واشنطن تتوعد طهران إذا فشلت محادثات «فيينا» النووية

أوستن في «حوار المنامة»: التزام أميركا بالأمن في الشرق الأوسط قوي ومؤكد

وزير الدفاع الأميركي أمام منتدى حوار المنامة أمس (أ.ف.ب)
وزير الدفاع الأميركي أمام منتدى حوار المنامة أمس (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تتوعد طهران إذا فشلت محادثات «فيينا» النووية

وزير الدفاع الأميركي أمام منتدى حوار المنامة أمس (أ.ف.ب)
وزير الدفاع الأميركي أمام منتدى حوار المنامة أمس (أ.ف.ب)

حذّر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، أمس (السبت)، في المنامة من أن الولايات المتحدة قادرة على نشر «قوة ساحقة» في الشرق الأوسط، مؤكداً استعداد واشنطن للجوء إلى خيار عسكري في المنطقة إذا لزم الأمر. وأقرّ أوستن في كلمته بالمخاوف الموجودة في المنطقة والعالم من أن تكون الولايات المتحدة تركز على التحدي الذي تشكله الصين فحسب، قائلاً: «لنكن واضحين: التزام أميركا بالأمن في الشرق الأوسط قوي ومؤكد».
كما حذّر الوزير الأميركي من أن المحادثات مع إيران بشأن الامتثال للالتزامات المتفق عليها، بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015، ربما لن تؤدي إلى حل إيجابي، مؤكداً أن واشنطن «ستنظر في كل الخيارات الضرورية» في حال فشل الدبلوماسية في وقف البرنامج النووي الإيراني. وأضاف أن «مهمتنا في نهاية المطاف هي دعم الخيار الدبلوماسي ومنع نشوب صراع، والدفاع عن الولايات المتحدة ومصالحنا الحيوية»، قائلاً: «إذا أجبرنا على رد العدوان، سننتصر... وسننتصر بشكل قاطع».
من جانبه، علّق الأمير تركي الفيصل، مدير المخابرات السعودية السابق الذي يحضر المنتدى الأمني في المنامة، مرحباً بالتطمينات الأميركية، لكنه قال إن «الأفعال على نفس الدرجة من الأهمية»، مؤكداً أهمية أن تعمل واشنطن لمنع الحوثيين من امتلاك أسلحة.
وجاءت تصريحات أوستن رداً على أسئلة خلال مؤتمر «حوار المنامة» في البحرين حول استعداد واشنطن للجوء إلى خيار عسكري في المنطقة إذا لزم الأمر. ونفى أوستن في الوقت نفسه معلومات تفيد بأن الولايات المتحدة أصبحت مترددة في استخدام القوة. وفي رد على سؤال عن سبب عدم رد واشنطن على هجوم الطائرات المسيرة والمدفعية الشهر الماضي على قاعدة يستخدمها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لقتال تنظيم داعش في سوريا، قال أوستن إن «الولايات المتحدة تحتفظ بحقها في الدفاع عن نفسها».
وأضاف الوزير الأميركي: «سندافع عن أنفسنا وعن مصالحنا أياً تكن، في الزمان والمكان اللذين نختارهما»، محذراً: «لا ينبغي لأي بلد أو أي شخص أن يخطئ في ذلك. نحن ملتزمون بالدفاع عن أنفسنا ومصالحنا، وهذا يشمل شركاءنا أيضاً، كما أننا ملتزمون بعدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي».
وعن المفاوضات النووية بين إيران والقوى الكبرى المقرر استئنافها في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري بهدف إحياء الاتفاق النووي مقابل تخفيف العقوبات على طهران، قال أوستن: «سنعود إلى تلك المحادثات، بحسن نية، لكن تحركات إيران الأخيرة غير مشجعة، لا سيما بسبب توسيع برنامجها النووي».
