مصر تُرمم تمثال «آمون» وتقترب من إتمام «تحتمس» في الأقصر

«الآثار» تدرس تحويل «الأوبت» إلى مهرجان سنوي

مصر تُرمم تمثال «آمون» وتقترب من إتمام «تحتمس» في الأقصر
TT

مصر تُرمم تمثال «آمون» وتقترب من إتمام «تحتمس» في الأقصر

مصر تُرمم تمثال «آمون» وتقترب من إتمام «تحتمس» في الأقصر

انتهى المجلس الأعلى للآثار المصري من إعادة ترميم تمثال للمعبود آمون رع، على هيئة توت عنخ آمون، في معابد الكرنك، بالأقصر (جنوب مصر)، وذلك عقب الاحتفال المبهر الذي نظمته وزارة السياحة والآثار في افتتاح طريق الكباش الأثري، كما أوشكت فرق الترميم على الانتهاء من عملية ترميم تمثال «تحتمس الثاني» الذي يوصف بأنه أكبر تمثال جالس للملك تحتمس الثاني، بالصرح الثامن في معابد الكرنك، المقرر افتتاحه الشهر المقبل.
وتسعى وزارة السياحة والآثار، إلى استغلال نجاح حفل افتتاح طريق الكباش، وقال الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار المصري، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إنّ «الوزارة تدرس تحويل عيد الأوبت إلى مهرجان سياحي سنوي يوضع على الخريطة السياحية لمدينة الأقصر بعد النجاح الذي حققه في حفل افتتاح طريق الكباش»، مشيراً إلى أنّ «الوزارة تعد حالياً لتنظيم عدد من الاحتفالات للتنشيط السياحي حيث تخطط لتنظيم احتفال في مدينة سانت كاترين في سيناء الشهر المقبل، وتنظيم حدثاً كبيراً في الاحتفال بالعام الميلادي الجديد، بالإضافة إلى تجهيز وزارته لتنظم احتفال كبير في محافظة أسوان (جنوب مصر) بالتزامن مع تعامد الشمس على تمثال رمسيس الثاني في معبد أبو سمبل بأسوان في شهر فبراير (شباط) المقبل».
وقال العناني إنّ «رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي افتتح خلال زيارته لمعابد الكرنك على هامش الاحتفالية مشروع ترميم تمثال المعبود آمون».
وأوضح صلاح الماسخ، مدير معابد الكرنك في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنّ «التمثال مصنوع من حجر الكوارتيزت ويرجع إلى عصر الملك توت عنخ آمون من الأسرة الثامنة عشرة، وهو للمعبود آمون رع في هيئة توت عنخ آمون، ويُرجح أنّه عُدّل في عهد الملك حور محب». مشيراً إلى أنّ «التمثال يعد من أجمل التماثيل للإله آمون».
ويعود تاريخ اكتشاف التمثال إلى عام 1897. وكان وقتها محطماً لعدة أجزاء، ورُمم التمثال للمرة الأولى عام 1912. على يد الفرنسي جورج ليغران، الذي عمل على إحلال لمنطقة الصدر بالحديد الصلب والخرسانة واستبدال للرجل المفقودة.
ولسوء حال الترميم الأول التي خضع لها التمثال في عهد ليغران، قرر الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إعادة ترميم التمثال، وبدأ المشروع في عام 2019. بالمشاركة بين الوزارة ومركز التمصير الفرنسي، حيث صُمم شكل تخيلي للتمثال معتمداً على تمثال شبيه موجود في المتحف المصري بالتحرير.
وفي السياق ذاته، اقتربت السلطات المصرية من ترميم تمثال الملك تحتمس الثاني الموجود أمام الواجهة الجنوبية الغربية لبوابة الصرح الثامن في معابد الكرنك، ومن المنتظر افتتاحه قريباً، حسب مسؤولي المعبد، حيث رصدت «الشرق الأوسط» وجود سقالات وأدوات الترميم على التمثال.
والتمثال منحوت من مادة الحجر الرملي السليسي تمييزاً له عن الحجر الرملي المتحول، من محجر الجبل الأحمر بالقرب من القاهرة، ويطلق عليه الآثاريون اسم الكوارتزيت، وقال الماسخ إنّ «التمثال ترك بالمحجر لسنوات طويلة، لوجود عيوب جيولوجية بالصخر المنحوت منه، وفي عام 42 من حكم الملك تحتمس الثالث استكمل نحته وتشييده داخل معابد الكرنك، حسب النقوش الموجودة على خلفيته».
وقال وزيري إنّ «التمثال يصور الملك تحتمس الثاني جالساً على العرش واضعاً يديه على ركبتيه مرتدياً الرداء الملكي، وتسجل النقوش على الحزام، وأحد جوانب كرسي العرش خراطيش تحمل اسم الملك تحتمس الثاني، وعلى الجانب الأيمن للتمثال وبجوار الساق اليمنى للملك، كان يوجد بقايا تمثال صغير جداً خاص بالأميرة «موت نفرت»، ابنة الملك تحتمس الثاني التي توفيت عند تشييد التمثال، وهو مفقود حالياً، مشيراً إلى أنّه «يعتبر أكبر تمثال من الكوارتزيت لملك جالس في شرق الأقصر».
ويصل ارتفاع التمثال من دون القاعدة إلى نحو 7 أمتار، ووزنه بعد الترميم إلى نحو 100 طن على أقل تقدير.
ويشير خبراء الآثار إلى أنّ الجزء الأعلى من التمثال حتى منطقة الصدر كان مفقوداً، وعُثِر على أجزاء عديدة منه خلال الحفائر الأثرية التي تمت بين عام 1923 و1924. بواسطة الأثري موريس بييه، وتشير النقوش على قاعدة التمثال إلى قيام تحتمس الثاني بإهداء التمثال إلى الإله آمون رع.
وأوضح الماسخ أنّ «أهمية التمثال تكمن في قلة آثار الملك تحتمس الثاني وقصر فترة حكمه، وعدم وجود تماثيل مكتملة لهذا الملك ما عدا تمثالين بارتفاع 160سم في 2 متر وكليهما مشوه الوجه وقد حُفظا في متحفي النوبة والمتحف المصري بالتحرير»، مشيراً إلى أنّ «نسبة الفقد في التمثال لا تتجاوز 15 في المائة، وهو ما جعل ترميمه ممكناً».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».