«كارونا»... ما أضيق العيش لولا القرية اللبنانية

يتناول الفيلم تغييرات اجتماعية فرضتها الجائحة

بدأت عروض فيلم "كارونا" في صالات السينما اللبنانية مؤخرا
بدأت عروض فيلم "كارونا" في صالات السينما اللبنانية مؤخرا
TT

«كارونا»... ما أضيق العيش لولا القرية اللبنانية

بدأت عروض فيلم "كارونا" في صالات السينما اللبنانية مؤخرا
بدأت عروض فيلم "كارونا" في صالات السينما اللبنانية مؤخرا

يأتي فيلم «كارونا» للمخرج شادي حنا، باكورة الأعمال السينمائية اللبنانية منذ انطلاق ثورة 17 أكتوبر (تشرين الأول)، وانتشار الجائحة. وهو يتناول بأسلوب كوميدي التغييرات التي فرضها فيروس «كورونا» على المجتمع اللبناني. الفيلم من بطولة ندى بو فرحات وعبودي ملاح الذي أنتج العمل وشارك في كتابته إلى جانب حنا. ومع جوي حلاق ودانييل أبو شقرا، أبناء الثنائي إلياس وجان (ملاح وبو فرحات)، وفرنسوا نعوم في شخصية خليل ابن الضيعة، نمضي نحو 90 دقيقة بأجواء كوميدية خفيفة. تسهم المشاهد الطريفة في رسم الابتسامة على الوجه وتزودك بفترة استرخاء. أما اسم «كارونا» فهو للدلالة على اللهجة القروية المعروفة في الضيع اللبنانية في لفظ الكلمات الأجنبية. وقد انطلقت عروض الفيلم في صالات السينما اللبنانية مؤخراً.
يبدأ الفيلم بعبارة «هيك خبرونا» التي يحكي فيها الكاتبان عن كيفية اجتياح «كورونا» العالم من منشئه في الصين. ونكمل أحداث الفيلم مع نموذج عن العائلة اللبنانية، التي عادة ما يُسجل فيها غياب كبير للأب. كما نطل على انشغال الزوجة في التوفيق بين عملها في الخارج وواجباتها المنزلية. وتأتي «كورونا» لتقلب حياة هذه العائلة رأساً على عقب، إذ اضطر أفرادها كغيرهم من الناس أن يعيشوا تبعات التباعد الاجتماعي. وبالتالي أصبح الأولاد محرماً عليهم الخروج والقيام بطلبات «الديلفري». ونلحظ مشهدية العائلة المجتمعة رغماً عنها، والهاتف الجوال وجهتها المفضلة. التواصل شبه المقطوع بين أفراد هذه العائلة يتضاعف في أوقات الجائحة. وعندما صار «كوفيد - 19» على مرمى حجر منها، قررت أن تهرب إلى القرية وتلوذ بالطبيعة كي لا تصاب بالعدوى. وهناك نبدأ مشواراً جديداً، حيث تستقر في المنزل العائلي للأب. وبسبب انقطاع التيار الكهربائي مرة والإنترنت مرات، يضطر الجميع إلى التواصل مع بعضهم البعض. تبرز هنا إحدى النواحي الإيجابية للجائحة، وتصبح استعادة ذكريات الطفولة والشباب عند الأب خير وسيلة لتسلية أولاده.
يقف المخرج شادي حنا في وسط الطريق بين القرية والمدينة، فيمزج بين الحداثة والعراقة. من خلال هذا الفيلم أراد تذكير الناس بلبنان الجميل، بعيداً عن التشوهات التي تستهدفه وتصيبه من هنا وهناك. ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نسي الناس جذورهم وبساطة العيش والعلاقات الاجتماعية السليمة؛ فالجميع يلهث وراء مصالحه. هذا الشريط يظهر أن هناك أشياء كثيرة في الحياة باستطاعتنا الاستفادة منها. ويجب أن نلحق بها ونغب من عناصرها بدل نسيانها».
أجواء القرية اللبنانية الأصيلة التي اختار المخرج بلدته الأم عازور ومنزل جدته مسرحاً لها، تطغي على القسم الثاني من هذا الشريط السينمائي. نتجول في طبيعة منطقة الجنوب، نقف على أسلوب حياة صحي في المأكل والتعاطي مع الآخر. كما نسترجع ذكريات شرائط الكاسيت وجهاز التلفزيون البدائي وموسيقى الـ«أولديز» وغيرها من عناصر حقبة الثمانينيات. وضمن مواقف ساخرة وأخرى كوميدية نستمتع في مقاربة الحياة القروية. وبأسلوب السهل الممتنع المعروف به مخرج العمل تولد بين المشاهد والضيعة علاقة وطيدة. فقد عرف كيف يستعرض العناصر الأساسية لهذه الإقامة الجبرية، معرجاً على أطباق قروية (الكشك والبيض المقلي والمناقيش بالزعتر)، وكذلك ترك لكاميرته مهمة تعريفنا على طبيعة الناس في القرى، والسلام الذي يتمتعون به.
شارك الفيلم في مهرجان الأفلام اللبنانية في كندا، ومن المنتظر أن يشارك في مهرجانات أخرى. كما سيبدأ عرضه قريباً في الخليج العربي وفي عدة دول عربية وأجنبية. ويعلق حنا في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «تعاطف اللبنانيون المغتربون الموجودون في كندا بشكل كبير مع الفيلم. استعادوا معه نوستالجيا لأيام يحنون إليها وتذكرهم بلبنان الذين يحبونه. جاء الفيلم كي يروي عطشهم للبنان الذي يمثل لهم الطفولة والشباب. استوعبوا تفاصيله الصغيرة ورسائل اجتماعية مرت خلاله».
وعن ثنائيته مع المنتج وبطل الفيلم عبودي ملاح يقول: «إننا متفاهمان بشكل جيد جداً، وهو الذي أعطاني فكرة الفيلم إثر انتشار الجائحة، بعد ملاحظته الوحدة والعزلة اللتين يعيش معهما اللبناني في فترة الحجر المنزلي. إنّنا نتبادل الأفكار ونحمل الهواجس نفسها وطالما هناك فرص للتعاون مع بعضنا فإننا لن نفوتها». وكان شادي حنا وعبودي ملاح قد سبق وتشاركا في إنتاج وكتابة أعمال سينمائية، وبينها «خبصة».
العودة إلى حياة القرية، ونفحة السلام التي تزودنا بها في كل مرة نلامس أرضها وأهلها وطبيعتها، يضعها شادي حنا تحت المجهر ليذكرنا بأنّ لبنان لا يزال بخير، وعلينا أن نكتشف إيجابياته بدل الانغماس في سلبياته فقط.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.