أوروبا في مواجهة مع الموجة الجديدة من جائحة «كوفيد ـ 19»

خيار إلزامية التلقيح مطروح... رغم مخاطر اضطرابات الشارع

أوروبا في مواجهة مع الموجة الجديدة من جائحة «كوفيد ـ 19»
TT

أوروبا في مواجهة مع الموجة الجديدة من جائحة «كوفيد ـ 19»

أوروبا في مواجهة مع الموجة الجديدة من جائحة «كوفيد ـ 19»

«في نهاية فصل الشتاء، سيكون معظم الألمان قد تلقوا اللقاح أو تعافوا أو توفوا». كان هذا تحذير وزير الصحة الألماني يانس شبان قبل أيام، الذي قد يكون أثار الكثير من الاستغراب لصراحته الفاضحة، إلا أنه نجح في لفت الأنظار لمدى خطورة عودة تفشي جائحة «كوفيد - 19» في أوروبا. إذ إن «القارة العجوز» تجد نفسها الآن مرة جديدة «بؤرة» لتفشي فيروس الجائحة، مع أنها كانت الأولى على صعيد بدء حملات التلقيح قبل سنة تقريباً. ومع هذا، فإن نسبة عدد الملقّحين من سكانها لا تتجاوز الـ65 في المائة، وهي نسبة غير كافية بحسب الخبراء الصحيين لتحقيق مناعة جماعية.
وهكذا، عادت الدول الأوروبية لتجد نفسها أمام شبح الإغلاق من جديد، بعدما كان معظمها قد وصف القيود تلك بأنها أصبحت من الماضي. بل، حتى منظمة الصحة العالمية حذرت أخيراً من أن أوروبا قد تشهد وفاة قرابة 700 ألف شخص إضافي بالفيروس بحلول مارس (آذار) المقبل، لتضاف إلى المليون ونصف المليون وفاة سجلتها القارة حتى الآن.
في حين اختارت دول أوروبية فرض الإغلاق الكامل مثل النمسا، أو الجزئي مثل هولندا؛ بهدف السيطرة على الموجة الرابعة من جائحة «كوفيد - 19»، حاولت دول أخرى، مثل ألمانيا، عزل غير الملحقين في محاولة للضغط عليهم لأخذ اللقاح.
كذلك، عاد الجدل حول إلزامية فرض اللقاح على السكان بعدما قرّرت النمسا العمل بذلك ابتداءً من فبراير (شباط) المقبل ومعاقبة كل مَن لم يرفض أخذ اللقاح بغرامات مالية تصل إلى 3 آلاف يورو وإبقائهم في العزل الدائم. بل إن في ألمانيا، حيث كان مجرّد الكلام على «إلزامية اللقاح» يُعدّ من المُحرَّمات، بات الموضوع يناقش بشكل شبه يومي على أنه الحل وحيد لتفادي موجة خامسة من الفيروس.
فهل تتجه أوروبا إلى فرض إلزامية التلقيح للتخلصّ للمرة الأخيرة من جائحة «كوفيد - 19»... أم أنها ستبقى تواجه الإغلاقات والإجراءات التقييدية ريثما يختفي الفيروس من تلقاء نفسه؟
العاصمة السويدية استوكهولم، لا تبدو حالياً على الأقل، في «حالة طوارئ» صحية.
هنا ارتداء الكمامات ليس إجبارياً الآن، ولم يكن كذلك يوماً منذ بداية تفشي فيروس جائحة «كوفيد - 19». ثم إن السويد لم تشهد الإغلاقات التي شهدتها الدول الأوروبية الأخرى حتى في عز موجات التفشي السابقة. وحتى الآن لا تبدو استوكهولم وكأنها مقتنعة بأن «الموجة الرابعة» التي أعادت الفوضى من جديد إلى عدد كبير من الدول الأوروبية، قد وصلتها بعد أو هي على أبوابها الآن.
مع ذلك، فإن الطرقات والأسواق هنا لا تبدو شديدة الازدحام.
- «مهندس» اللا إغلاق .. مصرّ على موقفه
