المرافعات الأخيرة لتسارناييف في بوسطن

الادعاء: أراد معاقبة أميركا * الدفاع: مراهق بريء خدعه شقيقه الأكبر

الوك شاكرافارتي، ممثل الادعاء الأميركي، يقدم مرافعته الأخيرة في محاكمة جوهر تسارناييف المهاجر الشيشاني مفجر ماراثون بوسطن 2013، بينما المتهم (وسط) يجلس مستمعا (أ.ب)
الوك شاكرافارتي، ممثل الادعاء الأميركي، يقدم مرافعته الأخيرة في محاكمة جوهر تسارناييف المهاجر الشيشاني مفجر ماراثون بوسطن 2013، بينما المتهم (وسط) يجلس مستمعا (أ.ب)
TT

المرافعات الأخيرة لتسارناييف في بوسطن

الوك شاكرافارتي، ممثل الادعاء الأميركي، يقدم مرافعته الأخيرة في محاكمة جوهر تسارناييف المهاجر الشيشاني مفجر ماراثون بوسطن 2013، بينما المتهم (وسط) يجلس مستمعا (أ.ب)
الوك شاكرافارتي، ممثل الادعاء الأميركي، يقدم مرافعته الأخيرة في محاكمة جوهر تسارناييف المهاجر الشيشاني مفجر ماراثون بوسطن 2013، بينما المتهم (وسط) يجلس مستمعا (أ.ب)

من دون الإشارة إلى كتاباته عن سبب ما فعل، وصف الاتهام، في المرافعة الأخيرة في محاكمة جوهر تسارناييف، المهاجر من الشيشان الذي اشترك مع شقيقه الأكبر في وضع قنابل في سباق الركض في بوسطن وقتلا ثلاثة أشخاص وجرحا عشرات عام 2013، بأنه «قتل في برود شديد»، وأنه «إرهابي متعمد خطط للتطرف العنيف».
وأضاف الوك شاكرافارتي، ممثل الادعاء، أن تسارناييف «جاء بالإرهاب إلى بوسطن بهدف إشعال صحوة المتشددين، بهدف معاقبة أميركا»، وأن تسارناييف «كان يعرف أن كل العالم سيشاهد إرهابه». غير أن الاتهام لم يقدم كتابات كتبها جوهر داخل القارب الذي اختفى فيه عندما كانت الشرطة تطارده. توضح الكتابات أسباب ما فعل جوهر وشقيقه. ولم يقدم الدفاع الكتابات أيضا. وركز على أن جوهر كان ضحية شقيقه الأكبر.
في عام 2013 اشترك جوهر (21 عاما) مع شقيقه تامرلان (26) في وضع قنبلة في سباق الركض السنوي في بوسطن. بالإضافة إلى قتل ثلاثة أشخاص، جرحت القنابل أكثر من 200 شخص بجروح مختلفة. وبينما يواجه جوهر الحكم بالإعدام، دافعت عنه محاميته جودي كلارك، في مرافعتها الأخيرة، وقالت إن شقيقه خدعه، وإنه «مراهق بريء». وكان شقيقه قتل، بعد ثلاثة أيام من الحادث، أثناء اشتباكات مع الشرطة.
وخاطبت المحامية هيئة المحلفين قائلة «نطلب منكم أن تفكروا بعقول مفتوحة. ولا نطلب منكم التساهل مع جوهر. لا ننكر أنه اشترك في الجريمة. لكن، لولا تامرلان لما تورط جوهر».
وبالإضافة إلى عدم تقديم كتابات جوهر في القارب، أعلنت المحامية أن جوهر لن يتحدث أمام المحكمة، وأنها تدافع عنه. لكن، يتوقع أن يتكلم جوهر عندما يأتي وقت الحكم عليه، حيث جرت العادة على أن يطلب القاضي، قبل إصدار الحكم، من المتهم أن يدافع عن نفسه، لآخر مرة.
وكانت هيئة المحلفين انتقلت إلى مكان شاهدت فيه القارب الذي اختفى فيه جوهر، عندما كانت تطارده الشرطة. وفيه كتابات كتبها جوهر عن أسباب ما فعل. وفي وقت لاحق، استمعت هيئة المحلفين إلى شهادة شرطي في مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) قدم فيها وثائق تدين جوهر، منها رسومات في صفحته على موقع «تويتر» توضح «شابا مسلما يسير على هدي تنظيم القاعدة، ويسير نحو التطرف».. ومنها رسالة باللغة الروسية فيها «سأموت شابا»، وهي عبارة مقتبسة من أغنية مشهورة. وقال الشاهد «تتسق هذه مع باقي ملامح حياة تسارناييف التي كانت تتمحور حول الفتيات، والبرغر، وعادات النوم. وفي الوقت نفسه، توضح الوجه الآخر له».. ومنها كتابات كتبها جوهر، بعضها عندما كان في المستشفى، حيث نقل بعد القبض عليه وإصابته بجروح. فقد كتب «تقتل الحكومة الأميركية المدنيين الأبرياء. لا يمكنني تحمل رؤية هذا الشر يفلت من العقاب. نحن المسلمون جسد واحد. إذا جرحتم أحدنا كأنكم جرحتمونا جميعا. أنا لا أود قتل الأبرياء، لأن هذا أمر محرم في الإسلام. لكنه يمكن أن يكون مباحا بسبب قتل الحكومة الأميركية للأبرياء المسلمين. توقفوا عن قتل الأبرياء منا أولا، ونحن سنتوقف..».
وقدم الشاهد كتابات أخرى كتبها جوهر في القارب الذي كان اختبأ فيه، منها «أشعر بالغيرة من شقيقي الذي نال (جنة الفردوس) قبلي. لن أحزن لأن روحه ما زالت باقية. الله لديه مخطط لكل شخص. وقدري هو الاختباء في هذا القارب، وتسليط بعض الضوء على ما قمنا به». وأضاف «أسأل الله أن يكتبني من الشهداء حتى أتمكن من الرجوع إليه، وأكون من الصالحين في الدرجات العلى من الجنة. ومن يهد الله فما له من مضل. الله أكبر».
وكتب أيضا في القارب «تقتل الحكومة الأميركية المدنيين الأبرياء منا. لقد بدأت الأمة تصعّد، وتيقظ آخرون منا. أعلم أنكم (الشرطة التي تتعقبه) تقاتلون من ينظر في ماسورة بندقيتكم، ويرى الجنة. الآن كيف ستستطيعون منافسة ذلك؟ لقد وعدنا الله بالنصر. وسوف نحققه بالتأكيد». وفي جانب آخر في القارب كتب «اشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.