حملة تجنيد حوثية في 820 حارة بصنعاء لتعويض نقص المقاتلين

أحد الشوارع في وسط صنعاء القديمة (إ.ب.أ)
أحد الشوارع في وسط صنعاء القديمة (إ.ب.أ)
TT

حملة تجنيد حوثية في 820 حارة بصنعاء لتعويض نقص المقاتلين

أحد الشوارع في وسط صنعاء القديمة (إ.ب.أ)
أحد الشوارع في وسط صنعاء القديمة (إ.ب.أ)

واصلت الميليشيات الحوثية منذ مطلع الشهر الحالي عمليات التعبئة والتحشيد في أوساط الشبان والأطفال والكهول في العاصمة المختطفة صنعاء؛ وذلك لتعويض النقص بأعداد مقاتليها، بخاصة بعد تلقيها ضربات موجعة على أيدي قوات الجيش اليمني المسنود بطيران تحالف دعم الشرعية بجبهات مأرب والساحل الغربي وميادين قتالية أخرى.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن أن حملات التجنيد التي أطلقتها الجماعة طيلة أسبوعين منصرمَين، استهدفت مئات الشبان والأطفال والكهول في 10 مديريات تتبع العاصمة صنعاء.
وتأتي تلك الخطوات، بحسب المصادر، بناءً على تعليمات وصفت بـ«العاجلة» صدرت مؤخراً من زعيم الانقلابيين عبد الملك الحوثي يحض فيها أتباعه على شن أوسع حملة استقطاب وتجنيد في صفوف المدنيين القاطنين بالعاصمة وريفها.
وأشارت المصادر إلى أن حملة التجنيد الحوثية الحالية بحق المدنيين في صنعاء سبقها بأيام عقد لقاءات حوثية عدة مع قيادات محلية ومشرفين وشخصيات اجتماعية ولجان حشد وتعبئة ومشايخ ومسؤولي أحياء موالين للجماعة بهدف الإعداد لعملية التجنيد. المصادر ذاتها كشفت لـ«الشرق الأوسط»، عن لجوء قادة الجماعة قبيل إطلاق تلك الحملة بأيام إلى تشكيل لجان تحت مسمى (مجتمعية، تنسيقية، تعبوية) هدفها الميداني استهداف وتجنيد المئات من السكان القاطنين بـ820 حارة واقعة في نطاق نحو 98 حياً مدنياً في مديريات: الثورة، وصنعاء القديمة، والتحرير، ومعين، والوحدة، والسبعين، والصافية، وآزال، وشعوب، وبني الحارث.
وقالت المصادر، إن الجماعة؛ وبغية إنجاح عملية التحشيد للجبهات، حضّت تلك اللجان على إيجاد وسائل وطرق جديدة لإقناع الأهالي والأسر بضرورة الدفع مجدداً بذويهم من مختلف الأعمار في كل مربع سكني في صنعاء لضمهم للقتال.
وعلى صعيد متصل، أفاد سكان بصنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، بأن لجاناً حوثية شنّت على مدى 15 يوماً ماضية حملة استقطاب وتجنيد قسرية طالت مئات الشبان والأطفال والرجال في جميع أحياء وحارات صنعاء. وأكد البعض منهم، أن لجان الجماعة الانقلابية لا تزال مستمرة في ممارسة كل أشكال الابتزاز والضغط على الأسر في العاصمة لإجبارها على إلحاق المزيد من أبنائها إلى الجبهات.
وأشاروا إلى أن حملة الاستهداف الحوثية التي رافقها حملات أخرى ترويجية عبر مختلف وسائل إعلام الجماعة لم تستثن أحداً، بل شملت مختلف الشرائح والفئات العمرية.
في غضون ذلك، تحدثت مصادر مطلعة بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن أن حملة الاستقطاب الحوثية الحالية في حارات وأحياء العاصمة يرافقها أيضاً شن الجماعة حملات أخرى مماثلة بحق عشرات الموظفين بمختلف القطاعات الحكومية الخاضعة تحت سيطرتها.
ومنذ مطلع العام الحالي، كثفت الجماعة من حملات الاستقطاب والتجنيد بحق السكان في صنعاء ومدن يمنية أخرى تحت قبضتها.
وسبق للميليشيات، حليف إيران في اليمن، أن شرعت مطلع أغسطس (آب) الماضي في تنفيذ حملة تجنيد طالت الشبان وصغار السن بمناطق متفرقة من العاصمة.
وأرجع مراقبون محليون أسباب لجوء الجماعة لشن حملات تجنيد جديدة بأوساط المدنيين إلى ما تعانيه من استنزاف كبير طال قدراتها البشرية والقتالية كافة، والذي يقابله بالوقت ذاته رفض قبلي ومجتمعي لكل دعواتها الخاصة بمدّها بمقاتلين.
وكان مسؤولون في الحكومة اليمنية حذروا في أوقات سابقة من تصاعد عمليات التجنيد الإجباري للمدنيين من قبل الميليشيات الحوثية في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها. وطالب وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني في تصريحات سابقة المجتمع الدولي والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن بالضغط على الميليشيات العنصرية لوقف تلك العمليات القسرية بحق المدنيين بمن فيهم فئة الأطفال. وشدد على أن تلك الخطوات تشكل انتهاكاً صارخاً للقوانين والمواثيق الدولية، داعياً إلى تقديم المسؤولين عنها من قيادات الجماعة للمحاسبة، باعتبارهم «مجرمي حرب».


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.