قد يكون للبرد القارس والظلام، الذي يحل مبكراً في دول أقصى الشمال الأوروبي، دور في ذلك. ولكن السويديين اعتادوا منذ بداية محنة «كوفيد - 19» على الخطوات الفردية للحد من تحركاتهم عوضاً عن الاعتماد على القوانين المقيدة للحركة التي تجنبت الحكومة فرضها حتى الآن. فالتوجيهات الحكومية كانت كافية في الماضي لنهي عدد كبير منهم عن الخروج في تجمّعات كبيرة وتحويلهم إلى العمل من المنزل.
غير أن القيود التي رفضت السلطات السويدية فرضها جعلت من نسبة الوفيات بالفيروس في البلاد مرتفعة مقارنة بعدد سكانها. وكانت السويد قد فتحت أخيراً تحقيقاً من أجل تحديد ما إذا كانت السلطات الحكومية قد أخطأت في سياستها الصحية، وأعلنت نتيجته قبل أيام. وعلى الرغم أن من التحقيق توصل إلى استنتاج بأن الحكومة السويدية «تركت الفيروس ينتشر بصورة أسرع من الدول الشمالية الأخرى»، لم يُعط هذا التحقيق الحكم حيال صوابية أو خطأ قرار تفادي الإغلاق.
في هذا السياق، يصرّ أنديرس تيغنل، طبيب الأمراض الوبائية السويدي الذي يُعد «مهندس سياسة» رفض الإغلاق، على أن هذه السياسة لم تكن خاطئة. إذ قال تيغنل في مقابلة مع صحيفة «الفاينانشال تايمز» قبل أيام، إن السويد «بعد سنتين من جائحة (كوفيد – 19) لم تبرز من بين الدول الأخرى، فنحن لسنا الأفضل لكننا لسنا الأسوأ أيضاً. لذا؛ أسمع الآن السؤال حول ما الذي فعلته الإجراءات الصارمة التي اتخذت؟».
هذا السؤال هو بالفعل الذي يؤرق السياسيين في أوروبا اليوم. فالنقاش المحتدم حول جدوى الإغلاقات والإجراءات الصارمة في وقف تفشي الجائحة لا يتوقف.
- النمسا لها ريادة التلقيح الإلزامي
كثيرون توصلوا إلى استنتاج بأن اللقاحات وحدها هي التي ستوقف التفشي؛ وهو ما دفع بالنمسا لكي تصبح أول دولة أوروبية تعتمد إلزامية التلقيح «لأننا لا نريد موجة خامسة» كما جاء على لسان المستشار المساوي ألكسندر شلينغر. ولقد برّر المستشار هذه الخطوة بالقول أيضاً، إنه كان يعتقد أن عدداً أكبر من السكان سيتلقى اللقاح طوعاً، غير أن انخفاض نسبة الملقحين دفع بحكومته إلى اتخاذ قرار بجعل إلزامياً ابتداءً من فبراير المقبل.
لم يتردد شلينغر في إلقاء اللوم في ذلك، ليس فقط على مروّجي «نظريات المؤامرة»، بل أيضاً على حزب الحرية اليميني المتطرف الذي يرفض اللقاحات وإجراءات الوقاية، وهو موقف شبيه بمواقف معظم الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا.
والجدير بالذكر، أن الحكومة النمساوية تواجه الآن انتقادات شديدة... سياسياً من حزب الحرية اليميني المتطرف، وشعبياً من جماعات الرافضين للتلقيح الإلزامي. وقد شهدت العاصمة فيينا، بالفعل، غداة إعلان العودة إلى الإغلاق وفرض اللقاحات مظاهرة ضخمة شارك فيها ما يقارب الـ40 ألف شخص، حمل بعضهم لافتات تصف المستشار النمساوي بالديكتاتور.
