مسرحية حول ناشطة أميركية قتلتها جرافة إسرائيلية تعود إلى نيويورك

«اسمي ريتشل كوري» تتناول نشاطها أثناء محاولتها وقف تدمير منزل فلسطيني

الممثلة تشارلوت هيمينغز في دور ريتشل في عمل من إعداد الممثل البريطاني آلان ريكمان والمحررة في «الغارديان» كاثرين فاينر (أ.ف.ب)
الممثلة تشارلوت هيمينغز في دور ريتشل في عمل من إعداد الممثل البريطاني آلان ريكمان والمحررة في «الغارديان» كاثرين فاينر (أ.ف.ب)
TT

مسرحية حول ناشطة أميركية قتلتها جرافة إسرائيلية تعود إلى نيويورك

الممثلة تشارلوت هيمينغز في دور ريتشل في عمل من إعداد الممثل البريطاني آلان ريكمان والمحررة في «الغارديان» كاثرين فاينر (أ.ف.ب)
الممثلة تشارلوت هيمينغز في دور ريتشل في عمل من إعداد الممثل البريطاني آلان ريكمان والمحررة في «الغارديان» كاثرين فاينر (أ.ف.ب)

تعرض في نيويورك مسرحية حول الناشطة الأميركية ريتشل كوري، التي قتلت دهسا تحت جرافة إسرائيلية في غزة، حيث تلقى قبولا بعد أن تسبب جدل في تأجيل عرضها الأول قبل عشرة أعوام. ويقول والدا الناشطة ومخرج المسرحية إن تراجع الجدل يعكس تغييرا في المواقف الأميركية تجاه إسرائيل والنزاع الفلسطيني.
وقالت سيندي كوري، والدة ريتشل، لوكالة الصحافة الفرنسية، عن السنوات الـ12 التي مرت منذ مقتل ابنتها في 2003 «أعتقد أن المشهد تغير». وقال شهود عيان إن الناشطة قتلت أثناء محاولتها وقف تدمير منزل فلسطيني. وفي فبراير (شباط)، حكمت المحكمة الإسرائيلية العليا بعدم مسؤولية إسرائيل عن وفاة كوري، لأن ذلك كان عملا عسكريا في منطقة حرب. وترى سيندي أن قصة ريتشل ساعدت في تغيير ذلك المفهوم، إضافة إلى حروب إسرائيل وعملياتها العسكرية في المنطقة في العقد الماضي. وقالت «فقط أعداد الناس المستعدين للابتعاد عما اعتقد أنه كان تقليديا دعما غير مشكوك فيه لإسرائيل».
وعنوان المسرحية التي حازت جائزة هو «اسمي ريتشل كوري»، ومدتها 90 دقيقة، وتؤديها سيدة واحدة. وهي مستوحاة من كتابات الناشطة التي كانت تبلغ الثالثة والعشرين لدى مقتلها، وقام بإعدادها الممثل البريطاني آلان ريكمان، والمحررة في «الغارديان» كاثرين فاينر.
وكانت انطلاقة المسرحية في لندن عام 2005، حيث لقيت إطراء، لكن قرارا بإرجاء عرضها في نيويورك في 2006 أثار اتهامات من قبل معديها البريطانيين بممارسة الرقابة عليها. وأعلنت «ورشة المسرح في نيويورك» (نيويورك ثياتر ووركشوب) في ما بعد عن تقديم العمل، لكنها عزت التأخير لمخاوف من أن يستخدم البعض المسرحية منصة للترويج لأجنداتهم.
ولم تتسبب عودة المسرحية إلى نيويورك في إثارة احتجاجات مهمة. وقال جوناثان كين، المخرج ومؤسس فرقة عمل المسرحية، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنهم تلقوا شكاوى بالهاتف لكن مبيعات التذاكر كانت أفضل من المتوقع. وقال كين «الصحافة بشكل عام لم تهاجمها وهذا كان مفاجئا». وأضاف «ربما العالم قد تغير في 10 سنوات، والناس متفهمون أكثر، ولم تعد المسألة مثيرة للجدل كالسابق».
وعلى خشبة مسرح لين ريدغريف، أعادت الممثلة تشارلوت هيمينغز الناشطة كوري إلى الحياة أمام جمهور صفق بحرارة في الصالة التي شارفت بطاقات عرضها على النفاد.
والمسرحية مستقاة من رسائل كوري الإلكترونية ومذكراتها ورسائلها، وتركز على حياتها. وهي ليست معادية للسامية ولا سياسية علنا، تصور شابة من أولمبيا بواشنطن، مثالية، لبقة، محبة لسلفادور دالي. وفي السنوات العشر الأخيرة تمت ترجمتها إلى أكثر من 12 لغة وعرضت في أكثر من 20 بلدا بحسب الوالدين. وقال الوالد كريغ لوكالة الصحافة الفرنسية «عندما يأتي الناس لمشاهدة العرض، ترد المسرحية على منتقديها».
ودافع آلان ريكمان مؤسس «مشروع الثقافة» عن المسرحية التي تعرض من 2 إلى 12 أبريل (نيسان). وقال «الناس الذين تحدثت إليهم بعد شرح موقفنا قبلوا على مضض حقيقة تصرفنا من دون خلفيات، وأننا عملنا بمسؤولية لأنهم ليسوا منحازين». وأضاف «لست مسرورا بالقسوة في الجانبين». وتابع «إذا أمكننا لفت الانتباه إلى أن العنف والكراهية اللذين ينموان في المنطقة يتسببان في خسارة مأساوية للأرواح، عندئذ أعتقد أننا نكون قد قدمنا رسالة ذات قيمة نوعا ما».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».