ليلة استثنائية لـ «أسير الشوق» اجتمع فيها نجوم الفن

أصالة عبّرت عن سعادتها وفخرها بالمشاركة في هذا المحفل (تصوير: بشير صالح)
أصالة عبّرت عن سعادتها وفخرها بالمشاركة في هذا المحفل (تصوير: بشير صالح)
TT

ليلة استثنائية لـ «أسير الشوق» اجتمع فيها نجوم الفن

أصالة عبّرت عن سعادتها وفخرها بالمشاركة في هذا المحفل (تصوير: بشير صالح)
أصالة عبّرت عن سعادتها وفخرها بالمشاركة في هذا المحفل (تصوير: بشير صالح)

أمسية استثنائية، تخطت كل مراحل الحسن وزادت من جمال المكان والزمان، ففيها حفل لتكريم شاعر استثنائي، زاد القلوب حباً على مدار سنين شعره، وما زال ما كتب خالداً حتى اليوم لم يذبل، هو الأمير نواف بن فيصل أو كما يعرف بين محبيه بـ«أسير الشوق» كان نجم الليلة، وخلفه أبرز من تغنى بقصائده، محمد عبده، راشد الماجد، عبادي الجوهر، أصالة نصري، وعبد المجيد عبد الله.
وكرمت هيئة الترفيه الأمير الشاعر نواف بن فيصل، الذي ترك بصمات في الفن الخليجي عبر قصائده الفريدة التي استقرت في مسامع كل متذوق للفن مما جعله أحد أبرز الشعراء في عصرنا الحالي، والذي ساهم في صناعة بعض النجوم في الساحة اليوم.
وأمام أكثر من 20 ألف متفرج، على خشبة مسرح (محمد عبده) في بوليفارد الرياض بدأت هذه الأمسية الاستثنائية، بظهور للفنانة أصالة نصري التي بدأت بالتعبير عن سعادتها وفخرها بالمشاركة في هذا المحفل، وباركت للأسير على تكريمه المستحق، ثم بدأت تغرد وتشدو بصوتها الرقيق أجمل ما كتب لها أسير الشوق، وانطلقت بأغنية «مستريح البال» فكان وقعها على قلوب محبيها لطيفا، فاستمرت وغنت «تعبت أراضيك» لتعاتب المحبوب برقة، وختمت بأغنيتها المشهورة «لولاك غالي» فكانت ختاما من مسك، بتفاعل الجمهور الذي ملأ صوته أرجاء المسرح.
ليلة ساحرة مثل هذه، لا يكتمل سحرها بلا «أخطبوط العود» عبادي الجوهر، كان هو ثاني المؤدين في الأمسية، فبدا بتحفته الفنية «حبك مسافة» فتخطت المسافات والأسوار لتلامس الأرواح، فهذا طبع قصائد الأسير، لا تستقر كلماتها إلا بالقلوب العاشقة، ثم تبعها الجوهر بـ«احترقت الشوق» نقل بها رسالة شاعر عظيم زاد من جمال العتاب والحب.
وفي لحظة وفاء وإخلاص، لرفيق دربه الراحل «طلال مداح» أبى الجوهر ألا تمر الليلة دون ذكر أحد أهم من تعاون مع الأسير عبر أغنية «عضة الإبهام» التي كتبها أسير الشوق لصوت الأرض، ولحنها عبادي لتعيد للجمهور ذكريات «زرياب» وليؤكد أنه موجود في القلوب وإن رحل جسداً.
وعبر الهواء، شارك الفنان عبد المجيد عبد الله الذي أصر على المشاركة في تكريم شاعر كان له بصمة كبرى بمسيرته الفنية، ورغم ظروفه التي منعته من الوجود على المسرح مع محبيه، فإنه تسلطن وتفنن بصوته الهادئ، فغنى «منت رايق» و«خير إن شاء الله» فكان موجودا بأحاسيسه رغم بعده.
راشد الماجد كان هو التالي، بدأ مباشرة بغناء «ولا تزعل»، وهي من أبرز ما كتبه أسير الشوق له، وهي الأغنية الي لحنها بنفسه، ومنذ صدورها قبل 23 عاما، ما زالت تردد في الأرجاء، بعذوبة راشد وألحانه الرقيقة وصوته الباهر، ثم بدأ يستعد لـ«تفنن» أغنيته المشهورة الي شاركه الجمهور بغنائها ليخلقوا جوا من التناغم فاضت به المشاعر، ليختم بـ«أغلى حبيبة» في لحظات شاعرية كونت موجة من الحب التي خطفت الأسماع من كل الأرجاء.
محمد عبده كان ختام الليلة، وعلى خشبة المسرح المسمى باسمه بدأت موجة تصفيق لـ«فنان العرب» استمرت لدقائق طويلة، ليبدأ بعدها بـ«اختلفنا» أيقونة الحب في زمننا الحالي، فكلماتها كانت موجهة للعشاق، وهي أيقونة فنان العرب المثالية، والتي كانت وما زالت إحدى أشهر الأغاني العربية، ليكمل بعدها يتغنى بكلمات «أسير الشوق» التي صنعت أفضل أغانيه.
وبعدها انطلق صوته الشجي، ليغني «غافل الهم قلبي» و يبهر الجمهور بصوته الذي لا يذبل، كما غنى «مهما يقولون» والتي تعد أيقونة لفنان العرب، والتي أبدع فيها كعادته وأطرب جمهوره بها، ليتخطى صوتهم الذي ردد معه كلماتها أسوار المسرح.
ولم يكتف محمد عبده فأكمل بـ«اسمحيلي يا الغرام» فسابقت دموعه صوته الذي يدخل القلب قبل المسامع، فكان أداؤه استثنائياً باهراً، عكسته كلماته التي طارت بمحبيه ومشاعرهم التي جيشها عراب الطرب، ليعيدهم إلى الماضي بالأغنية التي لا تموت وما تزال تبهر كل من يسمعها في كل مرة.
ثم شاركت أصالة نصري معه في «على البال» فشكلا ثنائياً بهر الجمهور وطغت مشاعر الأغنية على أجواء المكان ليتحول المسرح إلى جنة للعشاق بكل التفاصيل وأحلى المواويل، بالحل والترحال والنار والهيل، فشكلوا مقطوعات من الطرب ليختموا ليلة الشاعر الاستثنائي بأصواتهم المثالية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».