للعلم، تسجّل النمسا، إلى جانب الدول الجرمانية بشكل عام، أدنى مستويات التلقيح ضد «كوفيد - 19» في الدول الغربية؛ إذ إن نسبة الملقحين فيها ما زالت دون 66 في المائة من السكان. كذلك، لا تزيد نسبة الذين تلقّوا اللقاح في سويسرا على نحو 66 في المائة من السكان. أما في ألمانيا فالوضع أفضل قليلاً؛ إذ ترتفع النسبة أكثر بقليل لتصل إلى قرابة 68 في المائة. وهكذا، تحولت هذه الدول الثلاث إلى أكبر بؤر للموجة الرابعة من الفيروس التي تضرب أوروبا حالياً. ويظهر الفارق جلياً لدى مقارنة أرقامها مع أرقام دول أخرى، ترتفع فيها نسبة التلقيح مثل البرتغال، حيث تلقى قرابة الـ87 في المائة من السكان اللقاح، وبالفعل ما زالت أعداد الإصابات فيها منخفضة.
على صعيد متصل، مع أن بعض مستشفيات ألمانيا في الولايات الأكثر تأثراً بدأت بنقل مرضاها إلى ولايات ألمانية أخرى وحتى إلى دول أخرى مثل إيطاليا، فإن ألمانيا تستقبل بنفسها مرضى «كوفيد - 19» من هولندا... التي دخلت موجة رابعة قاسية قبل أسابيع وفرضت إغلاقاً جزئياً تسبب في مظاهرات، تحولت إلى ليال من العنف في بعض المدن مثل روتردام.
لقد نقلت هولندا في الأيام الماضية 19 مريضاً إلى مستشفيات ألمانيا. ويشغل نصف أسرّة العناية المركزة في هولندا والبالغ عددها 1050 سريراً، مرضى يعانون من «كوفيد - 19».
بل لقد تحولت مستشفيات هولندا إلى العمل بـ«حالة الطوارئ»، وهي تلغي منذ أسابيع علاجات مرضى السرطان وعمليات القلب الجراحية لنقص أسرّة عناية مركزة قد يحتاجون إلى نقلهم إليها.
- الموجة الجديدة تدعم طرح إلزامية التلقيح
ولكن حتى في البرتغال، التي ترتفع فيه نسبة الملقحين عادت أعداد الإصابات لترتفع خلال الأيام الماضية؛ ما دفع برئيس الحكومة هناك إلى التحذير من إمكانية إعادة فرض بعض الإجراءات الوقائية الضرورية لاحتواء التفشي. وبطبيعة الحال، دفع هذا الواقع كثيرين إلى التساؤل عن جدوى تلقي اللقاحات التي لا تقي بنفسها من العدوى.
غير أن خبراء الصحة العامة، كانوا قد قالوا، وذكّروا مراراً خلال الأشهر الأخير بأن انخفاض نسبة الاجسام المضادة للفيروس بعد 6 أشهر من تلقي اللقاح يعني أن ثمة حاجة ماسّة إلى جرعات معزّزة ثالثة بعد تلك الفترة للحفاظ على أعداد الإصابات الخطرة منخفضاً.
وواقع أن اللقاحات الحالية لا تمنع العدوى، بل تؤمّن حماية ضد المرض الشديد، فتح نقاشاً حول ضرورة تطوير لقاحات تقي من انتقال الأوبئة في المستقبل. وقد دعا الملياردير الأميركي بيل غيتس، الذي يستثمر مبالغ طائلة في الأبحاث العلمية ودراسات تطوير اللقاحات، إلى زيادة الاستثمارات في هذا المجال والتفكير «بأسلوب جديد لتطوير اللقاحات». وقال غيتس في مقابلة مع منظمة «بوليسي إكستشاينج»، إنه من الضروري أن «تركز ميزانيات البحث والتطوير في المستقبل على نقاط الضعف التي كشفها فيروس (كوفيد – 19) في العالم». وأردف «إننا لم نتمكن من تطوير لقاحات تمنع العدوى، بل نجحنا فقط بتطوير لقاحات تساعد صحياً وتساعد بشكل طفيف في منع العدوى».
- ألمانيا على خطى النمسا
وتحاول الدول الأوروبية التسريع ببرامج إعطاء الجرعات المعززة من جهة، والبدء بتلقيح الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين الـ5 سنوات والـ12 سنة؛ بهدف توسيع دائرة الملقحين ورفع نسبة السكان المحصين بأجسام مضادة. ولكن على الرغم من ذلك، فإن المخاوف من تواضع نسب الإقبال على تلقي اللقاحات تحوّلت إلى كابوس يؤرق أوروبا.
