«منتدى أصيلة» يعلن اعتزامه تمديد أنشطته على طول السنة

«منتدى أصيلة» يعلن اعتزامه تمديد أنشطته على طول السنة
TT

«منتدى أصيلة» يعلن اعتزامه تمديد أنشطته على طول السنة

«منتدى أصيلة» يعلن اعتزامه تمديد أنشطته على طول السنة

ضرب محمد بن عيسى، أمين عام مؤسسة «منتدى أصيلة»، مساء أول من أمس، موعداً لجمهور موسم أصيلة الثقافي الدولي في دورته الـمقبلة، في فصل الربيع، الذي من المنتظر أن يشهد تنظيم فعالية ثقافية تتمحور حول الشِّعر والفنون الشعبية، تُضاف إلى دورتي الصيف والخريف.
وقال ابن عيسى، في حفل اختتام الدورة الخريفية لموسم الـ42. عن الدورة المقبلة: «نعم، سننظم الموسم المقبل. ربما موسمان، بل ربما ثلاثة مواسم: موسم الصيف ويخصص للفنون الجميلة والموسيقى والغناء، وموسم الخريف الذي تستضيف فيه جامعة المعتمد بن عباد الندوات المعروفة والفنون التشكيلية، فيما نفكر في تنظيم موسم ثالث في الربيع مستوحى من وجهٍ أراه وأنشرح، هو وجه قاسم حداد الشاعر العربي الكبير. لماذا لا ننظم موسماً خاصاً بالشِّعر في الربيع، نضيف إليه الفنون التقليدية والمحترفات الشعبية؟ موسم يتمحور حول الشِّعر مع بعض الموسيقى والفنون الشعبية».
ابن عيسى، الذي بدا منشرحاً وهو يتحدث عن الموسم ونجاحاته، قال مخاطباً الحضور: «أملي أن تبقى أصيلة قبلة للمفكرين والمبدعين والأدباء والمتطلعين إلى حياة أجمل وأفضل».
وبدأ ابن عيسى كلمته، بالتشديد على أنّ محطة ختام الموسم الـ42 «فيها شيء من الأمل لأنّها محطة وداع»، قبل أن يستدرك بأنّ «في الوداع الأمل أن يكون هناك لقاء».
وعبّر ابن عيسى بهذه المناسبة، أولاً عن الشكر والامتنان الخالص للملك محمد السادس على دعمه ومؤازرته ورعايته السامية منذ 42 سنة، سنة بعد أخرى.
وشدد على القول إنّ عاهل البلاد «كان دائماً في عون المؤسسة وفي عون الموسم وفي عون أصيلة، كما هو في عون كل بلاد المغرب وكل الشعب المغربي». كما توجه ابن عيسى بالشكر إلى السلطات المحلية والمجلس البلدي، على جهودهما لإنجاح التظاهرة.
وتحدث ابن عيسى عن الموسم في دورته الـ42، فقال إنه «كان موسماً استثنائياً»، سواء من ناحية الزمان أو من ناحية المضمون.
فمن ناحية الزمان، قال بن عيسى إنّ التحدي كان كبيراً أن يتم التنظيم في شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، خارج فترة الصيف الذي جرت العادة أن يُنظَّم فيها أغلب المهرجانات والفعاليات الثقافية والفنية في المغرب. فيما كان الرهان الثاني على المضمون، الذي أظهر حسب كثيرين -يضيف ابن عيسى- أنّه كان هناك أكثر من الجرأة، كانت هناك شجاعة في إثارة بعض المواضيع في جامعة «المعتمد بن عباد»، بمشاركة فاعلين آراؤهم معروفة، وكذا بتكريم شخص لم يُعترف له كما يجب بما قدمه لبلادنا وللصحافة وللإعلام المغربي، هو محمد البريني.
وزاد ابن عيسى أنّه «كانت هناك رهانات، نجحت كلها». وتحدث، في هذا الصدد، عن حجم التغطية الإعلامية لفعاليات الموسم في دورة هذه السنة، بشكل يؤكد -حسب قوله- أنّ «الصوت واصل».
وتحدث ابن عيسى عن زوار أصيلة، فقال إنهم «كانوا منبهرين بما تحقق في أصيلة في العامين الأخيرين. هناك دينامية وأوراش دافعة. وهذا ما تعرفه بلادنا بشكل عام، من خلال عشرات الأوراش في مختلف مجالات التنمية. موسم أصيلة هو جزء من حركية التنمية من زاوية الإبداع والفن والثقافة عموماً». وتابع مشدداّ على أنّ «كل شيء مر في أروع ما يمكن، عربوناً عن صورة بلادنا التي تتمتع بالأمن والاستقرار والدينامية التنموية».
وهنأ سكان أصيلة بما تحقق وبما سيتحقق، وشكرهم. وقال إنه «من دون سكان أصيلة، نساءً ورجالاً، لن يكون هناك موسم. لأنّ التأطير المعنوي بالحب والابتسامة في الشارع وبتقديم الخدمات، يمثل ثروة كبيرة. للعنصر البشري دور كبير في استقطاب أي حدث».
وبخصوص جوائز هذا العام التي تُخصَّص للأهالي، قال إنها محدودة لأن إمكانيات الموسم في دورة هذه السنة كانت محدودة. وذهبت جائزة الأم المثالية إلى السيدة مليكة خرشيش، وجائزة المرأة العاملة المميزة إلى السيدة عائشة السوسي، فيما تقاسم جائزة البيئة حيان من أحياء المدينة، أما جائزة جمعية السنة، فذهبت إلى «جمعية المنتدى المتوسطي للشباب»، وتسلمها منسقها ياسين إيصبويا.
وتُوّج ثلاثة فائزين في مشاغل التعبير الأدبي وكتابة الطفل. يتعلق الأمر بـ«جائزة الإصرار» للطفلة المبدعة خولة طلحاوي، و«جائزة الخيال» للطفلة المبدعة بسمة أطاع الله، و«جائزة اللغة والأسلوب» للطفل المبدع طه الغربي.
وأسدل ابن عيسى الستار على فعالية موسم أصيلة الثقافي الدولي الـ42 بقراءة نص برقية شكر وامتنان رفعها إلى الملك محمد السادس على عنايته ودعمه الموصول لموسم أصيلة الثقافي الدولي.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».