وقال أوستن: «ما زلنا ملتزمين بنتيجة دبلوماسية للقضية النووية»، مضيفاً: «لكن إذا لم تكن إيران مستعدة للمشاركة بشكل جدي، عندئذ سوف ننظر في جميع الخيارات الضرورية للحفاظ على أمن الولايات المتحدة». وقال إن الولايات المتحدة ملتزمة بمواجهة إيران، حتى في الوقت الذي تعمل فيه واشنطن على إحياء الاتفاق النووي لعام 2015.
وتحدث وزير الدفاع الأميركي، خلال الجلسة الأولى من أعمال منتدى حوار المنامة 2021 في جلسة حملت عنوان «سياسات الولايات المتحدة الأميركية الدفاعية في الشرق الأوسط»، مجدداً التزام بلاده بتعزيز أمن المنطقة. وقال إن الولايات المتحدة مستمرة في تعزيز الأمن في المنطقة ودعم مصالحها ومصالح دول المنطقة ضد أي تهديد محتمل. وأضاف أوستن: «إننا نواجه الكثير من الصراعات المستمرة وتحديات القرن التي تعبر الحدود»، مؤكداً أن هذه الأخطار المشتركة تتطلب عملاً مشتركاً.
وقال أوستن: «ما زلنا ملتزمين بمنع إيران من حيازة السلاح النووي، وإذا أظهرت إيران جديتها بالالتزام فسنعود للمحادثات بحسن نية، ولكن تصرفات وأنشطة إيران مؤخراً لا تشجع على ذلك. وأكد وزير الدفاع الأميركي أن إيران تطرح علينا جميعاً تحديات أمنية خطيرة، تسهم في تقويض الأمن في هذه المنطقة، وفي هذا الصدد فإننا نحث إيران على القيام بدورها، ولكن أياً كان قرارها يجب ألا تتوهم أن بإمكانها تقويض الأمن في المنطقة، وعليها العودة للمعايير الدولية، حيث نستطيع الانتقال إلى حقبة جديدة من الشراكة والتعاون.
وفي الجلسة التي حملت عنوان «الخليج وآسيا»، ضمن فعاليات منتدى حوار المنامة، شدد وزير الدفاع الماليزي داتو سري هشام الدين بن حسين، على أهمية مواجهة العالم للمخاطر والتحديات المحيطة، لافتاً إلى أن أكبر التحديات التي يواجهها العالم اليوم هي جائحة كورونا التي باتت على رأس الأولويات، ولا بد من تضافر الجهود الدولية لمواجهتها.
وقال وزير الدفاع الماليزي: «أرى أن نعمل وفق ثلاثة مبادئ أساسية لمعالجة التحديات؛ وهي ضرورة بناء العلاقات الاستراتيجية ومد جسور التعاون مع المناطق التي تشاطرنا الاهتمام بتعزيز الأمن والتعاون وإيجاد الحلول للتحديات، وكذلك تعزيز الثقة».
وفي مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، أوضح أن «ماليزيا انضمت إلى التحالف الدولي ضد داعش في 2014»، مضيفاً: «ماليزيا تدرس كيف تقوم بدور أكثر أهمية في هذا التحالف العسكري. علينا أن نبني على هذه الثقة التي عملنا على تعزيزها خلال الأعوام الماضية. فالعلاقات بين دول الخليج وجنوب شرقي آسيا هي علاقة بناءة».
كذلك تحدث في الجلسة مستشار الأمن الوطني البريطاني ستيفن لوفرغروف، مشيداً بنتائج قمة المناخ التي عقدت مؤخراً في غلاسكو، ومثمناً الاهتمام العالمي لإيجاد حلول لمواجهة التحديات المناخية وأثر ذلك على اقتصاديات العالم. وقال لوفرغروف: «المملكة المتحدة تولي اهتماماً كبيراً في مجال ضمان بقاء النظام الدولي مفتوحاً، وسندافع عن الاتفاقية المطروحة في هذا الشأن لردع الأنشطة العدوانية. وإن لدى المملكة المتحدة أسطولاً كبيراً ضمن القوات البحرية في كثير من البحار، وتعد البحار المفتوحة العمود الفقري لعملنا وضمان أمنها جزء من اهتماماتنا، لا سيما أن سفننا منتشرة في كل البحار بالعالم».
وأضاف: «ندعم تعزيز الحوار والتعاون وتضافر الجهود. ومن الجيد أن نرى حواراً بين الصين والولايات المتحدة، ونأمل أن تسير هذه المحادثات للأمام، فهما دولتان كبريان ولديهما تأثير في العالم، وسيكون لنا حوار معهما».



منسق الجيش الإيراني: لا يمكن التنبؤ بما سيحدث العام المقبل

سیاري إلى جانب المرشد الإيراني علي خامنئي خلال تدريبات بحرية في شمال البلاد (أرشيفية - موقع خامنئي)
سیاري إلى جانب المرشد الإيراني علي خامنئي خلال تدريبات بحرية في شمال البلاد (أرشيفية - موقع خامنئي)
TT

منسق الجيش الإيراني: لا يمكن التنبؤ بما سيحدث العام المقبل

سیاري إلى جانب المرشد الإيراني علي خامنئي خلال تدريبات بحرية في شمال البلاد (أرشيفية - موقع خامنئي)
سیاري إلى جانب المرشد الإيراني علي خامنئي خلال تدريبات بحرية في شمال البلاد (أرشيفية - موقع خامنئي)

قال منسق الجيش الإيراني، حبيب الله سياري، إنه «لا يمكن التنبؤ بما سيحدث العام المقبل» في ظل تغييرات إقليمية متسارعة، مشدداً على ضرورة «التأهب العسكري» وتطوير مجالات تمكن طهران من «تغيير موازين القوى»، وقلّل من قدرة المفاوضات والتسويات على تفادي الحرب.

وتأتي هذه التصريحات في وقت يشهد فيه الموقف الإيراني تشدداً مع اقتراب ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي تعهد بحرمان إيران من إنتاج أسلحة نووية.

نقلت وسائل إعلام إيرانية عن سياري قوله، خلال لقائه مع مجموعة من قادة الجيش: «اليوم لا يمكننا التنبؤ بما سيحدث بدقة في العام المقبل. ديناميكية محيطنا وسرعة التغييرات تخلقان حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل، وقد تكون هناك العديد من السيناريوهات المحتملة، لذا يجب أن نكون مستعدين لمواجهة مثل هذه الظروف».

وشدد سياري على أهمية المجالات التي قد تؤدي إلى «تغييرات جذرية في موازين القوى»، مثل التكنولوجيا النووية، والفضاء، والبيولوجيا، والذكاء الاصطناعي.

تواجه إيران سلسلة من الانتكاسات الاستراتيجية، بما في ذلك الهجوم الإسرائيلي على حليفيها، حركة «حماس» في غزة وجماعة «حزب الله» في لبنان، بالإضافة إلى الإطاحة ببشار الأسد في سوريا.

ويعُمّ الترقّب حيال السياسة التي ستتبعها الإدارة الأميركية الجديدة لوقف البرنامج النووي الإيراني، في وقت تمارس فيه القوى الغربية ضغوطاً على طهران لوقف إنتاج اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، التي تقترب من النسبة المطلوبة (90 في المائة) لإنتاج الأسلحة النووية.

وفي مقابلة مع مجلة «تايم»، الجمعة، قال ترمب عندما سُئل عن احتمالات خوض حرب مع إيران خلال ولايته المقبلة: «أي شيء يمكن أن يحدث. إنه وضع متقلّب للغاية».

وأشار سياري إلى أهمية «التأهب العسكري المستمر» في الرؤية الإيرانية للأمن القومي، موضحاً أن «الحرب كانت وما زالت موجودة دائماً، ولن تحل عبر التفاوض والتسوية». وحذر من أن «تجاهل التهديدات والتقنيات الحديثة سيؤدي إلى مفاجآت استراتيجية».