وبعدما اتخذت النمسا القرار الأول بجعل التلقيح إلزامياً، بدأت ألمانيا تناقش الموضوع جدياً وبشكل يومي. وبعدما كانت المستشارة أنجيلا ميركل – وهي ذات خلفية تخصصية علمية معروفة – والوزراء والمسؤولون الصحيون في معهد روبرت كوخ للأمراض الوبائية، قد أكدوا مراراً بأن اللقاحات لن تصبح أبداً إلزامية في ألمانيا، بدأت النبرة تتغير في الأيام الماضية، وتوسّعت دائرة السياسيين والمسؤولين الصحيين المؤيدين لإلزامية التلقيح.
هذا، وصدرت دعوات تدعو إلى التمثل بالنمسا من رئيس حكومة ولاية بافاريا وزعيم حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي (الحزب الشقيق لحزب ميركل) ومن فريدريش ميرز المرشح لزعامة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الحاكم الذي يتخبّط لإيجاد خليفة له بعد ميركل. أيضاً، صدرت دعوات مؤيدة لإلزامية اللقاح من السياسي البرليني الاشتراكي البارز مايكل مولر ومن النائب كارل لوترباخ المتحدث الصحي باسم الحزب الديمقراطي الاجتماعي (الاشتراكي) الذي سيشكّل الحكومة الألمانية المقبلة برئاسة أولاف شولتز.
ويبدو أن ألمانيا بدأت تفكر جدياً بفرض إلزامية اللقاح على جميع السكان؛ فهي بدأت بفرضه على بعض الفئات كما فعلت فرنسا وإيطاليا في السابق. وأعلن الجيش الألماني أن الجنود الألماني سيكون عليهم أخذ اللقاح إلزامياً أو يواجه الرافضون منهم التأديب. وحتى الآن، قبِل 80 في المائة من الجنود الألمان بتلقي اللقاح.
كذلك، يبدو أيضاً أن ألمانيا تتجه إلى جعل التلقيح إلزامياً للعاملين داخل دور المسنين الذين ينقلون العدوى إلى المسنّين... الذين غالباً ما تكون إصابتهم خطرة وفتاكة. وخلال الأسابيع الماضية لوحظت عودة الإصابات والوفيات إلى الارتفاع داخل دور المسنّين بسبب بطء عملية إعطائهم الجرعات المعزّزة، وانخفاض المضادات الحيوية لديهم لأن معظمهم تلقوا الجرعتين الأولى والثانية مطلع العام.
من ناحية أخرى، في ألمانيا مثل النمسا، يرفض حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف الإجراءات الوقائية المتخذة والمخطط لها ضد «كوفيد - 19»، ويعارض نوابه التلقيح وهم أنفسهم لم يتلقوه. وهؤلاء باتوا حتى يرفضون إجراء الفحوص الدورية التي تكشف عن الفيروس قبل دخول مبنى مجلس النواب (البوندستاغ) أو حتى وضع الكمامات داخل المبنى؛ ما دفع إلى عزلهم إلى شرفة البرلمان، ومن ثم منع نواب هذه الكتلة المتطرفة بالجلوس في القاعة الرئيسة.
- ما هي توجّهات حكومة شولتز المقبلة؟
