«ورقة عمل» للمعارضة السورية اليوم بمواجهة الوفد الحكومي في موسكو.. ومطالب بعقد «جنيف 3»

تقديم «المعاناة الإنسانية» على بند «أسس العملية السياسية»

«ورقة عمل» للمعارضة السورية اليوم بمواجهة الوفد الحكومي في موسكو.. ومطالب بعقد «جنيف 3»
TT

«ورقة عمل» للمعارضة السورية اليوم بمواجهة الوفد الحكومي في موسكو.. ومطالب بعقد «جنيف 3»

«ورقة عمل» للمعارضة السورية اليوم بمواجهة الوفد الحكومي في موسكو.. ومطالب بعقد «جنيف 3»

تواصل النقاش وراء الأبواب المغلقة في موسكو أمس بين ممثلي الفصائل السورية المعارضة وسط أجواء سادها كثير من التوتر والشكوك تجاه ما يمكن أن يسفر عنه اللقاء المرتقب مع الوفد الحكومي السوري. وفي تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» قال الدكتور قدري جميل القيادي في جبهة التغيير والتحرير وأمين حزب الإرادة الشعبية، إن «الجدل الذي احتدم حول ترتيب نقاط جدول الأعمال لم يدم طويلا؛ حيث اتفق الحاضرون على الترتيب المطروح من جانب مدير اللقاء البروفسور فيتالي نعومكين مع تغيير بسيط نص على تقديم النقطة الخامسة، حول الخطوات التي يجب على كل الأطراف اتخاذها لتحقيق التقدم على طريق الهدنة الوطنية وتسوية الأزمة»، لتسبق النقطة الرابعة حول «أسس العملية السياسية، بما في ذلك بيان جنيف (30 يونيو/ حزيران - 2012)، فضلا عن إعادة الصياغة التي لم تتضمن تغيير المضمون بقدر ما كانت التعديلات تتعلق بالشكل».
وتطرقت اجتماعات أمس إلى إعداد ورقة عمل مشتركة تتضمن صيغة موحدة تكون أساسا لمواقف المعارضة لدى لقائها المرتقب اليوم مع الوفد الحكومي الذي وصل إلى موسكو أمس برئاسة بشار الجعفري المندوب الدائم لسوريا لدى مجلس الأمن، والذي كان ترأس الوفد الحكومي السوري في مباحثاته مع المعارضة في موسكو في يناير (كانون الثاني) الماضي.. وإن كشفت مصادر المعارضة عن أنه لا أمل كبيرا يراودها تجاه احتمالات الاتفاق معه.
وكان عدد من رموز المعارضة انضموا إلى قوام الوفود المشاركة في وقت متأخر من مساء أمس، ومنهم حسن عبد العظيم المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية الذي وصل من الإمارات العربية مساء أول من أمس، مع كل من محمد حبش وخالد محاميد والتحقوا بالجلسة المسائية. وقالت مصادر سورية قريبة من المباحثات إن «حسن عبد العظيم رفض بشدة أي مناقشة للبند الخاص بمسألة أسس العملية السياسية وفقا لبيان جنيف أو اعتبار بيان جنيف أحد المحددات، وطرح تأجيل الحديث حول هذا الشأن». وكانت الجلسة الأولى شهدت «توافق معظم الحاضرين على أهمية إقرار البند المتعلق بأسس العملية السياسية وبيان جنيف وضرورة تفسير الغموض فيه، خصوصا في الفقرة المتعلقة بالجسم الانتقالي. ولكن هيئة التنسيق رفضت كامل البند ولم تقبل به، واقترحت استبدال بحث الكارثة الإنسانية في سوريا به، ولكن تم تجاوز النقاش بإعادة البند كما هو حول مناقشة أسس العملية السياسية بما فيها مواد إعلان جنيف».
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قال الدكتور قدري جميل إن مشاورات «موسكو2» تبدو قريبة من الدعوة إلى عقد «جنيف3». وأضاف أن المشاورات في سبيلها إلى إعداد «ورقة عمل» مشتركة، وصياغة رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة يطالبونه فيها بالدعوة إلى عقد «جنيف3» استنادا إلى بنود بيان «جنيف1».
وكان سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية عاد في مؤتمره الصحافي المشترك الذي عقده مع وزير الخارجية الصيني فان يي، ليؤكد على ضرورة التوصل إلى حلول سياسية للأزمة السورية استنادا إلى بيان «جنيف1».
وقالت وزارة الخارجية الروسية أمس الثلاثاء إن ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية، المبعوث الشخصي للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا، بحث هاتفيا مع حسين أمير عبد اللهيان مساعد وزير الخارجية الإيراني الأوضاع في سوريا واليمن، وإن المكالمة أتت بمبادرة من الجانب الإيراني و«جرى خلالها تبادل وجهات النظر حيال تطورات الأوضاع في سوريا واليمن». وأضافت أن «الطرفين أكدا على موقفهما الداعي إلى تسوية سياسية عاجلة للأزمتين السورية واليمنية، من خلال حوار وطني شامل بمشاركة كل الأطراف السياسية والإثنية في هذين البلدين».
وقالت مصادر دبلوماسية روسية لـ«الشرق الأوسط» إنه لم يتقرر بعد ما إذا كان سيرغي لافروف سيلتقي الوفود السورية اليوم الأربعاء، كما جرت العادة إبان اجتماعات الجولة الأولى في موسكو في يناير الماضي. وأشارت المصادر إلى صعوبة استمرار مثل هذه المشاورات إلى ما لا نهاية، مؤكدة ضرورة أن تكون الجولة الحالية التي بدأت في موسكو أمس مقدمة لـ«جنيف3» أو أي صيغة من هذا القبيل، لكن استنادا إلى بنود وثيقة «جنيف1».
وكان سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي أشار في تصريحات صحافية تعليقا على بداية المشاورات السورية: «موسكو لا تضع حدودا زمنية لعملية تسوية الأزمة السورية»، فيما أكد على «ضرورة الانطلاق من الواقع في سياق هذه الجهود السلمية».
ومن اللافت أن عدد المشاركين في الجولة الثانية من مشاورات موسكو زاد على العدد الذي كان مقررا من قبل، حيث يضم اليوم ممثلي «الإدارة الذاتية في حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وجبهة التغيير، وهيئة التنسيق، وهيئة العمل الوطني الديمقراطي، إضافة إلى العشائر، والمستقلين، وبينهم عارف دليلة وريم تركماني. كما حضر ممثلو 5 أحزاب مرخصة هم مجد نيازي محمد أبو القاسم وسهير سرميني ونواف الملحم». وقالت المصادر السورية إن كلا من «صالح مسلم وخالد عيسى حضرا عن الاتحاد الديمقراطي الكردي، فيما يمثل الإدارة الذاتية أمينة أوسي من الكرد وسنحريب قانصوه من السريان وفنر القعيط». وأضافت: «اللقاء يشارك فيه أيضا إضافة لأعضاء موسكو الأول، مدعوون جدد، هم محمد رحال وعبد الناصر الهندي ولمى الأتاسي وريم تركماني وفخر زيدان».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم