تخوفات من قرب نفاد القمح في ليبيا

ليبي يقتني بضاعته داخل أحد المخابز بطرابلس (فضائية ليبيا الأحرار)
ليبي يقتني بضاعته داخل أحد المخابز بطرابلس (فضائية ليبيا الأحرار)
TT

تخوفات من قرب نفاد القمح في ليبيا

ليبي يقتني بضاعته داخل أحد المخابز بطرابلس (فضائية ليبيا الأحرار)
ليبي يقتني بضاعته داخل أحد المخابز بطرابلس (فضائية ليبيا الأحرار)

وسط تحذيرات نقابة الخبازين في ليبيا من قرب نفاد مخزون القمح بالبلاد، تصاعدت أزمة ارتفاع الأسعار بالبلاد، ومنها أسعار الخبز وبعض السلع التموينية والغذائية، في ظل مطالبة المواطنين حكومة «الوحدة الوطنية»، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، بسرعة التدخل لتدارك الأمر.
وأبدى رئيس نقابة الخبازين، أبو خريص محمد، تخوفه من تناقص كميات القمح المتوفرة في مخازن الدولة، وقال في تصريحات صحافية، إن الكمية «تكاد تكفي شهراً فقط، وقد سبق لنا التحدث مع المسؤولين قبل ثلاثة أعوام في هذا الأمر، وطالبنا بضرورة العمل على توفير مخزون استراتيجي».
وفي جولة له شملت الأسواق وبعض المخابز الأسبوع الماضي، استمع رئيس الحكومة إلى شكاوى الخبازين، واقترح على وزارة الاقتصاد حلاً للأزمة، يتمثل في دعم القمح بـ190 دولاراً للشحنة، التي تصل إلى الميناء، على أن يباع الدقيق بـ110 دنانير للخبازين، وأن تباع علبة الخبز المكونة من عشرة أرغفة بدينار. لكن هذا الحل لم يلقَ قبولاً لدى الخبازين لأنهم رأوا أن هذا المقترح لن يوصلهم إلى ثمن التكلفة الحقيقية. (الدولار يقابل 4.59 دينار في السوق الرسمية).
وقالت اللجنة العليا لمتابعة المخابز إنه في ظل ارتفاع أسعار الدقيق، بالإضافة إلى مواد التشغيل من عمالة وخميرة ومعدات وأشغال صيانة، لا يمكن الإبقاء على سعر الخبر، أو وزنه كما كان في السابق، مشيرة إلى أنها طالبت وزارة الاقتصاد «بتثبيت أسعار المواد المستخدمة في صناعة الخبز، وتشكيل لجنة لتسعيرة الخبز، وفقاً للأسعار الموجودة في السوق ولم نجد إلا الوعود».
ولم تعرف ليبيا أزمة خبز خلال عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، إذ كان يباع 20 رغيفاً بدينار واحد. لكن بعد ذلك تراجع العدد إلى أربعة، قبل توحيد سعر الصرف في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ثم تراجع إلى ثلاثة أرغفة مقابل دينار واحد، بعد ارتفاع سعر الدقيق.
ووفقاً لأبوخريص، فإن وزارة الاقتصاد حددت سعر الرغيف، عندما كان ثمن قنطار الدقيق لا يتجاوز 140 ديناراً، بينما ارتفع ثمنه الحالي لدى التجار ليصل إلى 225 ديناراً، «لذا فإن الخبازين يوفرون احتياجاتهم من الدقيق من التجار»، وهو ما يدفع إلى ارتفاع أسعار الخبز ونقص وزنه.
وأوضح أبو خريص في تصريحات لفضائية «ليبيا الأحرار»، أنهم اتفقوا مع وزارة الاقتصاد على تكليف لجنة لدراسة تكاليف رغيف الخبز، لافتاً إلى أنهم استهدفوا 120 مخبزاً، وخلصوا إلى نتائج عدة سيقدمونها اليوم إلى الحكومة للخروج بحل لعدم توفر القمح.
وكان وزير الاقتصاد والتجارة، محمد الحويج، قد قرر تحديد أسعار بعض السلع، ومنها قنطار الدقيق للمخابز بـ190 ديناراً، وسعر كيلو الدقيق المنزلي بدينارين، لكن في ظل ارتفاع تكلفة الخبز تراجع عن القرار، الذي كان قد شمل أيضاً تحديد سعر والسكر والأرز والبندورة المعلبة، مكتفياً بإعداد نشرة أسبوعية تتضمن رصد ومتابعة أسعار السلع الموردة بالسوق المحلية.
في شأن مختلف، خصصت وزارة الشؤون الاجتماعية 500 منحة لتيسير زواج أصحاب «القدرات الخاصة»، وأبناء الرعاية الاجتماعية، وأوضحت في بيان مساء أول من أمس، أن المنحة الواحدة ستكون بـ50 ألف دينار، وستُصرف بالتعاون مع صندوق الزواج.
ولفتت الوزارة إلى عدم التقيُّد بتاريخ عقد الزواج في صرف هذه المنح، على أن تُصرف قيمتها إذا كان أحد الزوجين من ذوي «القدرات الخاصة» أو كلاهما، بجانب إذا كان أحد الزوجين أو كلاهما من أبناء الرعاية الاجتماعية.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.