> حتى الآن، تبدو مواجهة تفشي الجائحة من أولويات الحكومة الألمانية المقبلة التي قد تتسلم مهامها خلال أسبوعين بعدما أعلنت الأحزاب الثلاث (الحزب الديمقراطي الاجتماعي «الاشتراكي» وحزب «الخضر» والحزب الديمقراطي الحر) عن التوصل إلى اتفاق بعد قرابة شهرين من المفاوضات. ولقد كشف الزعيم الاشتراكي أولاف شولتز – الذي هو حالياً نائب المستشارة ميركل - أثناء إعلانه عن الاتفاق على تشكيل الحكومة، عن تخصيص غرفة عمليات دائمة متخصصة لمواجهة «كوفيد - 19» مقرها مبنى المستشارية. ولكن، ثمة من يقول، إنه على الرغم من أن ميركل حاولت تدفع البلاد نحو إغلاق جديد بهدف السيطرة على تفشي الجائحة، فإن الحكومة الجديدة تبدو رافضة للفكرة... وإن كانت قد أعلنت عن اتخاذ خطوات إضافية لمحاولة احتواء الموجة الرابعة.
ووسط كل هذا الجدل، عادت المستشفيات في دول كثيرة إلى العمل بنظام الطوارئ، أي إلغاء العمليات غير الضرورية وتأجيل استقبال المرضى ذوي الحالات غير الطارئة.
- الحالة الهولندية... قد تكون مقدمة!
> مع عودة إجراءات الإغلاق، عادت معها أعمال الشغب المصاحبة لها. ففي هولندا والنمسا وبلجيكا وغيرها، خرجت مظاهرات غاضبة لآلاف المعارضين للقيود الجديدة. وفي مدينة دوتردام، مثلاً، بقيت أعمال الشغب تندلع لثلاثة أيام متتالية. وراح الشبان المشاركون في المظاهرات يشعلون المفرقعات والألعاب النارية ويرمون رجال الشرطة بها. وجاء هذا رداً على قرار الحكومة إلغاء السماح بإشعال الألعاب النارية ليلة رأس السنة لتفادي إصابات تستدعي دخول الطوارئ التي تفوق طاقتها الاستيعابية بسبب مرضى الجائحة. ووصف رئيس الحكومة الهولندية مارك روته مثيري أحداث الشغب بأنهم «أغبياء»، وأضاف أنه «لن يسمح أبداً بأن يستخدم أغبياء العنف فقط لأنهم ليسوا سعداء» بالإجراءات.
غير أن مراقبين يحذرون من أن أعمال الشغب هذه قد تتفاقم في حال توسع النقاش أكثر حول إلزامية اللقاح وارتفع عدد الدول التي تعتمده. وقال رئيس المركز الأوروبي لتفادي الأمراض المعدية أندريا أمون «إن إلزامية التلقيح قد تثير المزيد من المقاومة من معارضي التلقيح». وبالفعل، في مدن مثل برلين، التي تشهد أصلاً مظاهرات شبه أسبوعية معترضة على وضع الكمامات والقيود المتبقية، فإن «سيناريو» من هذا النوع محتمل جداً، خاصة بعد تطمينات السياسيين لأشهر بأن التلقيح لن يفرض فرضاً ولن يكون إلزامياً.
وفي المقابل، بينما تواصل أعداد الإصابات والوفيات ارتفاعها، بدأت دول أوروبية تحذر من موجة خامسة... قبل أن تنتهي بعد من الموجة الرابعة. وجاءت تصريحات مسؤولة في منظمة الصحة العالمية حول ضرورة مناقشة إلزامية اللقاح في أوروبا بشكل جدي، لتزيد من الضغوط على الدول الأوروبية للتحرك في هذا الاتجاه. ونقلت قناة «سكاي نيوز» عن روب باتلر، مسؤول المكتب الإقليمي في أوروبا في منظمة الصحة العالمية، إنه من المفيد أن مناقشة إلزامية اللقاح على ضوء تزايد الحالات. إلا أنه أضاف بأن جعله إلزامياً «يمكن ولكن ليس دائماً، أن يزيد عدد الملقحين». وبعكس موقفه، حذر أنطوني كاستيلو، وهو مدير سابق في منظمة الصحة العالمية، من اعتماد إلزامية اللقاح بحجة أن قرارا كهذا «من شأنه أن يصدم الكثير من الناس الذين لا يثقون بالحكومات ولا باللقاحات، وقد يؤدي إلى أعمال شغب أكبر» من التي حصلت حتى الآن.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