كما دعا إلى التكيّف مع التقدم التكنولوجي، مؤكداً أنه لا يمكن مواجهة الحروب المستقبلية باستخدام تجارب الماضي؛ حيث تغيّرت الأسلحة وطرق الحرب بشكل كبير.

وأضاف سياري أنه لمواجهة تهديدات المستقبل، «يجب بذل جهد ذكي»، كما دعا إلى تبني استراتيجية لمواجهة «الحرب المعرفية»، التي «تعني السيطرة على العقول وفرض أجندة معينة على الشعب أو الخصم عبر وسائل الإعلام».

تأتي تصريحات سياري في وقت تشهد فيه إيران تداعيات سقوط حليفها في سوريا بشار الأسد. وأظهرت مواقف قادة في «الحرس الثوري» ومسؤولين قلقاً إيرانياً بشأن مستقبل نفوذها في المنطقة، خصوصاً في سوريا، وسط تصاعد التوتر مع إسرائيل.

قائد «الحرس الثوري» يدلي بإفادة حول سوريا أمام البرلمان الأسبوع الماضي (تسنيم)

وحذر قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي، الأحد، من تكرار السيناريو السوري في إيران، مشيراً إلى الضربات الإسرائيلية على مواقع عسكرية سورية. ولفت إلى أن سوريا «تمثل درساً مريراً لإيران»، مؤكداً: «إذا لم يصمد الجيش، قد تُحتل البلاد في لحظة». ونفى أن يكون قتال إيران في سوريا «من أجل ضم أراضٍ أو مصالح طموحة».

وقال: «عندما سقط النظام السوري، أصبح الصهاينة قادرين على رؤية ما يحدث داخل بيوت دمشق دون الحاجة إلى أسلحة».

وأكد سلامي، الأسبوع الماضي، سحب جميع قواته من سوريا، نافياً خسارة إيران أذرعها الإقليمية.

ودعمت إيران الأسد في الحرب الأهلية الطويلة في سوريا، وأنفقت مليارات الدولارات، ونشرت قوات «الحرس الثوري»، ويُنظر للإطاحة به على نطاق واسع باعتبارها ضربة كبيرة «لمحور المقاومة» بقيادة إيران، وهو تحالف سياسي وعسكري يعارض النفوذ الإسرائيلي والأميركي في الشرق الأوسط.

وعزا وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الأسبوع الماضي، سقوط الأسد إلى عنصرين مفاجئين: «ضعف الجيش السوري وسرعة التطورات».

صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الأسد وعراقجي مطلع ديسمبر 2024

وقال المرشد الإيراني علي خامنئي، الأربعاء، إن الإطاحة بالأسد كانت نتيجة لخطة من الولايات المتحدة وإسرائيل. وأضاف أن إحدى دول جوار سوريا كان لها دور أيضاً. ولم يذكر بلداً بالاسم لكن بدا أنه يشير إلى تركيا.

وقال مسؤولان إيرانيان لـ«رويترز» إن عراقجي خلال اجتماع متوتر مع نظيره التركي هاكان فيدان نقل شكاوى من الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد بشأن دعم تركيا لقوات المعارضة التي أطاحت به، وكذلك، عبّر الوزير الإيراني عن استياء بلاده لانحياز تركيا «للأجندات الأميركية والإسرائيلية». وقال مسؤول تركي للوكالة إن عراقجي لم يحمل أو ينقل أي رسائل من الأسد إلى أنقرة.

ويحرم سقوط الأسد إيران وحليفتها جماعة «حزب الله» اللبنانية من حليف مهم. فقد سمحت علاقات طهران بدمشق بأن تبسط إيران نفوذها عبر ممر بري، يمتد من حدودها الغربية عبر العراق وصولاً إلى لبنان، لنقل إمدادات الأسلحة إلى «حزب الله».

وقال قائد «الحرس الثوري»، الخميس: «الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».