«الملكي للفنون التقليدية»... عهد جديد للفن السعودي

محمد بن سلمان يوافق على الرئاسة الفخرية لمجلس أمناء المعهد

الأمير محمد بن سلمان  ولي العهد السعودي  و الأمير بدر بن عبد الله بن محمد بن فرحان وزير الثقافة السعودي (الشرق الأوسط)
الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي و الأمير بدر بن عبد الله بن محمد بن فرحان وزير الثقافة السعودي (الشرق الأوسط)
TT

«الملكي للفنون التقليدية»... عهد جديد للفن السعودي

الأمير محمد بن سلمان  ولي العهد السعودي  و الأمير بدر بن عبد الله بن محمد بن فرحان وزير الثقافة السعودي (الشرق الأوسط)
الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي و الأمير بدر بن عبد الله بن محمد بن فرحان وزير الثقافة السعودي (الشرق الأوسط)

«بيئة إبداعية لتطوير القدرات الوطنية في مجال الفنون التقليدية السعودية»... بهذه الكلمات وصف الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة رئيس مجلس أمناء المعهد الملكي للفنون التقليدية، المعهد الذي حظي أمس بموافقة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، على الرئاسة الفخرية لمجلس أمنائه.
وأكد وزير الثقافة أنّ هذه الموافقة لها بالغ الأثر في رعاية مسيرة هذا الكيان الثقافي الهام، ومصدر إلهام لمنسوبيه، ودعماً لتحقيق أهداف المعهد ورؤيته في تعزيز الهوية الوطنية وإثراء وريادة الفنون التقليدية السعودية محلياً وعالمياً. وأضاف: «تمثل موافقة ولي العهد على الرئاسة الفخرية لمجلس أمناء المعهد الملكي للفنون التقليدية تحفيزاً لتقديم المعهد بيئة إبداعية لتطوير القدرات الوطنية في مجال الفنون التقليدية السعودية من خلال برامج تعليمية وثقافية ومجتمعية، وتشجيعاً للمبدعين الشغوفين بالفنون التقليدية من أرجاء وطننا الغالي».
ويعمل المعهد الملكي للفنون التقليدية على تمثيل ثقافة السعودية من خلال سرد التاريخ الفني وقصص الأعمال الفنية التقليدية، ورواية قصص الفنانين، إضافة إلى المحافظة على أصالة تلك الفنون وتشجيع المهتمين بها على تعلمها وإتقانها وتطويرها. إذ تعد الفنون التقليدية جزءاً لا يتجزأ من ثقافة المملكة التي تجلّت في الخط والتطريز وفن النسيج وصناعة المجوهرات وغيرها من الفنون، وتشكل الفنون البصرية جزءاً حيوياً من هذا التراث.
ولا يقتصر ذلك على الفنون البصرية فقط، بل إن تراث السعودية غني بمختلف صور الفنون التقليدية، كالفنون التقليدية الأدائية أو غير ذلك مثل الرقص والموسيقى ذات الطابع المتميز لمختلف مناطق المملكة، وقد أدت تلك الفنون دوراً كبيراً في التاريخ السعودي، ولا شك أن لها مكانة مهمة في تشكيل المستقبل.
وتتمثل أحد الأهداف الرئيسية للمعهد في إبراز الهوية الوطنية السعودية، ورفع مستوى الوعي العام، والترويج لمجموعة واسعة من المعالم الثقافية السعودية على الصعيد العالمي، وذلك من خلال تشجيع تعلم وممارسة الفنون التقليدية كمهارات حية تُمكّن الطلاب والخريجين من الحفاظ على التراث الثقافي الثري للمملكة وتطويره.
وكانت فكرة المعهد قد انبثقت من توجيهات ورؤية ولي العهد الداعمة لقطاعات الثقافة التي تعد أحد أهم مرتكزات جودة الحياة. ويعد المعهد الملكي، الذي وافق على تأسيسه مجلس الوزراء في مارس (آذار) من العام الحالي، مركزاً معرفياً يثري الحياة الثقافية، ويحتفي بالهوية الوطنية السعودية، ويرفع مستويات الوعي بالمشهد الثقافي ولبنة مهمة في تحقيق التوجهات والرؤى الوطنية، ويهدف إلى تنشيط صناعة الثقافة وجعلها رافداً من روافد الاقتصاد الوطني، كأحد مبادرات برنامج «جودة الحياة»، وركائز رؤية المملكة 2030.
ويوفر المعهد الملكي للفنون التقليدية العديد من الفرص للانضمام والتعلم والانغماس في فنون المملكة التقليدية، عبر سلسلة من الدورات المتنوعة التي تُلائم جميع شرائح المجتمع بمختلف اهتماماتهم. وبدأ المعهد بإطلاق حزمته الأولى لعدد من الدورات التدريبية في الربع الثالث من العام الحالي 2021. ومن هذه الدورات: الفنون التقليدية بالخوص، النسيج التقليدي (السدو)، الفنون التقليدية بالفخار، التطريز اليدوي التقليدي، الخط الديواني، الأزياء التقليدية، المجوهرات التقليدية، التجليد التقليدي للكتب، وغيرها الكثير.
وكان المعهد قد دشن هذا الشهر فرعه الأول بمدينة جدة، الذي من المتوقع أن يكون لبنة من لبنات تشكيل المشهد الثقافي، وسيسهم بشكل فعال بعكس صورة مشرفة عن إرث المملكة العريق وموروثها الثقافي المتميز. ويعد اختيار جدة التاريخية مقراً لفرع المعهد مؤشراً على الاهتمام بالعمارة التاريخية والحفاظ على النمط السعودي في البناء بشتى أشكاله، إذ تتميز العمارة في البلد أو جدة التاريخية بعناصر معمارية وزخرفية جعلت من المنطقة ذات قيمة ثقافية وفنية، إضافة إلى تسجيل جدة التاريخية في اليونيسكو موقع تراث عالمي وبوابة لمكة المكرمة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».