موزمبيق و«فريليمو»... لمحة تاريخية وجيو ـــ سياسية

لقطة للعاصمة الموزمبيقية مابوتو (رويترز)
لقطة للعاصمة الموزمبيقية مابوتو (رويترز)
TT

موزمبيق و«فريليمو»... لمحة تاريخية وجيو ـــ سياسية

لقطة للعاصمة الموزمبيقية مابوتو (رويترز)
لقطة للعاصمة الموزمبيقية مابوتو (رويترز)

منذ ما يقرب من خمسين سنة يتربع حزب «فريليمو»، أو «جبهة تحرير موزمبيق»، على سدة الحكم في موزمبيق، مرسّخاً نظام الحزب الواحد، مع أن دستور البلاد المعدل عام 1992 ينص على تعددية حزبية.

تقع جمهورية موزمبيق المطلّة على المحيط الهندي في جنوب شرقي أفريقيا. وكان قد وصل إليها المستكشف البرتغالي فاسكو دا غاما عام 1497، وفي عام 1507 أرسلت البرتغال حملة احتلت بموجبها موزمبيق، واستقرت فيها واستغلت ثرواتها. أصبحت موزمبيق ولاية تابعة للبرتغال عام 1951. غير أن الاستعمار البرتغالي جُوبه بمعارضة تحركات وطنية، وتشكلت ثلاثة أحزاب خارج البلاد، هي «حزب الاتحاد الوطني لموزمبيق»، و«حزب اتحاد موزمبيق الوطني الأفريقي»، و«حزب الاتحاد الأفريقي لموزمبيق المستقلة». ومن ثم، تجمعت الأحزاب الثلاثة مشكّلة جبهة تحرير موزمبيق «فريليمو» اليسارية عام 1962 في دار السلام العاصمة السابقة لتنزانيا.

قادت «جبهة تحرير موزمبيق» حرب الاستقلال في الفترة بين 1964 و1974، وانتصرت فيها، وتسلمت السلطة عام 1975 مع إعلان الاستقلال. إلا أن الجمهورية الوليدة تحت قيادتها اليسارية أثارت قلق النظامين العنصريين في «جارتيها» روديسيا الجنوبية (زيمبابوي اليوم) وجنوب أفريقيا السابقة إبان نظام «الأبارتيد». وبالفعل، رعى النظامان العنصريان تأسيس حركة يمينية مناهضة لـ«فريليمو» هي «رينامو» – أو «المقاومة الوطنية في موزمبيق» – التي زجت البلاد في حرب أهلية طوال الفترة من 1977 وحتى 1992. وبينما دعم الاتحاد السوفياتي السابق وكوبا حكومة «فريليمو» رعت القوى الغربية، وبالطبع جنوب افريقيا وروديسيا الجنوبية «رينامو» بحجة مقاومة الشيوعية، وراح ضحية تلك الحرب وما تبعها من مجاعات أكثر من مليون شخص.

عام 1990 جرى تعديل الدستور للسماح بنظام التعددية الحزبية، وعٌقد اتفاق سلام بواسطة الأمم المتحدة أنهى القتال بين «فريليمو» و«رينامو»، وأُجريت أول انتخابات تعددية في 1994، بعد كابوس طال 30 سنة... من حرب الاستقلال ضد الاستعمار البرتغالي إلى الحرب الأهلية؛ ما زاد من معاناة البلاد اقتصادياً وتأثر سكانها لعقود طويلة بذكريات من العنف والدماء.

وعلى أمل المصالحة، جرى التوقيع على اتفاقيات سلام وقوانين عفو متتالية بموافقة «فريليمو» و«رينامو»، في الأعوام 1992 و2014 و2019. لكن حزب «فريليمو» حافظ على سيطرته عبر الانتخابات المتعاقبة، ضامناً قبضته على السلطة.

اليوم، وسط الصراع السياسي، تواجه موزمبيق خطراً داخلياً جديداً، ظهر في 5 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2017، باحتلال مجموعة من المتمردين بلدة وميناء موسيمبوا دا برايا بشمال البلاد، التي تقع على بعد 60 كيلومتراً جنوب قاعدة تطوير الغاز الرئيسة في بالما. وهكذا اندلع القتال في المنطقة وفقدت الحكومة المركزية السيطرة على 3 مناطق مدار عقود مضت. ومع أن الأوضاع الأمنية تحسنت نسبياً في المناطق الشمالية، لا تزال الجماعات «الإرهابية» نشطة هناك. كذلك، على الرغم من أن موزمبيق دولة غنية بالغاز الطبيعي فإنها تعد ثامن أفقر دولة في العالم بعدما عطل الإرهاب معدلات النمو، إضافة إلى مشاكل البطالة، خصوصاً بين الشباب، وفق تقرير نشره مركز الإمارات للسياسات في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.