مصر تُشيّع سهير البابلي «ملكة البهجة»

ممثلون ومسؤولون نعوها بكلمات مؤثرة

جانب من جنازة الفنانة الراحلة (الشرق الأوسط)، وفي الإطار سهير البابلي (أ.ف.ب)
جانب من جنازة الفنانة الراحلة (الشرق الأوسط)، وفي الإطار سهير البابلي (أ.ف.ب)
TT

مصر تُشيّع سهير البابلي «ملكة البهجة»

جانب من جنازة الفنانة الراحلة (الشرق الأوسط)، وفي الإطار سهير البابلي (أ.ف.ب)
جانب من جنازة الفنانة الراحلة (الشرق الأوسط)، وفي الإطار سهير البابلي (أ.ف.ب)

شيع نجوم الفن المصري، ظهر أمس، جثمان الفنانة القديرة سهير البابلي، التي رحلت عن عالمنا بعد صراع مع المرض عن عمر ناهز 86 عاماً، إلى مثواها الأخير، في مقابر الأسرة بمدينة 6 أكتوبر (غرب القاهرة).
وشارك في صلاة الجنازة مجموعة كبيرة من الفنانين، في مقدمتهم الدكتور أشرف زكي نقيب الممثلين، ودنيا سمير غانم، والإعلامي رامي رضوان، وأحمد بدير، ورجاء حسين، وجومانا مراد، وأحمد سلامة، وخالد النبوي، والمنتج معز مسعود.
ونعى ممثلون ومسؤولون مصريون وعرب النجمة الكبيرة الراحلة، فقد قالت النجمة التونسية درة عبر حسابها على «إنستغرام»، «رحم الله الفنانة القديرة المبدعة المحبوبة سهير البابلي، صاحبة الحضور والموهبة الفريدة التي لن تتكرر»، فيما قال المطرب الإماراتي حسين الجسمي، «وداعاً سهير البابلي، الله يرحمها ويغفر لها ويصبر أهلها ومحبيها».
كما نعتها أيضاً النجمة التونسية لطيفة، قائلة: «رحم الله الفنانة الكبيرة العظيمة سهير البابلي، ستبقى في حياتنا بفنك وضحكتك وعطائك». وقالت النجمة اللبنانية إليسا: «خسرنا قيمة فنية كبيرة برحيل سهير البابلي، نجمة النجمات وملكة الأعمال الخالدة».
ونعت يسرا، الفنانة الراحلة، قائلة عبر حسابها على «تويتر»: «مع السلامة يا أغلى الناس هتوحشيني... خسرنا اليوم فنانة عظيمة وصديقة من أوفى وأعز الناس على قلبي... كنت أتمنى أن أكون موجودة في مصر لتوديعك».
ونعى المجلس القومي للمرأة المصري، الفنانة الراحلة، وقال في بيان له أول من أمس، «فقدنا فنانة عظيمة من طراز خاص، ورمزاً من رموز الفن والكوميديا، أسعدت جمهورها لسنوات طويلة حتى اشتهرت بلقب (ملكة البهجة)». وأكد المجلس أن «رصيد أعمالها الكبير في المسرح والسينما والتلفزيون سيظل محفوراً في أذهان جمهورها ومحبيها». ووصفتها السيناريست زينب عزيز رئيس المركز القومي للسينما، بـ«الحالة الفريدة» التي قدمت للسينما والدراما والمسرح أعمالاً ستظل خالدة في ذاكرة المشاهد، التي جمعت فيها بين الكوميديا والتراجيديا.
فيما أشارت الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة المصرية، إلى أن «الفنون المصرية والعربية فقدت إحدى أيقوناتها التي شكلت نموذجاً للإبداع المتنوع»، مضيفة أن أعمالها ستبقى خالدة بكل ما تحمله من موضوعات ومفردات رسخت في وجدان الجمهور».
ووفق الكاتب والمؤرخ المسرحي الدكتور عمرو دواره، فإن سهير البابلي أجادت تجسيد أدوارها باللغة العربية الفصحى على المسرح، وكذلك بالعامية المصرية، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «إجادة الفنانة الراحلة للميلو دراما والتراجيديا والكوميديا تعد أحد أبرز أسباب تألقها وشهرتها وتعلق الجمهور بها، فهي ابنة (المسرح القومي) قبل انتقالها للمسرح الخاص الذي توهجت وتركت فيه بصمة مميزة جداً»، مشيراً إلى أنه «يوجد 5 عروض تعد من أشهر وأبرز أعمال البابلي في المسرح، وهي (مدرسة المشاغبين) التي قدمتها على مدار 3 مواسم، قبل أن تكمل دورها كل من نيللي وميمي جمال، ولبلبة، لكن البابلي رسخت في أذهان الجمهور لظهورها في شريط المسرحية المتلفز وإتقانها لدور المعلمة الحاسمة أمام المشاغبين، بالإضافة إلى مسرحية (العالمة باشا)، و(عطية الإرهابية)، و(ع الرصيف)، و(الدخول بالملابس الرسمية)». واعتبر دواره أن «البابلي كانت من بين النجمات القلائل اللواتي اجتذبن الجمهور، وكانت البطلة الأولى لبعض العروض المسرحية، ونجمة شباك (كان الجمهور يأتي لمشاهدتها بشكل خاص)»، مؤكداً أنها «تميزت عن الكثير من الفنانات بقدرتها الفائقة على خلق الكوميديا، وهذه ميزة كبيرة لا يتقنها أي ممثل، لتتشابه في ذلك مع خيرية أحمد، وسهير الباروني، وشويكار، وسعاد نصر». وتلفزيونياً تركت البابلي علامة مميزة مع الجمهور من خلال «بكيزة وزغلول»، إذ تألقت في دور بكيزة، لدرجة أن جمهور «السوشيال ميديا» استدعى أحد مشاهدها الكوميدية أخيراً، وحقق مشاهدات كبيرة عبر هذه المواقع، وحسب دواره، فإنها «لمعت في الأدوار الثانية بالسينما على غرار دورها في فيلم (أميرة حبي أنا) مع سعاد حسني وحسين فهمي».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».