سرقة عشرات الخزائن في حي شهير للمجوهرات في لندن

تعيد إلى الأذهان فيلم «عمل بنكي».. وقد تصبح واحدة من أكبر جرائم السطو في العالم

متجر «باريس جيويلز آندهاتون سايف ديبوزيت» حيث تم سرقة عشرات خزائن الأمانات من المجوهرات في لندن قبل أسبوع (إ. ب. أ) وفي الاطار بعض المجوهرات المعروضة في المتجر الذي تمت عملية السرقة فيها (إ. ب. أ)
متجر «باريس جيويلز آندهاتون سايف ديبوزيت» حيث تم سرقة عشرات خزائن الأمانات من المجوهرات في لندن قبل أسبوع (إ. ب. أ) وفي الاطار بعض المجوهرات المعروضة في المتجر الذي تمت عملية السرقة فيها (إ. ب. أ)
TT

سرقة عشرات الخزائن في حي شهير للمجوهرات في لندن

متجر «باريس جيويلز آندهاتون سايف ديبوزيت» حيث تم سرقة عشرات خزائن الأمانات من المجوهرات في لندن قبل أسبوع (إ. ب. أ) وفي الاطار بعض المجوهرات المعروضة في المتجر الذي تمت عملية السرقة فيها (إ. ب. أ)
متجر «باريس جيويلز آندهاتون سايف ديبوزيت» حيث تم سرقة عشرات خزائن الأمانات من المجوهرات في لندن قبل أسبوع (إ. ب. أ) وفي الاطار بعض المجوهرات المعروضة في المتجر الذي تمت عملية السرقة فيها (إ. ب. أ)

