال إن الجيش «مصرّ على استعادة إسكندرون»

دورية روسية - تركية في الرميلان شمال شرقي سوريا يوم 16 سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)
دورية روسية - تركية في الرميلان شمال شرقي سوريا يوم 16 سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

«الشعب» السوري يعيد فتح ملف «اللواء السليب» من تركيا

دورية روسية - تركية في الرميلان شمال شرقي سوريا يوم 16 سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)
دورية روسية - تركية في الرميلان شمال شرقي سوريا يوم 16 سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)

أكد مجلس الشعب (البرلمان) السوري، أمس، أن «لواء إسكندرون السليب»، في إشارة إلى مقاطعة هاتاتي التركية، «جزء لا يتجزأ من التراب السوري»، لافتاً إلى أن «السوريين سيبذلون الغالي والنفيس حتى يعود الحق السليب إلى أصحابه، ومصرّون على استعادة كامل الأراضي المغتصبة وتحقيق النصر المؤزر بهمة رجال الجيش العربي السوري لإعادة الإعمار وبناء سوريا».
وكانت تركيا ضمت لواء إسكندرون في 1939، وبقي النزاع قائماً بين دمشق وأنقرة، إلى أن وقّع الجانبان اتفاق تجارة حرة في 2004، تضمن عمليات اعتراف سوريا بضمه إلى تركيا.
وقال المجلس في بيان بـ«مناسبة الذكرى الثانية والثمانين لسلخ لواء اسكندرون»، إن «الاتفاق الثلاثي بين الاحتلالين الفرنسي والبريطاني وتركيا عام 1939 لسلخ اللواء هو اتفاق عارٍ وخرق فاضح لالتزامات فرنسا كدولة، وانتهاك واضح وصريح للمعاهدة التي وقّعتها مع الحكومة السورية عام 1936 وتنص حرفياً على أن تأخذ سوريا على عاتقها جميع الالتزامات التي كانت زمن الانتداب بما فيها مناطق الاستقلال الإداري».
ويشبّه مراقبون ومعارضون التفاهمات الثلاثية التي افضت لخسارة لواء إسكندرون بالاتفاقات بين تركيا وروسيا الحالية التي أفضت إلى سيطرة فصائل موالية لأنقرة والجيش التركي على أكثر من عشرة في المائة من مساحة سوريا (نحو عشرين ألف كلم2، أي ضعف مساحة لبنان) في شمال سوريا وشمالها الغربي.
ومنع الجانب الروسي دمشق من شن عملية عسكرية في إدلب بعد تفاهمات بين الرئيسين رجب طيب إردوغان وفلاديمير بوتين في ربيع 2020.
وقال مجلس الشعب السوري، أمس، إن «الدور التركي المشبوه لأحفاد العثمانيين وأعوانه من المرتزقة والإرهابيين، يستمر بعد كل تلك السنين من خلال الاعتداءات الإرهابية المتكررة على الأراضي السورية واحتلال بعض أجزائها وتفكيك معاملها ومنشآتها ومصانعها وسرقتها وتهريبها إلى الداخل التركي». وأشار المجلس إلى «استمرار النظام التركي بجريمة قطع المياه عن أكثر من مليون مواطن في مدينة الحسكة وجوارها، واتباع سياسة القتل والتخريب وترويع الأهالي الآمنين في مناطقهم، ونهب أملاكهم وأرزاقهم في خرق سافر لأبسط قواعد ومبادئ حقوق الإنسان والقانونين الدولي والإنساني».
وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، إن «سلخ اللواء لم يحظ باعتراف عصبة الأمم في وقتها ولا خليفتها منظمة الأمم المتحدة فيما بعد؛ ما يعني أن اللواء من وجهة النظر الدولية سيبقى أرضاً سورية».
وبين 2005 و2011 ازدهرت العلاقات بين الرئيس بشار الأسد وإردوغان، وتضمنت تبادل زيارات وتعزيز العلاقات في جميع المجالات، وتأسيس منطقة تجارة حرة على جانبي الحدود، وتفاهماً حول نهر العاصي الذي يمر باللواء؛ الأمر الذي اعتبره الجانب التركي اعترافاً بضم لواء إسكندرون. وقال رئيس الوزراء السوري وقتذاك ناجي عطري، إن العلاقات «نموذجية».
ورداً على سؤال حول إقامة سد مشترك على نهر العاصي الذي يمر في سوريا ثم في تركيا قبل أن يصبّ في المتوسط، وإذا كان هذا السد يعني طي ملفي المياه والحدود بين البلدين، أجاب عطري «إذا كان مشروع السد سيخدم المواطنين السوريين والأتراك، فليكن هذا المشروع أحد المشاريع التي تعبر عن علاقة نموذجية بين البلدين».
ويمر نهر العاصي في لواء الإسكندرون الذي منحته فرنسا إلى تركيا في 1939 وتعتبره سوريا جزءاً من أراضيها. وقال دبلوماسي تركي، إن دمشق سحبت تحفظاتها على «القضية الجغرافية» بشأن الإسكندرون ومنطقتها، وتعتبر تركيا أن سيادتها على هذه المنطقة غير قابلة للمساومة. وأكد الدبلوماسي، أن اتفاق التجارة الحرة المبرم بين رئيسي وزراء البلدين تم التوصل إليه «بعد مفاوضات طويلة».
وبعد اندلاع الاحتجاجات في سوريا، تراجعت العلاقات بين البلدين. وأعلنت دمشق، أنها أوقفت العمل باتفاقية منطقة التجارة الحرة مع تركيا وقررت فرض رسم بنسبة 30 في المائة على المواد ذات المنشأ التركي المستوردة إلى سوريا؛ وذلك عملاً بمبدأ المعاملة بالمثل.
وكانت تركيا علّقت كل التعاملات الائتمانية المالية مع سوريا، وجمّدت أصول الحكومة السورية لتنضم بذلك إلى جامعة الدول العربية وقوى غربية في فرض عقوبات اقتصادية على حكومة الرئيس بشار الأسد التي تواجه احتجاجات منذ مارس (آذار) 2011.
ونقلت «سانا» عن مجلس الوزراء الذي عقد جلسة استثنائية يوم الأحد قوله «في ضوء المصلحة الوطنية وعملاً بمبدأ المعاملة بالمثل قرر مجلس الوزراء... إيقاف العمل باتفاقية الشراكة المؤسسة لمنطقة تجارة حرة بين الجمهورية العربية السورية والجمهورية التركية».
وكانت تركيا التي بلغ حجم التجارة بينها وبين سوريا 2.5 مليار دولار العام الماضي أحد أقرب حلفاء سوريا وأقام إردوغان علاقات قوية مع الأسد. لكن مع تفاقم العنف في سوريا ساءت العلاقات بشكل متزايد بين دمشق وأنقرة ودعا إردوغان الأسد صراحة إلى التنحي.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.