الثوب السعودي عنوان الفن المعاصر

تنوعت الأفكار وطرق العرض في معرض {الفن المعاصر} ({الشرق الأوسط})
تنوعت الأفكار وطرق العرض في معرض {الفن المعاصر} ({الشرق الأوسط})
TT

الثوب السعودي عنوان الفن المعاصر

تنوعت الأفكار وطرق العرض في معرض {الفن المعاصر} ({الشرق الأوسط})
تنوعت الأفكار وطرق العرض في معرض {الفن المعاصر} ({الشرق الأوسط})

في قلب العاصمة السعودية الرياض، افتتح معرض الفن المعاصر مرتكزا على «الثوب السعودي» كموضوع وسمة تميزان المعرض، بحضور الأميرة أميرة الطويل، ومصمم الثياب الرجالية لؤي نسيم.
وأبرز الفنانون أعمالهم بتجريد الثوب وإعادة تشكيله بلوحة فنية من الفنون البصرية المعاصرة. وشكلت الفنانة السعودية مروة المقيط، الثوب بمجموعتها «روح» من الصور الفوتوغرافية المكبرة بالمجهر الإلكتروني بخلفية سوداء خلقت تباينا لونيا مع خامته البيضاء.
تقول المقيط في حديثها مع «الشرق الأوسط» «الثوب وملحقاته جزء من هوية الذكور في شبه الجزيرة العربية، وحضورها قوي في الكثير من أحداث حياته، لذلك اخترت أن أركز على فكرة تميز الثوب باقتفاء أثر الحياة المخفية داخل خامته بالمجهر الإلكتروني، من تشكل خلايا مجازية من النسيج والكائنات الحية، حيث ضخم المجهر خامة وخيوط الثوب والبشت (أو المشلح الذي يغطي كامل البدن) وغطاء الرأس الشماغ والعقال، أكثر من 300 ألف مرة للمستوى الذي لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة».
فيما استغلت الفنانة سريا درويش مساحة المعرض فامتدت خيوط عملها الفني من الدور السفلي إلى العلوي، لتحفيز زوار المعرض لخلق تجربة جديدة، بالمشاركة في إكمال لوحتها المعلقة بالمعرض. تقول سريا: «رغبت أن أكون ضمن إطار العمل وجزء من قصته، وجعلت زوار المعرض يأخذون أجزاء وقصاصات من أكمام الثوب السعودي، وتركت لهم الحرية في صنع إبداعاتهم بالألوان على القماش». مضيفة: «عملي هو لنفسي إلا أنني رغبت أيضا في خلق تجربة جديدة، بالاستفادة من مساحة المعرض، واستغلال الفرصة بجعل الزوار يشاركون بأفكارهم، ورؤيتهم وأدائهم داخل المعرض وجعلهم يشاركون ويسهمون بجزء من جماليته، حيث علقت لوح الرسم الضخم الذي يضع الناس عملهم ضمن إطاره».
وتطمح درويش إلى تعزيز الإبداع في المجتمع عبر مشروعها «عنقود» لإنشاء بيئة إبداعية سعودية، لدعم الابتكار والإبداع في الفنون البصرية، من خلال تكوين مجتمع مبدع من الفنانين، للمساهمة في الارتقاء بالذوق العام في المجتمع، عبر إدارة فعاليات ومعارض متخصصة، ومنتقاة بعناية، وإقامة ورش عمل فنية متخصصة للأطفال والبالغين من الفنانين أنفسهم.
والملاحظ على المعرض تنوع الأفكار وطرق العرض، من صور فوتوغرافية، ولوحات من الفن التشكيلي والنحت، وفن الأداء المباشر أمام الجمهور، وأعمال مصورة وكارتونية كفيديو الفنانة نورة كريم، لشخص يمارس التمارين الرياضية بمرونة مرتديا الثوب السعودي.
وتعقيبا على ذلك ذكرت درويش بوصفها مسؤولة عن المعرض بأن الفنانين لديهم الإمكانية لإظهار أعمال فنية مبتكرة وغير متوقعة لزوار المعرض، وبالمقابل ظهر الكثير من الفنانين خارج حدودهم بشكل جعل المعرض يظهر بشكل مختلف.
وظهر عمل الفنان نواف بن سعود، ليعرض دورة حياة الثوب السعودي والتطورات في تصميمه وخامته، عبر لوحة فنية يظهر فيها الثوب بشكل أثري ملطخ بالتراب، إشارة إلى ولادة الثوب من العصر القديم والتنقيب عنه حاليا. وعمل آخر وفكرة العمل الآخر هي تتبع تصاميم الثياب منذ ظهورها وحتى الموضة الحالية في الأكمام عبر عرض مجموعة من الأيدي معمولة بالفلين والخشب، وعدة أقمشة للثوب وتدرجات لونه الأبيض الأساسي الذي يميزه.
وفي تجربة أولى لأيمن زيداني، خرج عن المألوف بفن جديد يعنى بطباعة الصور الفوتوغرافية على الألواح المعدنية. مفهوم العمل قائم على استعادة صور مفقودة حفرت في الذاكرة عن الأجداد، ويقول أيمن: «قبل سبعة أشهر، اطلعت على صورة قديمة لجدي فراودتني فكرة رسمه ورسم جيل أجدادي السابقين، وهو ما حفزني لبدء فكرة عمل مختلفة، التي رسمتها لهم في مخيلتي ولكن بطريقة مبتكرة».
ويستطرد زيداني: «بحثت عن نوع من الفنون يسمى (تن تايب)(Tintype) وهو الطباعة على المعدن أو الصفيح، وجربته على الرغم من أنني فنان تشكيلي تعودت على الرسم، لا التصوير الفوتوغرافي».
ومن خلال هذا الفن، تمر القطعة المعدنية في عدة مراحل لطباعة الصور عليها، فيتم تعليقها في مادة كيميائية من مستحلب كولوديوني، ثم تمرير الصحن الذي يحمل اللوح المعدني على محلول من نترات الفضة، ثم تلتقط الصورة من كاميرا بطراز عتيق، ويكون الشخص أو الجسم المراد تصويره ثابتا لمدة سبع ثوان لالتقاط الصورة بعد جمع الكاميرا لكل الضوء داخل الغرفة.
واختتم أيمن زيداني: «خلق صورهم من جديد كان الفكرة التي تراودني، أريد تخيل أجدادي بالطريقة التي وصفها لي والدي، ولذلك قمت بهذا العمل ليظهر بشكل معتق ومميز».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».