في فيلم «عمل بنكي»، من إخراج البريطاني روجر دونالدسون، تقوم مجموعة من المجرمين المتخصصين في سرقة البنوك في لندن بالسطو على أحد المصارف في وسط العاصمة، قريبا من بيكر ستريت. المجموعة تصدرها ممثل الإثارة جيسون ستاثان. ويقوم هؤلاء خلال عطلة نهاية الأسبوع بالسطو على البنك القريب مستخدمين أدوات حفر توصلهم بخزانة الأمانات في البنك. ما حصل قبل أيام وخلال عطلة عيد الفصح كان نسخة طبق الأصل عن هذا الفيلم، الذي أخرج عام 2006 لكنه يتناول فترة السبعينات من القرن الماضي، إذ أعلنت شرطة لندن يوم الأربعاء أن لصوصا استغلوا فرصة عطلة عيد الفصح ونفذوا عملية سرقة لعشرات من خزائن الأمانات في حي المجوهرات الشهير في لندن «هاتون غاردن». ولم يتم إبلاغ الشرطة على ما يبدو سوى يوم الثلاثاء، بعد مرور أربعة أيام على بداية عطلة الفصح يوم الجمعة.
وكما في الفيلم، استخدم اللصوص أدوات ثقيلة لاختراق سرداب الخزانات عبر المصعد، فيما تكهنت وسائل إعلام بريطانية بأن العملية يمكن أن تصبح واحدة من أكبر جرائم سرقة المجوهرات في العالم.
الأصوات التي انبعثت من أدوات الحفر المستعملة لا تختلف كثيرا عن الأدوات المستخدمة هذه الأيام في شق الطرق والحفر تحت مناطق كثيرة في لندن بسبب مشروع «كروس ريل»، وهو خط جديد للسكك الحديدية. المشروع سبب إغلاق الطرق والإزعاج للمارة بسبب أصوات الأدوات المستخدمة خلال السنوات الماضية.
اللصوص استخدموا هذه الأصوات المنبعثة من مشروع «كروس ريل»، التي أصبحت مقبولة في أماكن كثيرة من أجل تنفيذ خططهم، التي قد تثير الانتباه في ظروف مختلفة. وقال أحد التجار في المنطقة إن الأصوات المنبعثة من المكان لا تثير الانتباه بسبب مشروع «كروس ريل»، وما يقوم به العمال يوميا.
وقالت شركة كروس ريل إنها أرسلت رسائل تحذيرية حول خططها في العمل تحت الأرض في منطقة هاتون غاردن، التي تبعد بضع مئات الياردات عن محطة فارينغتون، التي يتم تجديدها ضمن المشروع المذكور.
وقالت شرطة العاصمة البريطانية لندن إن «فرق التحقيقات والبحث الجنائي تقوم حاليا برفع الأدلة الجنائية في مسرح الجريمة في مؤسسة ودائع الخزن (هاتون غاردن سيف ديبوزيت ليمتد)». وأضافت الشرطة أنه سوف تتم عملية طويلة ومضنية من البحث الجنائي وتصوير الموقع وغير ذلك من الأعمال التي تتطلب دقة شديدة من أجل حفظ الأدلة، مشيرة إلى أن فحص الخزائن سوف يستغرق يومين آخرين على الأرجح.
وأشارت الشرطة إلى أنها تعمل بالتعاون مع المؤسسة لتحديد هوية مالكي أكثر من 70 خزينة تمكن اللصوص من فتحها. وتقول مؤسسة «هاتون غاردن سيف ديبوزيت ليمتد»، التي أُنشئت عام 1954، إنها «واحدة من شركات حفظ الودائع الأكثر نجاحا وريادة في لندن».
وتكهن عدد من التقارير بأن القيمة الإجمالية للذهب والماس والأوراق النقدية والمجوهرات المسروقة يمكن أن تصل إلى 200 مليون جنيه إسترليني (300 مليون دولار). إلا أن جيمس رايلي أحد الأعضاء في الجمعية البريطانية للأحجار الكريمة قال لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن رقم 200 مليون جنيه «مبالغ فيه قليلا».
وقال رايلي إن «التأثير لن يكون كبيرا على هذه الصناعة»، مشيرا إلى أن التأثير من الممكن أن يكون شديدا بالنسبة للشركات الصغيرة أو الأفراد الذين تكبدوا خسائر جراء السرقة. وتزعم شركة «هاتون غاردن سيف ديبوزيت»، أنها «واحدة من الشركات الرائدة والآمنة في لندن لحفظ الممتلكات والمستندات وغير ذلك». ويعتقد أن معظم خزائن الشركة يستأجرها تجار الماس والذهب.
وقال مايكا ميلار، أحد تجار الماس في منطقة نايستسبريدج، إنه يشعر بالغثيان كلما فكر أنه سيخسر عشرات الآلاف من الدولارات جراء هذه السرقة. وقال إن شركة «سيف ديبوزيت ليمتد» تقول عن نفسها حسب موقعها على الإنترنت إنها الأفضل في العالم في الحفاظ على ممتلكات الزبائن، وقال ميلار: «من أجل الدخول إلى غرفة الأمانات عليك الدخول من عدة أبواب قبل الوصول إلى المكان». ويعتقد بعض التجار أن الماس الذي سُرق من المكان قد يكون تم قطعه، ولهذا فلن يمكن التعرف على قطعه ثانية.
وتقول بعض التقارير إن أحد أفراد العصابة قد اختبأ في البناية مع نهاية الدوام يوم الخميس الماضي ومكث هناك طيلة فترة عيد الفصح. ويقال أيضا إن اللصوص نزلوا إلى المكان عن طريق المصاعد الكهربائية، ووصول إلى غرفة الأمانات بهذه الطريقة، إلا أن مصادر الشركة نفت ذلك وقالت إن هناك جدارا إسمنتيا سميكا وضع هناك عام 2003 بعد محاولة مشابهة.
ويقال أيضا إن جرس الإنذار دق خلال عملية السرقة بسبب أدوات القطع المستعملة، إلا أن ذلك لم يُثِر حفيظة رجل الأمن الذي يعمل لدى الشركة، بعدما تأكد أن جميع البواب كانت موصدة. وهذا ما حصل فعلا خلال عملية السطو في فيلم «عمل بنكي»، عندما اعترض أحد أصحاب المحلات القريبة من المكان بسبب الأصوات المزعجة المنبثقة من المكان واتصل بالشرطة التي اعتبرت اللصوص عمالا يقومون بتجديدات في المكان، وطلبت منهم أن يتوقفوا قليلا عن الحفر إلى أن ينتهي صاحب المطعم من عمله في المساء ويغادر زبائنه المكان.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».