إيهاب توفيق... العودة بعد تتالي اللوعات

يطلق أغنية «إنت اختياري»

إيهاب توفيق والإصرار على العودة من الغياب
إيهاب توفيق والإصرار على العودة من الغياب
TT

إيهاب توفيق... العودة بعد تتالي اللوعات

إيهاب توفيق والإصرار على العودة من الغياب
إيهاب توفيق والإصرار على العودة من الغياب

حمل الولد الوحيد إيهاب أحمد توفيق ندبة الحياة منذ الصغر. ترافقه منعطفات درامية تمعن في عجنه وتقطيع روحه، منذ بدايات مشاغبات الصبا إلى النضج وتحمل المسؤولية. يبتعد ويحاول أن يعود، بأحمال وأثقال يخبئها في الذاكرة ويحاول ألا تفيض فتؤلم. آخر الإصدارات، أغنية «إنت اختياري» من جو الصيف وانتعاش البحر. كلما أراد العودة، لمح تحت القدمين سلاسل تشاء جره إلى الخلف، لكنه يعاندها ويتقدم. مرات، لا تحدث الخطوة الخضة المنتظرة، كلآلئ تسعينات القرن الماضي: «سحراني ليل ونهار»، «عدى الليل»، «تترجى فيا»... وزغاريد تتمايل على قراميد القلب.
تصنعه الجراح وتدك بمطارقها روحه. كان تلميذاً على صفوف الدراسة، لم يتدرب بعد على الأحزان حين هجم الموت واختطف شقيقه. ارتفعت حرارته، فهرعت به العائلة إلى المستشفى، لكن قهقهات الفراق صدحت، ليتذوق إيهاب المراهق مرارة الفقد. هذه القهقهات الساخرة نفسها، أعادت زيارته. راحت تتربص خلف أحلامه للانقضاض على أجملها. ظل يغني والتربص قائم، وحين يشعر به على مسافة قريبة منه، يتراجع. العودة والتراجع أخذا الكثير منه.
عادة الجماهير النسيان واستبعاد الغائب من الصفوف الأولى. إيهاب توفيق كلما أرغم على الغياب، طرأ ما يعيد أخباره إلى ناسه. لم تهدأ مطرقة القدر. فالابن الوحيد بعد رحيل الأخ، وجد نفسه بين أبوين يحتاجان إليه. استأذن الفنان الوقت وطلب منه فترات استراحة. ترغم الحياة المرء على الاختيار بين المسائل وتلعبه على أصابع المفاضلة. ليس لك أن تحصل على كل شيء، يقول الوقت لإيهاب توفيق الذي يختار بر الوالدين. قد تعوض الأيام ما فات من فن، وتعبر المحن فيعود الإنسان إلى نشاطه. استحقاق الأهل لا يحتمل التأجيل.
يكتب له محمد الرفاعي، ويلحن، كلمات تشبهه: «في حاجات كتير في حياتي كانت مش عادية». أغنية «إنت اختياري» بعض من نفسه. يغنيها كرد اعتبار للوقت الضائع. تشاركه الفنانة الجزائرية كاميليا ورد بطولة الفيديو كليب المصور في الإمارات بعد تأجيل إلى الخريف. الجو ترفيهي والأغنية لطيفة، من دون أن ترتفع إلى مرتبة الروعة. يمنح المخرج عادل سرحان المشهد شيئاً من حاجة إيهاب توفيق إلى التعويض. ليس الكليب استثنائياً بمعنى فرادة الفكرة ودهشة التنفيذ. هو لحظة صيفية تمر من دون إزعاج: امرأة في بركة سباحة ورجل يحوم حولها بإعجاب. ثم يتنزهان في السيارة على الطرقات البعيدة. يحل الليل، فتحلو أضواء السهر. الفنان يغني والصبية تبتسم له. شرارات الحب.
كان رائعاً حين أطل في «The Masked singer إنت مين» «إم بي سي» وجمل الأمسية بأرشيف ذهبي. مر شريط كامل من أغنيات لم تغادرنا. إيهاب توفيق فنان من الكبار، عتبه على الزمن الغادر. تتالي الضربات يهد أعتى الجبال. يوم مرضت والدته، وجد نفسه مصغياً إلى ضمير يدعوه ليساند ويساعد. رافقها على درب العلاج وتفرغ لآلامها. ترحل الأم فتترك في الابن لوعة أبدية. ونوع إيهاب توفيق معتاد على التلوع. مرة بفقد الأخ وهو لا يزال في الثانية عشرة من عمره، ومرة بولادة توأميه مع مشاكل في الأمعاء والدم. دربه طويل من مستشفى إلى آخر. عالجهما وأعاد لهما الحياة، فأعادا له الابتسامات التائهة.
تطير الفرحة مرة أخرى وتحلق بعيداً. يعيش الإنسان عمراً بأكمله بوهم أنه ليس بخير، إلى أن تقع مصيبة فتتغير معايير السعادة والتعاسة. ذات يوم، حلت الفاجعة. ماس كهربائي ضرب مدفأة، فاندلع حريق خطف روح الأب. منذ وقوع المصاب، وإيهاب توفيق معصور بسواد داخلي. يحاول إزاحة ثقله عن صدره، كما تزاح الحجارة الصلبة عن غرسة. لذلك يطل في أغنية ثم يغيب. يطل في حفل. في إحياء عرس. في برنامج وحوار. يترك حضوراً ثم يغادر.
ويعود مجدداً في أغنية، لعلها تخفف غصة القلب. وهو كتلة نازفة تخفق للألم. اختناق الأب في شقته، خنق أفراحاً في داخله. ومع ذلك، لم يتنازل عن رسالة الفنان في الأفراح وصناعة البهجة. «ألاقي مين من بعدك يسأل علي»، يدندن للأب المغادر. تتمرد الضحكات في الأعماق الإنسانية المصرة على السعادة، فإذا بوحشية الحياة تلجم تمردها. تقلم أظفارها فتصبح ضحكات خافتة. تطل كشعاع في الصقيع، فتخترقه من دون أن تمنحه طبيعتها المضيئة والدافئة. يبقى هو المسيطر. هي حالة اختراق فقط.
مرض والدته الشديد قبل وفاتها، ورحيل والده المفجع، يحملهما الابن الوحيد بعد موت الأخ كالأوسمة على صدر مقاتل عائد من شراسة المعركة. تحدث مرة عن رغبة آخرين بإبقائه خارج الساحة، «علشان ما أعملهومش مزاحمة وقلق». ولمح إلى «مؤامرة» تحاك ضده لإقصائه وإبعاده. ومرة سابقة، ألقى اللوم على «الكسل» لتحكمه في أمزجته وقراراته. فوراء الاختفاء رجل متقلب، لا يرسو على ثبات دائم. حين يعود لا يضمن عودته وحين يغيب لا يضمن غيابه. هو بين العودة والغياب، قدم هنا وقدم هناك، إلى أن غنى «إنت اختياري» كحاجة للقاء القدمين. التوفيق لإيهاب توفيق.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.