الدبيبة يقدم إقرار الذمة المالية وتوقعات بترشحه للرئاسة

واشنطن تتخوف من تولي متورط في«جرائم ضد الإنسانية» حكم ليبيا

عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة الليبية في جولة لتفقد عدد من مستشفيات طرابلس (المكتب الإعلامي للحكومة)
عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة الليبية في جولة لتفقد عدد من مستشفيات طرابلس (المكتب الإعلامي للحكومة)
TT

الدبيبة يقدم إقرار الذمة المالية وتوقعات بترشحه للرئاسة

عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة الليبية في جولة لتفقد عدد من مستشفيات طرابلس (المكتب الإعلامي للحكومة)
عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة الليبية في جولة لتفقد عدد من مستشفيات طرابلس (المكتب الإعلامي للحكومة)

في خطوة توحي باستعداده لخوض غمار الانتخابات الرئاسية المُرتقبة، قدم عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» في ليبيا، إقرار الذمة المالية الخاص به وبأفراد عائلته، إلى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، بينما أكدت واشنطن عدم تبنيها موقفاً من المرشحين المحتملين في الاستحقاق الليبي، لكنها عبرت عن تخوفها من أن «يصبح مرشح متورط في (جرائم ضد الإنسانية) رئيساً للبلاد»، في تصريح رآه البعض يستهدف سيف الإسلام القذافي المتهم من المحكمة الجنائية الدولية بمثل هذه الجرائم.
وانشغلت الأوساط السياسية في ليبيا على مدار اليومين الماضيين، بمدى إمكانية انخراط الدبيبة في العملية الانتخابية، وفرص تعديل المادة (12) من قانون الانتخابات الرئاسية؛ وتزايدت التوقعات حول ذلك بعدما كشف نعمان الشيخ رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، بأن الدبيبة قدم إقراراً بالذمة المالية له ولجميع أفراد عائلته.
وتناقلت وسائل إعلام محلية أنباء تفيد بأن الدبيبة سيقدم ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية اليوم أو غداً، إلى المفوضية العليا للانتخابات، لكن مكتبه لم ينف أو يؤكد صحة هذه الأنباء، بينما نقلت تلك الوسائل عن عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي، ترجيحه تعديل المادة (12) محل الجدل خلال جلسة برلمانية مقبلة، وتبنيه تأجيل الانتخابات 3 أشهر لإعطاء الفرصة للدبيبة وخالد شكشك رئيس ديوان المحاسبة، وخالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة، للترشح، وهو ما نفاه جُل النواب المنتمين لشرق ليبيا.
وسبق للدبيبة القول في تجمع شبابي منتصف الأسبوع الماضي، بطرابلس: «إن قرار ترشحه للانتخابات المقبلة سيكون بيد الشعب فقط»، وطرح تساؤلاً على الحضور: «هل تريدونني أن أخوض هذه الانتخابات أم لا؟»، متابعاً: «أنتم من سأستشير، وفي اللحظة الحاسمة سوف أعلن موقفي من هذه الانتخابات».
ووسط حراك داخلي متصاعد، وسعي أنصار الدبيبة لجمع 5 آلاف تزكية من المواطنين لترشحه، يدفع المجتمع الدولي لإنجاز هذا الاستحقاق في موعده بالرابع والعشرين من الشهر المقبل، رغم قول البعض بأن هذا الموعد سياسي وليس قانونياً، ما يعني أن في الإمكان تعديله.
وذهبت الولايات المتحدة إلى القول على لسان وزارة خارجيتها إن «الليبيين سيحددون من سيلعب دوراً في مستقبل البلاد»، لكنها قالت في تغريدات نشرها حساب قناة «الحرة» الأميركية عبر موقع «تويتر»، إنها «تشارك الكثير من الليبيين مخاوفهم من أن يصبح مرشح متورط في (جرائم ضد الإنسانية) رئيساً لهم»، إشارة ضمنية يعتقد البعض أنها تستهدف سيف القذافي، لكن السياسي والصحافي الليبي الدكتور مصطفى الفيتوري، الذي سبق وحضر محاكمة سيف مراقباً مستقلاً بالمحكمة الجنائية الدولية، قال: «هذا كلام عام لم يُشر فيه صراحة إلى مرشح بعينه، وربما يُقصد به سيف الإسلام، أو الجنرال خليفة حفتر». وأضاف الفيتوري في حديث إلى «الشرق الأوسط» «أعتقد أن الأميركيين يدركون من هو التيار الذي لديه حظوظ للفوز بالانتخابات في ليبيا، هذا فضلاً عن أن الخارجية الأميركية تعتبر الانتخابات موضوعاً ليبياً ليست لهم علاقة به. لديهم استعداد للتعامل من أي شخص ينجح في الانتخابات سواء متهم بجرائم أو غير متهم».
في غضون ذلك، مدت المفوضية العليا للانتخابات ساعات العمل اليومي بمراكز توزيع بطاقة الناخب بواقع ساعتين إضافيتين، بسبب زيادة الإقبال عليها، من الناخبين لتسلم بطاقاتهم. وقالت في تصريح صحافي أمس: «قررنا مد فترة العمل من الـ12 ظهراً وحتى الـ6 مساءً بالتوقيت المحلي بهدف تمكين جميع الناخبين من تسلم بطاقاتهم وفق أفضل الظروف، خصوصاً مع المؤشرات التي أظهرت تزايداً في المتوسط اليومي لعدد البطاقات التي تم توزيعها».
وفي شأن آخر، تفقد رئيس حكومة عدداً من المستشفيات بمدينة طرابلس صباح أمس، لمتابعة أوضاعها والوقوف على المشاكل والصعوبات التي تواجهها، واستمع خلال الزيارة إلى الأطباء والممرضين، لا سيما مع مطالبهم بزيادة رواتبهم ودخول غالبيتهم في إضراب عن العمل.
وأكد الدبيبة أن الاهتمام بالعاملين بقطاع الصحة ضرورة ملحة، وأصدر تعليماته لوكيل وزارة الصحة بعقد سلسلة اجتماعات لمعالجة الصعوبات التي يعاني منها القطاع.
من جانبها، التقت وزيرة الخارجية والتعاون الدولي نجلاء المنقوش، في المنامة أمس، نظيرها البحريني الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، على خلفية مشاركتها في أعمال الدورة السابعة عشرة لمؤتمر حوار المنامة.
وبحثت المنقوش بحسب بيان لوزارة الخارجية الليبية أمس، مسار العلاقات بين ليبيا ومملكة البحرين، وما تشهده من تطور ونمو، كما تمت مناقشة التطورات والمستجدات على الساحة الليبية، والجهود التي تُبذل لتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».