افتتاح المركز الثقافي «نجوم جامع الفنا» في مراكش

الخامس من نوعه في المغرب تحت إشراف مؤسسة «علي زاوا»

ملصق افتتاح مركز «نجوم جامع الفنا»
ملصق افتتاح مركز «نجوم جامع الفنا»
TT

افتتاح المركز الثقافي «نجوم جامع الفنا» في مراكش

ملصق افتتاح مركز «نجوم جامع الفنا»
ملصق افتتاح مركز «نجوم جامع الفنا»

بعد الدار البيضاء وطنجة وأكادير وفاس، تشرف مؤسسة «علي زاوا»، يوم غد (الجمعة)، في مراكش، على فتح مركز ثقافي خامس، اختارت له اسم «نجوم جامع الفنا».
وسيُفتتح هذا المركز الجديد المخصص لمواكبة أنشطة الشباب الثقافية والفنية، بحضور رئيس المؤسسة المخرج السينمائي نبيل عيوش، ونائب الرئيس الفنان التشكيلي والكاتب ماحي بنبين، بحضور وزير الشباب والثقافة والاتصال محمد مهدي بن سعيد، ووالي جهة مراكش أسفي كريم قسي لحلو.
ويقع مركز «نجوم جامع الفنا» في قلب مراكش، على بعد خطوات من ساحة جامع الفنا التي لها رمزيتها وطابعها الإنساني، إذ شيد بـ«رياض الكبير»، الذي بني في القرن 19. والذي وفرته وزارة الشباب والثقافة والاتصال، وأخضع للترميم على مساحة تقدر بألف متر مربع. ومن المنتظر أن يستوعب ما بين 500 و600 مستفيد في السنة الأولى، يشاركون في الورشات الفنية الخاصة بالمسرح والرقص والموسيقى والفنون التشكيلية والبصرية، مع إمكانية وضع برنامج فني وثقافي بفضل دعم الشركاء الرئيسيين.
ومن خلال برنامجه الثقافي، سيسلط مركز «نجوم جامع الفنا»، الضوء على تراث المدينة، ويمنح لشبابها فرصة اكتشاف أشكال التعبير الفني المعاصرة، كما سيوفر دورات لتعليم اللغات الأجنبية، كالفرنسية والإنجليزية والإسبانية، بشكل يمكن من فتح آفاق جديدة أمام الشباب، أساسها الانفتاح على ثقافات العالم. كما سيوفر المركز أماكن لاشتغال فناني المدينة الناشئين، تشمل فضاءات للرقص وقاعة للموسيقى واستوديو للتسجيل، بالإضافة إلى مكتبة مفتوحة للجمهور طيلة أيام الأسبوع، بشكل يجعل من المركز «جوهرة معمارية حقيقية تمنح مساحة للحوار الاجتماعي والثقافي والاجتماعات متعددة التخصصات».
وعلى مدى سنوات من إحداث مراكزها الثقافية، نجحت مؤسسة «علي زاوا» في تمكين فئات من شباب عدد من مدن المغرب من فضاءات للإبداع، ومنحتهم مجالاً للتعبير والتعلم والاكتشاف، من خلال أشكال مختلفة من التعبير الفني، تشمل الموسيقى والرقص والمسرح والفنون البصرية والتشكيلية، إضافة إلى تعلم اللغات الأجنبية.
ويرى نبيل عيوش، الرئيس المؤسس لمؤسسة «علي زوا»، «أنّ المركز الجديد بمراكش هو تتويج لأنشطة ثقافية امتدت طيلة 12 عاما، وما واكبها من إصرار وتحدٍ وشغف».
وزاد عيوش: «لقد قطعنا شوطاً طويلاً منذ افتتاح أول مركز لـ(النجوم بسيدي مؤمن) في 2014. إن افتتاح مركز في مراكش له أهمية خاصة بفضل دعم الوزارة والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إضافة إلى شركاء مغاربة ودوليين كبار، مثل مؤسسة لوكسمبورغ (بيو ريدو) وكذلك مجموعة (شوني) ومؤسسة الشركة العامة. كما يمثل اعترافاً بثقة وتقدير المؤسسات حول جميع الأنشطة التي أنجزتها المؤسسة مع شباب المناطق الذي وجد نفس محروماً من الفنون والثقافة».
من جهته، قال ماحي بنبين: «هذا المركز له مكانة عاطفية بالنسبة لي، فأنا من مدينة مراكش». وأضاف: «تجربتي مثال حي على قدرة الفن والثقافة على إحداث التغيير، وهو ما نطمح إليه في المؤسسة، وأنشطتنا ستمنح النجوم المغاربة الشباب فرصة التألق في عدة مدن، وعدة مناطق، وحتى خارج الحدود، كما عاينا ذلك في الآونة الأخيرة».
ويتزامن افتتاح «مركز نجوم جامع الفنا»، مع عودة الحياة إلى الأنشطة الثقافية في المغرب. ويتضمن البرنامج ثلاثة أيام من الأنشطة الثقافية، تتوزعها لقاءات بين الثقافات والأجيال، بشكل يسلط الضوء على المواهب المحلية وإبداع الشباب. ومن بين الفقرات التي يقترحها برنامج الافتتاح لقاء حول «الموسيقى الارتجالية» وحفل شعبي لموسيقى الجاز وفقرة حول «الحلقة وفن العيطة»، مع إفساح المجال لفن الشارع بجميع أشكاله، على غرار «المدرسة الإيجابية» للهيب هوب، إضافة إلى «تنافس في الرقص»، ومسابقة غرافيتي، وحفل موسيقي للراب، مع فتح أبواب المركز أمام أطفال وشباب الحي والمدينة لاكتشاف ورشات عمل فنية متنوعة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».