«غناء المهرجانات» يفجّر جدلاً فنياً وإعلامياً في مصر

سجال حاد بسبب منع حفلاته

الفنان هاني شاكر (الشرق الأوسط) - صورة ضوئية لقرار منع عدد كبير من المطربين (نقابة الموسيقيين)
الفنان هاني شاكر (الشرق الأوسط) - صورة ضوئية لقرار منع عدد كبير من المطربين (نقابة الموسيقيين)
TT

«غناء المهرجانات» يفجّر جدلاً فنياً وإعلامياً في مصر

الفنان هاني شاكر (الشرق الأوسط) - صورة ضوئية لقرار منع عدد كبير من المطربين (نقابة الموسيقيين)
الفنان هاني شاكر (الشرق الأوسط) - صورة ضوئية لقرار منع عدد كبير من المطربين (نقابة الموسيقيين)

فجر قرار نقابة الموسيقيين المصرية بشأن منع 20 مطرباً وفريقاً من الغناء جدلاً فنياً وإعلامياً واسعاً في مصر خلال الساعات الماضية، ورغم أن انقسام آراء الخبراء والمتابعين حول أغاني المهرجانات ليس أمراً جديداً فإن السجال الإعلامي الذي خاضه كل من رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس ونقيب الموسيقيين الفنان هاني شاكر، مساء أول من أمس، حول قرار منع مطربي المهرجانات من الغناء قد فجر الجدل مجدداً حول هذه النوعية من الأغاني.
ويتباين رأي الجمهور والموسيقيين في مصر حول أغاني المهرجانات، فبينما يرى كثيرون أنه يجب منعهم من مزاولة نشاط الغناء والتصدي لما يقدمونه من «فن رديء»، يطالب آخرون باحتوائهم وإعطائهم الفرصة لتقديم موسيقى جيدة بدلاً من الهجوم عليهم وخصوصاً بعد تحقيقهم ملايين المشاهدات على المنصات والتطبيقات الرقمية خلال الأشهر الماضية.
في البداية شن ساويرس والناقد الفني طارق الشناوي هجوما شديداً على الفنان هاني شاكر نقيب المهن الموسيقية، بسبب منع مطربي المهرجانات من الغناء، خلال مداخلتين هاتفيتين عبر برنامج «الحكاية» الذي يقدمه الإعلامي عمرو أديب على قناة «إم بي سي مصر»، واتهم ساويرس الفنان هاني شاكر بـ«الغيرة» من مطربي المهرجانات: «أشعر أن الموضوع به نفسنة وغيرة، نحن أحرار نسمع ما نريد»، معتبراً أن «هاني شاكر لا يستطيع مجاراتهم في تحقيق أرباح مالية ضخمة»، وأكد ساويرس على «حبه للغناء الشعبي».
وأوضح أن «دور النقابة هو العلاج والمعاشات، بينما دور المنع من اختصاص هيئة الرقابة على المصنفات الفنية».
في المقابل، رد هاني شاكر، خلال البرنامج ذاته بنبرة حادة قائلاً: «من لا يعجبه غناء هاني شاكر ويحب سماع المهرجانات لا يشرفني أن يسمعني»، مضيفاً أن «دور النقابة رقابي، كما يوجد تنسيق بينه وبين الرقابة على المصنفات الفنية، حيث يجب أن يلتزم العضو بالآداب والقواعد العامة»، لافتاً إلى «أنه مضطلع أيضا بالحفاظ على أعضاء نقابته والمهنة والشكل العام لمصر». مشيراً إلى أن «الممنوعين ليسوا أعضاء في النقابة من الأساس».
وضمت قائمة الممنوعين من الغناء كلاً من «حمو بيكا وحسن شاكوش، كزبرة، حنجرة، مصطفي زكريا الشهير بمسلم، أبو ليلة، أحمد قاسم الشهير بـفيلو، أحمد موزة، حمو طيخة، ريشا كوستا وسمارة، شواحة، ولاد سليم، العصابة، الزعيم، علاء فيفتي، فرقة الكعب العالي، مجدى شطة، وزة، شكل، عمرو حاحا، بالإضافة إلى الفنان حسن أبو الروس».
ويُتهم مطربو المهرجانات بالتسبب في «الانحدار الفني والأخلاقي»، والتأثير على «الذوق العام»، بحسب نقابة الموسيقيين المصرية، رغم ازدهارها في مركبات النقل الجماعي، والمقاهي وبعض المحال التجارية في المناطق الشعبية، والمنصات الإلكترونية.
ويقول الناقد الموسيقي أشرف عبد المنعم، لـ«الشرق الأوسط»: «لابد أن نعترف بأن كل عصر له موضة، وموضة أو ترند المهرجانات هي المسيطرة الآن لأنها تتماشى مع ذوق قطاع كبير من الجمهور؛ لذلك فإن النقابة لن تستطيع منع الجمهور من الاستماع للمهرجانات لأن هذا دور الثقافة والتعليم».
وأضاف عبد المنعم قائلاً: «لا يمكن أن نفرض على الجمهور الاستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية في حفلات الزفاف على سبيل المثال، لذلك فإن تصريحات النقابة حول حماية الذوق العام ليست في محلها». مؤكداً أن ترشيد ذوق الجمهور يتوقف على رفع مستوى ثقافة وتعليم المراهقين والأطفال في المدارس، فماذا قدمت النقابة في هذا الإطار؟
وحققت أغنيات مهرجانات شهيرة عشرات الملايين من المشاهدات على موقع «يوتيوب»، وتفوقت على نجوم عالميين في تطبيق «ساوند كلاود».
وينتمي مقدمو هذا النوع من الأغاني إلى «شريحة اجتماعية تم تهميشها من قبل المثقفين»، بحسب الملحن حسن زكي، الذي يضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «أغنياتهم المنتشرة بشكل واسع في جميع أنحاء مصر، ما هو إلا نوع من الدفاع عن النفس، ورد فعلي طبيعي للتهميش الذي يعانون منه».
وحاولت بعض الفنانات المصريات الاستفادة من حمى انتشار أغاني المهرجانات خلال السنوات الأخيرة، وشاركن بعض المطربين في غنائها على غرار سمية الخشاب، وياسمين رئيس، حيث حققت أغنية «حبيبتي» للمطرب حسن شاكوش والفنانة ياسمين رئيس، انتشاراً كبيراً ومشاهدات لافتة عبر الإنترنت خلال الأيام الماضية، وهو ما تكرر بشأن أغنية «أوعدك» لمطرب المهرجانات عمر كمال، وسمية الخشاب.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».